جولة بين مواضيع الساعة

تحدث عادة في أحزاب التحرر القومي، وفي مراحل تاريخية معينة، تحولات إيجابية فكرية وسياسية عميقة تكفل نقاوة الحركة وتقدمها (كونفرانس الخامس من أغسطس/آب 1965) كمثال من جانب آخر، وفي ظل الحوكمة الديمقراطية تظهر تنظيمات وأحزاب في ظروف طبيعية تلبّي حاجات الناس، وبالعكس تماماً فإن السلطات الديكتاتورية الاستبدادية الحاكمة -كما هو الحال في بلادنا ومناطقنا- لا تنتج إلا ما يماثلها إن كانت موالية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/18 الساعة 01:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/18 الساعة 01:28 بتوقيت غرينتش

"1"

تحدث عادة في أحزاب التحرر القومي، وفي مراحل تاريخية معينة، تحولات إيجابية فكرية وسياسية عميقة تكفل نقاوة الحركة وتقدمها (كونفرانس الخامس من أغسطس/آب 1965) كمثال من جانب آخر، وفي ظل الحوكمة الديمقراطية تظهر تنظيمات وأحزاب في ظروف طبيعية تلبّي حاجات الناس، وبالعكس تماماً فإن السلطات الديكتاتورية الاستبدادية الحاكمة -كما هو الحال في بلادنا ومناطقنا- لا تنتج إلا ما يماثلها إن كانت موالية.

وفي كل الأحوال فإن ظاهرة توالد الأسماء الحزبية الجديدة في الساحة الكردية السورية، ومع كل الملاحظات السابقة، هي بمثابة مؤشر إلى عدم قناعة الأوساط الشعبية ونخبها بما هو قائم من أحزاب سلطوية وخارجها، وبعبارات أوضح بحثها عن بدائل لأحزاب كل من (ب ك ك والانكسي) لملء الفراغ القومي والوطني، وإعادة بناء الحركة الكردية السورية التي ستنجز عبر المؤتمر القومي – الوطني الجامع.

"2"

ما نفهمه من ظاهرة تكاثر حالات الإعلان عن أحزاب في الساحة الكردية السورية:

1 – أنها بغالبيتها جديدة شكلاً ومشابهة لمثيلاتها القائمة مضموناً.
2 – أنها مرضية عنها من سلطة الأمر الواقع إن لم تكن من وراء إعلانها بالأساس.
3 – ليست مرفوضة من جانب أحزاب المجلس، إن لم تكن مشجعة لها للانضمام إليها.
4 – سلطة نظام الاستبداد ومنذ عقود وكاستراتيجية وراء تفريخ الكتل المنشقة والتنظيمات الوهمية بأسماء جديدة.
5 – رضا كل تلك الأحزاب والنظام ينبع من رغبة قطع الطريق على ظهور أية حركة بديلة متجددة ومتجذرة تتجاوز السيستم الحزبوي، وصولاً إلى إعادة بناء الحركة الوطنية الكردية السورية على أسس وقواعد ومفاهيم قومية ووطنية، تصب في مجرى النضال الديمقراطي الثوري التغييري السوري، وهو ما يلبّي طموحات الغالبية الساحقة من الوطنيين الكرد ومستقلّيهم وشبابهم ومنظمات مجتمعهم المدني.

"3"

بشأن اللغط الحاصل حول زيارة وفد كتل الأحزاب الثلاثة في برلمان كردستان العراق إلى القامشلي؛ للمشاركة في مراقبة انتخابات (الإدارة الذاتية لسلطة الأمر الواقع التابعة لـ"ب ي د") أقول للمتفاجئين: إن الأحزاب الكردستانية في الإقليم تقرر وتسير وفق اجتهاداتها في تقدير مصالحها، وليس انطلاقاً من مصالح ورؤى كرد الأجزاء الأخرى وأحزابهم في وضع تفتقر فيه الحركة التحررية الكردية في المنطقة إلى إطار يجمعها ويحدد الضوابط والخطوط الحمر، ثم إن برلمان الإقليم بكل كتلها الحزبية كان قد اعترف بـ (الإدارة الذاتية) منذ معركة (كوباني – عين العرب)، واستتباعاً نسأل أحزاب (المجلس الكردي): هل لديكم وثيقة رسمية موقّعة للعمل المشترك وحدود التعاون وشروطه مع أي حزب كردي في العراق؟

وأخيراً نقول: من أبرز أهداف مشروع إعادة بناء حركتنا كما طرحها "بزاف" هو صيانة شخصية شعبنا الكردي السوري وقراره المستقل، وبناء العلاقات القومية على أسس ديمقراطية جديدة.

"4"

حتى الآن وكما هو منشور بخصوص جنيف 8 فإن وثيقة المبعوث دي ميستورا ذات الاثني عشر بنداً أقرب إلى موقف النظام، وبالرغم من ذلك قد يعترض في رده على ما فيها من بعض الإيجابيات الطفيفة.

أما رد "الهيئة التفاوضية" فلا يختلف عن بيان الرياض 2 ويتعارض في عدة بنود مع وثيقة المبعوث الأممي، وفي حين يتضمن الحفاظ على كل مؤسسات الدولة، أي النظام، يدعو إلى إصلاح الجيش ويعترف بوجود مكونات كردية وتركمانية ومسيحية وحقوقها من دون تحديد مع "اجترارات" بلا معنى حول الكرد، مثل اعتبار قضيتهم سورية! ومن دون توضيح بشأن مستحقاتهم، ويختار تسمية سوريا بدلاً من الاسم الرسمي، ويتفق مع أطروحات النظام حول اللامركزية الإدارية، وبالمحصلة هناك إجحاف أممي بحق السوريين وتراجع (معارضاتي) عن مبادئ تخص البلاد والكرد التزمت بها الثورة وسيكون (آتي النظام أفظع)، حسب كل التوقعات.

"5"

"بيان إلى الشعب السوري "المنشور قبل أيام الذي استأثر باهتمام المئات من الوطنيين السوريين؛ نظراً لمضمونه الذي يستجيب لتطلعات الغالبية الساحقة من المؤمنين بالثورة والتغيير، وقد صدر في أجواء مؤتمر الرياض 2؛ حيث جاء فيه:

"لقد أدت الضغوط الدولية والإقليمية إلى تشكيل هيئة جديدة للتفاوض لا تمثل في تكوينها ولا في رؤيتها السياسية أهداف الثورة السورية".

وقد نتفق -نحن الوطنيين المستقلين- مع نص البيان، ولكن ما هو مستغرب أن يوقع على البيان أعضاء ومتنفذون في (الكيانين إضافة إلى الهيئة التفاوضية) منذ أعوام وحتى قبل انعقاد الرياض 2، ويتحملون مسؤولية التراجعات والانحراف عن الثورة، ولم يراجعوا مواقفهم، ولم يمارسوا النقد الذاتي، ولم يعتذروا للشعب السوري، وهذا ما يثير الريبة حول احتمال أن لدى هؤلاء نيات لخدمة أحد المحاور العربية – الإقليمية الرسمية ضد آخر، والمضي في النهج السابق الذي جلب الهزيمة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد