أن تقرر ألا تكتفي بما يصدره الإعلام المصري حين تود أن تتعرف على واقع أبناء المحروسة وتتألم لمصابهم وحياتهم البئيسة، آنذاك ستكون أمام مشاهد وقصص مؤلمة قاسية تجعلك تقف على تماس مع المعاناة الحقيقية التي يأبى إعلام نظام "السيسي" الجهر بها، وبالتالي مواجهة الأمر الواقع "بشجاعة" تظل آخر ما يمكن أن ينسب لهذا النظام من صفات.
حين تتعرف على الشعب المصري "المغيب" عن الواجهة كي لا يفضح ويفصح عن "بواطن الأمور" ستتساءل بمنتهى الأمانة، عن أي شعب آخر يتحدث هذا النظام الممتهن لشتى أنواع الإجرام؟ ومن أعطاه حق الحديث باسمه بكل هذه "الصفاقة"؟
الشعب الأصيل "الغلبان" الذي يكابد أبناؤه من أجل "تحرير" فلذات أكبادهم من مقصلة التعذيب والقتل، هذا عن الذين يعلمون أماكن وجودهم "تحت الأرض" بعد شهور وسنوات من البحث والتقصي في زمن "الاختفاء القسري" ذلك الغول الذي يفترس أبناء المحروسة الواحد تلو الآخر دون أي ذنب أو جرم يعاقَبون عليه بكل تلك البشاعة والفظاعة.
يبدو الحديث عن العائلات التي ابتليت كما ابتلي الوطن بهذه "العصابات" مثيرا للاستفزاز وأنت تسمع قصص متشابهة عن أناس يبحثون عن "لمة الأسرة" المفتقدة ذات يوم مشؤوم، من عائلة "إسراء الطويل" إلى "إسلام خليل" و"مها مكاوي" زوجة "أشرف شحاتة" و"هشام جعفر".. كل هؤلاء الذين ليسوا سوى غيض من فيض ما يعترض العائلات المصرية من جحيم وظلم وقهر يجعل المرء في وضع مساءلة مع ضميره، كيف تستطيع جحافل الإعلاميين في المحروسة أن تنام مطمئنة البال وهي صامتة ساكتة على هذا الوضع المخزي الكارثي؟ كيف يتوددون لهؤلاء المجرمين تحت عبارات "سعادة الوزير" و"فخامة الرئيس"؟
من العار ونحن نعاين هذا "المسار" المتشح بالأحمر ودماء المصريين وآهاتهم، أن نتجاهل هذه الحقيقة ونكتفي بلعب دور "الكومبارس الصامت"، والدليل أن قائمة الضحايا ما عادت تقتصر على أبناء البلد، فها هو الشاب الإيطالي "جوليو ريجيني" يدفع ثمن زياراته المتكررة للمحروسة بعد أن تم العثور على جثته وعليها آثار تعذيب بعد اختفائه في ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير، والمضحك أن لجنة التحقيق {المسرحية} تضم محقِّقًا مدانًا بالأساس في قضية "تعذيب" سابقة بالإسكندرية، ليستمر "الاستخفاف الممنهج" بالعقول "كعقيدة" متبعة من لدن هؤلاء الذين يتخذون من دماء الأبرياء الطريق الأمثل للبقاء أطول فترة ممكنة في الحكم، لكن ما يغيب عن هؤلاء أن التاريخ حافل بالعبر والدروس ولو دامت لغيرك لما آلت إليك.. اللبيب من الإشارة يفهم..
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.