مملكة الحزب الواحد

الوريث العظيم هكذا خاطبت نشرة إخبارية الشعب الكوري الشمالي على شاشة التلفزيون الرسمي، بعد إعلان توريث رئاسة كوريا الشمالية لكيم جونغ أون سنة 2011 بعد وفاة والده كيم جونغ إيل، فطريقة الحكم في جمهورية كوريا الشمالية الشعبية الديمقراطية، التي لا علاقة لها بالديمقراطية، تعتمد على ديكتاتورية الحزب الواحد المسيطر على جل مؤسسات الدولة تحت حكم "الجبهة الديمقراطية لإعادة توحيد الوطن

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/08 الساعة 01:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/08 الساعة 01:00 بتوقيت غرينتش

"الوريث العظيم" هكذا خاطبت نشرة إخبارية الشعب الكوري الشمالي على شاشة التلفزيون الرسمي، بعد إعلان توريث رئاسة كوريا الشمالية لكيم جونغ أون سنة 2011 بعد وفاة والده كيم جونغ إيل، فطريقة الحكم في جمهورية كوريا الشمالية الشعبية الديمقراطية، التي لا علاقة لها بالديمقراطية، تعتمد على ديكتاتورية الحزب الواحد المسيطر على جل مؤسسات الدولة تحت حكم "الجبهة الديمقراطية لإعادة توحيد الوطن"، بقيادة حزب العمال الذي يقوده الرئيس الحالي كيم جونغ أون، المعروف بجرائمه المعادية للإنسانية وفساد نظامه القمعي الاستبدادي الذي اشتهر بتعذيب وإعدام خصومه السياسيين وتلفيق تهم جاهزة لتصفيتهم، والتخلص من آرائهم المنتقدة.

النظام الجمهوري/ الملكي في كوريا الشمالية قائم على التوريث، الذي استمر منذ عهد كيم إيل سونغ، الذي حكم البلاد من سنة 1946 حتى وفاته سنة 1994، وتولى ابنه كيم جونغ إيل الحكم من بعده حتى سنة 2011، بعد أن فارق الحياة ليتقلد كيم جونغ أون مقاليد "عرش المملكة" في ظل جمهورية "شعبية" مملوكة لعائلة واحدة وحزب وحيد مسيطر على دواليب الدولة ومؤسساتها منذ أكثر من نصف قرن.

كما ينص دستور كوريا الشمالية على إلزامية النظرية "الزوتشية"، التي تعتبر عقيدة رسمية للدولة، والتي حلت محل "الماركسية اللينينية" ذات التوجه الستاليني سنة 1972 في سياق الانشقاق الصيني السوفييتي، كما أن الجيش أصبح هو القوة الرئيسية في البلاد عوض الطبقة العاملة، وينص الدستور كذلك في أكثر من فصل على أن حزب العمال هو القائد الفعلي الوحيد للأمة وممثلها في شخص قائد البلاد، في غياب تام وواضح للتعددية الحزبية وجمعيات المجتمع المدني.

الجمهورية المغلقة كما يسميها البعض أو الغامضة كما يسميها البعض الآخر، غارقة في الاستبداد والديكتاتورية، تفرض قيوداً صارمة وغير قابلة للتصديق على مواطنيها وعلى توجهاتهم في أبسط الأشياء التي تهم حياتهم الشخصية، كمنع ارتداء وبيع سراويل الجينز "الأميركية"، وتحديد قصات معينة للشعر بالنسبة للنساء.

قانون "الجمهورية" يعتبر من أغرب القوانين التي تصاغ في العالم؛ نظراً لصرامته وصعوبة تخيل تطبيقه، خصوصاً مع العولمة التي تجتاح عالمنا المعاصر، فمثلاً التحدث أو التعامل مع وسائل إعلام أجنبية يعتبر جريمة قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، كما أن خدمة الإنترنت تتوافر في أماكن محدودة تحت مراقبة الدولة، ويسمح بتصفح عدد محدود من المواقع الإلكترونية التي تقدر بـ5500 موقع، أما السفر إلى الخارج فقد يعتبر حلماً بالنسبة للمواطن الكوري الشمالي، فقانون البلاد يمنع السفر إلا لأسباب "مقنعة للحكومة"، مما يدفع الكثير من الشباب إلى الهرب والهجرة بطريقة غير شرعية إلى الجارة الصين عبر عبور الحدود البرية.

أما المعارضون والمنتقدون للسلطة وحزبها فغالباً ما يتم وضعهم في معسكرات للاعتقال يتعرضون فيها لأبشع أنواع التعذيب والتجويع والاغتصاب، إضافة إلى الأعمال والأشغال الشاقة، فبحسب التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية لسنة 2016 – 2017 فإن هناك أزيد من 120.000 شخص رهن الاحتجاز في أربعة معسكرات معروفة في البلاد، مع تعدد حوادث الاختفاء القسري وصدور إعدامات متتالية ضمن صفوف النخبة الحاكمة نفسها كحالة إعدام وزير الدفاع "هيون يونغ-شول" في أبريل/نيسان من سنة 2015 بتهمة الخيانة العظمى وعدم إبداء الولاء لزعيم البلاد والتقليل من احترامه، وتصفية "جانغ سونغ تايك"، زوج عمة الرئيس، سنة 2013، بتهمة خيانة الثورة الكورية، ومحاولة الإطاحة بالنظام الحاكم.

وتعتبر عبادة وتقديس شخصية الرئيس وأسرته أمراً عادياً في البلاد، فالركوع للتماثيل الذهبية المجسدة للزعماء الثلاثة الذين تعاقبوا على الحكم والبكاء في حضرتهم وترديد كلمات في حقهم، يعتبر ملزماً بالنسبة للأطفال في فصول الدراسة، كما أن إعلام الدعاية الرسمي يصنع روايات وأساطير حول الزعيم والمحيطين به، مما يشكل هالة من التمجيد والتطبيل، إضافة إلى اعتماد عيد ميلاد الرئيس عطلة رسمية للبلاد.

كل هذا يلخص مدى فظاعة الحكم الاستبدادي لكوريا الشمالية، ومدى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكب في كل يوم وكل ساعة، خصوصاً مع الانعدام الكلي للحريات الرئيسية والأساسية البسيطة للفرد في مملكة الحزب الواحد بقيادة "الوريث العظيم" تحت اسم مستعار "جمهورية كوريا الشمالية الديمقراطية الشعبية".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد