عزيزتي الزهراء.. لم أكن يوماً في أسوأ كوابيسي غلظةً أن تخيلت أن أفقدك في بضع لحظات، أو حتى أن أحذف رسائلنا دون أن أحولها إلى رواية تخلد ما دفنته في قلبي الآن، بينما أتتبع آثاركِ في روحي بفأس الأرق كقاتل متسلسل يبحث عن الخلاص.
أنا لن أعترف يوماً بينما أحذف رسائل قد جمعتنا في نهار قد غرب تأجج قلبي بك كعادته، بينما أمر على ذكرى لم تندمل تسألني كيف فرطت بها؟ ولماذا هذه الوحدة؟ وماذا فعلت حتى جارت المجرة على أنفاسك؟
أينما ذهبت ومكثت، خفت لونك كغريق يعذب وشحب وجه شبابك وأنت على ما أنت عليه من علّتك بها قد أصابتك العلل كلها على حداثة عمرك، تعتمر في رسائلها وقد غابت عنها، توقفت عن القراءة حتى لا تحملها قصيدة كقصيدة (العودة) إليك رغم علمك أنها لن تعود كما لم تعد فتاة إبراهيم ناجي، ولا فاطمة الملك الضليل، ولا ولادة ابن زيدون؛ لذا أنا لن أعترف يوماً أنني بغيرك وحيد تائه، ولن أعترف أنني كتمت قيظ تعودي عليك وأسررته في نفسي كفعل يوسف من إخوته.
لن أعترف أن قصائدي لا تحمل إلا سواك، وأبياتها لا ترغب إلا بك، ولا يمكن نظمها إلا فيك، لن أعترف أن قلبي ما زال رضيعاً حدثاً بعشقك، ولن يغفر أنه قد فُطم قسراً بعدما جرف من شواطئك دون أن يدري لمَ؟ ولماذا؟! وما هو جرمه فقط غير أنه أحب روحك وأسرف في ذلك، وأيضاً لن أعترف بأرق تفكيري بك وجفاف النوم من عيني وتصحر راحة بالي بك.
ولن أعترف أنني كذبت على المقربين مني أن قلبي خالٍ كوادٍ لم يرَ السيل منذ طوفان نوح، وهو في كل ليل كمجرى السحاب يفيض بحنينه إليك، ويساقط الشوق في قطرات عشق بداخلي ما جعل غرستك في روحي خضراء مزهرة لا ترى التيبس، لن أعترف أيضاً أن قلبي خالٍ من كل شيء ممتلئ بك وحدك، لن أعترف أني أدعو الله أن يشفيني منك بك، لن أعترف أنني غاضب حد الكفر بك، وغاضب كمن هدر دمه في شربة ظمأ، غاضب كمن له ثأر يطلبه ممن لا يحيا بغيره، غاضب كضربات قلبي التي لا شاطئ لحدتها، غاضب كأنفاسي التي أتنهدها كمن يشعل عشقه في حطب مبلل بثلج التجاهل، غاضب صاخب حين أغير فرشتي مراراً حتى يلامس النوم أجفاني، ولكن هيئات فكيف أنام وأنتِ بينهما، أنا غاضب عليك قدر غضب الطبيعة على جسد عارٍ في جحيم سيبييريا ، غاضب قدر تمكنك من قلبي، غاضب قدر لهفتي إليك، غاضب قدر أحلامي المعصوف بها التي رسمتها بكِ ولكِ ومعكِ، غاضب قدر عجزي عن العودة إليكِ، غاضب من جحيم عشق تسعَّر بداخلي كحرائق غابات مشتعلة في قلبي لا يكافحها الصبر بل أنتِ.
كل هذا لا مجال للاعتراف به، أنا أنكره نهاراً، لكن وحده اﻷرق في ليلي ينزع اعترافات كهذه ما ظننت أن ﻷحد قدرة على نزعها إلا أنتِ، أنا أحبك قدر ما يقدر أن يحمل قلب خلقه الله معنى هذه الكلمة، وبهذا أيضاً لن أعترف.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.