في هذه الحياة ما أحوجنا إليه.. الصمد

إنه الصمد، اسم الله الذي سيمدّك بكل ما تحتاجه لتكون قوياً في هذه الحياة، فتواجه واقعك بقوة وعزة وشموخ.

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/18 الساعة 02:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/18 الساعة 02:30 بتوقيت غرينتش

إذا كان الضعف قد بنى حولك سجناً ضيقاً لا يتسع الخروج منه، إذا حاصرتك الحاجات، وداهمتك الخطوب، والتفت حولك الهموم، وأخذت روحك في الهرب إلى المجهول، إذا تركت بلدك وأهلك مجبوراً مهاجراً حزيناً، إذا الظالم بغى عليك وضاقت بك السبل، في هذه اللحظة أنت في أشد الحاجة إلى الصمد.

إنه الصمد، اسم الله الذي سيمدّك بكل ما تحتاجه لتكون قوياً في هذه الحياة، فتواجه واقعك بقوة وعزة وشموخ.

ابدأ مع الصمد عهداً جديداً، وثِق أن الغد سيكون أفضل من اليوم.

إنه الصمد، اسم الله، اسم بالغ الهيبة، قوي الحروف، شامخ المعنى، ذو جلالة خاصة.

الصمد.. هو مَن تصمد إليه الخلائق، أي: تلجأ إليه، جاء ذكره في سورة من أعظم سور القرآن، ومن أقصرها، وسمّيت بالإخلاص، وهي تعدل ثلث القرآن ( قل هو الله أحد * الله الصمد ) أحاطنا الله بالاحتياجات؛ لكي ترجع إليه وتصمد، فإن لم ترجع إلى الله اختياراً، رجعت إليه اضطراراً.

جاء شيخ أعرابي اسمه الحصين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: كم تعبد يا حصين؟ فقال: سبعة، ستة في الأرض وواحد في السماء، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: من لرهبك؟ قال: الذي في السماء، قال من لرغبك؟ قال: الذي في السماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فاترك الذين في الأرض واعبد الذي في السماء، فأسلم الحصين.

لقد اقتنع الرجل بسبب معنى الصمدية؛ لأن من تصمد إليه وقت الرهبة والرغبة هو وحده من يستحق أن تسجد له.

مع كل ما يحاط بنا من إحباط، مؤامرات، خيانات، ظلم، قهر، تكبر للطغاة، ضيق بالحياة، كل ذلك علاجه أن نصمد إليه ونقول: يا الله، وكفى بها كلمة.

يختصر القرآن ذلك فيقول: (قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون).

المرض رسالة من الله لتصمد إليه، والفقر برقية من الله لتصمد إليه، والابتلاء قدر من الله لتصمد إليه، وعقب كل ذلك يقين بالله بأنه سيُجيرك لا محالة.

لشيخ الإسلام ابن تيمية كلام طيب في هذا المعنى فتأمله بقلبك، ثم اجعله بالقرب من أوجاعك وكربك وحاجتك، يقول:
العبد قد تنزل به النازلة، فيكون مقصوده طلب حاجته، وتفريج كرباته، فيسعى في ذلك بالسؤال والتضرع، وإن كان ذلك من العبادة والطاعة، ثم يكون في أول الأمر قصده حصول ذلك المطلوب من الرزق والنصر والعافية مطلقاً، ثم الدعاء والتضرع يفتح له من أبواب الإيمان بالله ومعرفته ومحبته، والتنعم بذكره ودعائه ما يكون هو أحب إليه وأعظم قدراً عنده من تلك الحاجة التي همته، وهذا من رحمة الله بعباده، يسوقهم بالحاجات الدنيوية إلى المقاصد العليا الدينية.

إنه حال من يلجأ إلى الصمد، فيا كل مظلوم، يا كل مقهور، يا كل محتاج لحاجة، اصمد إلى الله، وثق بأن حاجتك عنده لن تضيع؛ لأنه الصمد.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد