ما إن نحر حاتم الطائي فرسه لضيفه حتى تجلت ظاهرة الكرم لدى العرب بشكل عام والقبليين السعوديين خاصةً، إذ أصبحوا ينحرون الخرفان لكل ضيف وعابر طريق بشكل مفرط وبإسراف، مما دفع مجلس الشورى السعودي لدراسة مقترح يقضي بترشيد الغذاء ويسهم في الحد من الإسراف والتبذير.
هذه العادات دفعت مجلس الشورى السعودي لدراسة مقترح يقضي بترشيد الغذاء ويسهم في الحد من الإسراف والتبذير، ولكن الأمر أثار مخاوف البعض من أن يؤثر على عادات إكرام الضيف التي يعتز بها السعوديون.
وقدم عضو مجلس الشورى السابق الدكتور أحمد آل مفرح مقترحا، للحد من ظاهرة الإسراف في الطعام والتوعية بالأضرار الناتجة عن الاستهلاك المفرط ، وكذلك أهمية الاقتصاد الأسري، من خلال فرض غرامة مالية على فوائض الطعام .
مركز وطني لترشيد الغذاء
" عربي بوست " حصلت على نسخة من مشروع النظام المقترح الذي قدمه آل مفرح.
ويقترح آل مفرح في هذا المشروع إنشاء مركز وطني للترشيد الغذائي يرتبط بوزير الشؤون الاجتماعية ويرأس مجلس إدارته ، ويكون مقره مدينة الرياض ، ويجوز افتتاح فروع له في مناطق ومحافظات أخرى بالمملكة ، على أن يتم فرض غرامات مالية في حساب مصرفي خاص بالمركز المقترح.
ويهدف المركز إلى الحد من ظاهرة الإسراف في الاكل والإسهام في حفظ الطّعام وترشيد الغذاء ، بالإضافة إلى دعم جهود الجمعيات والمؤسسات ذات العلاقة ، و توعية وتثقيف المجتمع بأهمية الاقتصاد الأسري وأثر الإسراف الغذائي السلبي عليه ، وكذلك التوعية بالأضرار الصحية الناتجة عن الاستهلاك المفرط للطعام.
غرامات مالية
والمشروع يتضمن فرض غرامات مالية على فوائض الطعام ، ووفقاً للمادة الثامنة من النظام المقترح ، سيتم الإعلان عن الغرامات في مكان بارز في أماكن تناول الطعام ويتم نشرها وتعميمها على مواقع وحسابات المراكز الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي قبل تطبيقها.
ويتضمن المقترح فرض غرامة على كل فرد أو أسرة تركت فائضاً من الطعام في الأطباق في أي من أماكن الطعام حيث تصل الغرامة إلى نسبة 20 %من قيمة الفاتورة المدفوعة .
وبحسب ما جاء في النظام ، فإن الغرامة على فوائض الطعام تشمل كل جهة تشرف أو تقيم احتفالا أو مناسبة رسمية أو خاصة بحيث تبلغ نسبتها 15 %من فاتورة تكلفة وجبة الطعام ، وتؤخذ غرامة كذلك بنسبة 5 % من فاتورة تكلفة وجبة الطعام على كل فرد أو جهة تقيم احفالاً أو مناسبة عامة أو خاصة كبيرة دون ترخيص ، بجانب توفير أوعية مناسبة لحفظ الطعام الفائض في أماكن الطعام، وتوعيتهم بضرورة حمله معهم للاستفادة منه.
وأعفى النظام من العقوبة كل فرد أو أسرة أو جهة، تولى في الحال بنفسه أو كلف غيره بجمع وأخذ الفائض من الطعام.
إلا أن نظام ترشيد الغذاء الذي تقدم به لمجلس الشورى ، لن يغلق باب مجلس ابو تركي عضو سابق في المجلس البلدي ، الذي اعتاد أن يفتحه للقاصي والداني بحسب قوله .
ويقول أبو تركي لـ " عربي بوست " تعليقاً على النظام :" نحن نقدم الطعام والولائم الكبيرة بلا إسراف ولا تبذير ، وحينما يزيد الطعام بعد الوليمة ، نقوم بتقسيمه في علب متوسطة الحجم ، وتوزيعها على المحلات التجارية والمحطات ، بالإضافة إلى الاتصال بالجمعيات الخيرية ، التي تأتي خلال وقت قصير وتتولى توزيعه على الفقراء والمحتاجين ".
ويضيف :" الكرم من شيم العرب ، وهذا النظام جيد ، لمن يسرفون ويبذرون ويلقون الطعام في النفايات ، ولكنه لن يمنعنا من استضافة الضيوف وإقامة الولائم الكبيرة لهم ".
لن يحاسبنا أحد
أما الشيخ عبد العزيز اللحيدان إمام لأحد المساجد في الرياض فقد قال لـ " عربي بوست " أن المسلم جواد بما جبل عليه بطبيعته ، إذ أن الإسلام دين الكرم والسخاء، فهو لم يكتف فقط بدعوة المسلمين إلى الإنفاق الفرضي والتطوعي، بل حثهم على صعود مراقي الكرم والجود والسخاء .
وعن نظام الترشيد الغذائي، يقول اللحيدان :" الكرم لا يعني الإسراف والتبذير في نعمة الله ، نحن حين نكرم احداً قد لا نبقي لنا شيئًا ، لأن ديننا يأمرنا بذلك ، ولكن حين أقيم وليمة مهما كبرت ، فليس لأحد أن يعاقبني ، ما لم تذهب هذه النعمة للنفايات ، ففي الوقت الذي تزيد فيه النعمة نعمل على تصريفها وفقاً لما تقتضيه المصلحة ".
وتقع دول الخليج في مقدمة الدول المستهلكة للطعام بمعدل 3.1% من إجمالي استهلاك الغذاء العالمي رغم قلة عدد سكانها ، حيث بلغ استهلاكها نحو 49.1 مليون طن متري ،كما بلغ إجمالي ما يلقى في النفايات من فوائض الطعام في السعودية فقط نحو 35% من الإنتاج الغذائي المحلي أي ما يعادل نحو 13 مليون طن.