روندا تعمل متحدثة محترفة، ومدربة، ومؤلفة وخبيرة استشارية، مقرها في أوتاوا. عملت مع عشرات الآلاف من الناس في 13 بلداً مختلفاً. في عام 2004، شغلت روندا منصب الرئيس الإقليمي للرابطة الكندية للمتحدثين المحترفين (CAPS)، كما عملت في مجلس اتحاد المتحدثين العالميين.
عندما نكون في العمل، نقدم 110٪ من طاقتنا طوال الوقت؛ لأنه هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به.
قضيت مؤخراً، عطلة نهاية الأسبوع في المستشفى؛ لتمرير حصوة الكلى. دون أدنى شك، كانت تلك واحدة من أكثر التجارب المؤلمة في حياتي. لقد كانت عالقة فترةً، وكنت على يقين بأن الطريقة الوحيدة للتخفيف من آلامي هي إجراء عملية جراحية.
لحسن الحظ، بينما كنت في انتظار تقرير وقت إجراء العملية، مرت الحصوة؛ لذلك لم يكن هناك داعٍ لإجراء العملية الجراحية. ومع ذلك، قبل أن تمر، قررت أن أتصل بأحد العملاء كنت قد حجزت له الأسبوع التالي وألغيت العمل الذي كان من المقرر القيام به.
خلال الـ25 عاماً التي عملت خلالها متحدثة ومدربة محترفة، لم آخذ إجازة مَرضية مطلقاً. شعرت كما لو أنني سأخذل عملائي. لحسن الحظ، كانوا متفهمين جداً.
ما إن نزلت تلك الحصاة حتى انتهت حالة الطوارئ ومعها الألم، وكنت قادرة تماماً على ركوب الطائرة ومقابلة عملائي. عندما اتصلت بهم لأخبرهم بأنني بصحة جيدة ومستعدة للقيام بالتدريب الذي اتفقنا عليه، كانوا سعداء جداً بالمضي قدماً بناءً على الخطة الأصلية.
أرسلت رسالةً لأبنائي الكبار أخبرهم فيها بأنني سأغادر المدينة، وسوف أقلع على متن الطائرة في غضون ساعات من عودتي للمنزل. ومزحت معهم ساعتها بأنني مدمنةٌ العملَ. ولكني شعرت، على الفور، بالذنب إزاء ذلك. لم أُرِد قط أن أُصبح مدمنةً العملً.
لحسن الحظ، استغرق شعوري بالذنب مدةً قصيرة؛ لأنه وكما بدا لي أن استخدام "مدمنةٍ العمل" ليس هو المصطلح الصحيح، ولكن بدلاً من ذلك هو أنني ملتزمة بأخلاقيات العمل الجيدة، ومهتمة بتقديم خدمة ممتازة لعملائي.
لقد كان غيابي غير مريح بالمرة لعملائي. فقد كان لدى أحدهم مؤتمر، وكان عليهم التصرف بسرعة وفي آخر لحظة لإيجاد بديل آخر. وكان الآخرون قد قرروا وانتهوا من إعداد جدول التدريب، وأكد جميع المتدربين الحضور، وتم حجز جميع الأماكن. إعادة جدولة كل ذلك تستلزم الكثير من الجهد. كانوا جميعاً ممتنين لي؛ لكوني استطعت استقلال الطائرة والحضور للتحدث في اجتماعاتهم بعد كل شيء.
هل تخلط بين كونك مدمناً العمل وامتلاكك أخلاقيات عمل جيدة؟ أنا أراهن أن لديك أخلاقيات عمل جيدة جداً، أليس كذلك؟
يعتقد مدمنون العمل أنهم ربما يُضِرون بقِيمهم ومعتقداتهم، ويشعرون بأنهم إذا لم يفعلوا أي عمل ينتظرهم، فستكون هناك كارثة.
أعتقد أنه من الأمثل القول إن معظمنا يريد أن يؤدي عمله بصورة جيدة. نريد التفوق فيما نقوم به. ليس بالضرورة سعياً للعلاوة (على الرغم من أن البعض منا يسعى لذلك)، وليس بالضرورة حتى نحصل على ثناء كبير في التقييمات (على الرغم من أنه لطيف جداً أن نحصل على هذا الثناء بعد عمل شاق). ولكن لأنه لدينا تلك النزاهة ونريد فقط القيام بعمل جيد. تتطلب أخلاقيات العمل لدينا أن نقدم قيمة استثنائية لصاحب العمل الذي نقوم به. عندما نكون في العمل، نقدم 110٪ من طاقتنا طوال الوقت؛ لأنه هو الشيء الصحيح الذي يجب علينا القيام به.
هل هذا يجعلك مدمناً العمل؟ ليس بالضرورة.
أجريت مؤخراً محادثة على متن طائرة مع امرأة وناقشنا أخلاقيات العمل عند جيل الألفية. كانت على اعتقاد بأنه ليس لديهم أخلاقيات العمل التي نملكها نحن و(آباؤهم).
لم أختلف معها، أوضحت لها شعوري بكون أن الكثير من جيلنا -(أنا في الخمسينات من عمري)- لديه خلط بين أخلاقيات العمل الجيد والميل إلى إدمان العمل. كنا نعتقد أنه إذا عملنا بجد بما فيه الكفاية وقضينا ساعات كافية، فسوف نُكافأ. والبعض منا بالفعل كوفئ.
ومع ذلك، كانت هناك تكلفة لكثير منا أيضاً: معدلات الطلاق جد مرتفعة، الإرهاق والاكتئاب هما الأسباب الرئيسة المؤدية إلى الإعاقة، مستويات الإجهاد عالية جداً، وأطفالنا (جيل الألفية الجديدة) قد قرر رفض فعل الأمر ذاته من أجل المال.
ابناي كلاهما من جيل الألفية. كلاهما لديه وظائف رائعة، وأنا فخورة بهما جداً. ما صنعاه هو توازن جيد بين وظائفهما وحياتهما الشخصية، لديهما حدود للعمل. كما أنهما يقدّران قيمة وكنز الوقت الأسري. إنهما يقومان بوظائفهما بشكل جيد، ويمنحان شركتيهما 110٪، ولكنهما لا يعبران بشكل روتيني الخط بين أخلاقيات العمل الجيدة وإدمان العمل.
يعتقد مدمنو العمل أنهم ربما يُضِرون بقيمهم ومعتقداتهم، ويشعرون بأنهم إذا لم يفعلوا أي عمل ينتظرهم، فستكون هناك كارثة. إنهم يخشون عواقب ما قد يحدث لهم مهنياً أكثر بكثير مما يخشون عواقب ما يمكن أن يحدث لهم شخصياً.
فالأشخاص الذين لديهم أخلاقيات عمل جيدة يوازنون احتياجاتهم المهنية إلى جانب احتياجاتهم الشخصية؛ لضمان عدم تعرضهم للخطر.
لديَّ قِيم عمل جيدة. ما إن انتهى الألم والخطر، حتى وجدت أنه ليس هناك ما يمنعني من الإيفاء بالتزامي لدى عملائي.
وبمجرد إدراكي أنني غير مدمنةٍ العمل، انتابني شعور بارتياح كبير!
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الكندية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.