بالأمس، انهالت الأنباء عن مقتل الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح بالتوازي الزمني مع تفجير بيته في صنعاء، بينما أعلن قيادي في حزب المؤتمر الشعبي التابع للمقتول أنه أثناء تنقله من صنعاء إلى سنحان، مسقط رأسه، استوقف موكبه جماعة الحوثي على بُعد أربعين كيلومتراً جنوبي اليمن وتم اقتياده وإعدامه ميدانياً رمياً بالرصاص ومعه ياسر العواضي، القيادي بحزب المؤتمر وعضو البرلمان اليمني، الذي كان برفقة صالح، قبل أن يعدم الرفيقان رمياً بالرصاص بينما أعلنت أيضاً وزارة الداخلية التابعة لجماعة الحوثي، في بيان لها، تؤكد مقتل الخائن صالح، وأعلنت انتهاء أزمة ميليشيا الخيانة بإحكام السيطرة الكاملة على أوكارها، وبسط الأمن في ربوع العاصمة صنعاء وضواحيها، وجميع المحافظات الأخرى، ومقتل زعيم الخيانة وعدد من عناصرها، في إشارة إلى الرئيس المخلوع صالح، مستندةً على أن صالح خائن لها وللشعب، وكانت ميليشياته تروع المواطنين وتثير الفوضى والفتن في البلاد.
مَن هم الحوثيون؟
جماعة دينية شيعية تقوم علی ولاية الإمام، وتتبع الطريقة الاثني عشرية علی غرار النموذج الإيراني.
تولى بدر الدين الحوثي قيادة الحوثيين بعد مقتل زعيمها حسين الحوثي، في عام 2004.
والكثير عرّف تلك الجماعة بأنهم يسيرون علی خطی حزب الله في لبنان كقوة موازية للدولة كجيش وعدة وأدوات سياسية، ومع أن الجماعة إلى الآن لم تعلن وتفرض نفسها على أرض الواقع كزميلتها في لبنان، ولكن يرجع ذلك إلى عدم استقرار الوضع في اليمن، وانشغالها في قتال التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات ضد القوى الإقليمية الإيرانية، التي بلا شك تدعم الحوثيين منذ هروب الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور إلى عدن، عقب اقتحام قصره في عام 2015، واستيلاء الحوثي وقوات صالح على صنعاء بأكملها؛ ليبدأ الحوثي على غرار حزب الله في إقامة مشروع "الهلال الشيعي" في المنطقة.
الأمر الذي نفاه الحوثيون من قبل، وأكدوا بقاءهم على المذهب الزيدي رغم اتفاقهم مع الاثني عشرية في بعض الأمور، وظهرت الحركة دعوية في البدء قبل أن تتحول إلى حركة مطلبية جمعت بين الاجتماعي والسياسي.
وهناك مَن يعيد تاريخ ظهورها إلى سنة 1992 باسم "الشباب المؤمن"، كما هو شأن العديد من الجماعات الدعوية التي انخرطت في العمل السياسي ببلدانها فيما بعد.
وعرف عن الزيدية أنهم سنة الشيعة أو شيعة السنة، لاعتدال عقيدتهم نحو الصحابة على غرار العلوية السورية والاثني عشرية الإيرانية.
لماذا تقاتَل الحوثيون وصالح؟
منذ الهروب للرئيس الشرعي وتحالفت قوات صالح رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام مع قوات الحوثيين المؤيدين لإيران منذ عام 2015 في مواجهة التحالف العسكري، بقيادة السعودية، الذي تدخل في اليمن دعماً للرئيس عبدربه منصور في البداية، والتي ظهرت نواياه مؤخراً في دعم مصالحه وردع تمدد إيران المرعب يوماً بعد يوم.
واستمر المشهد بتساقط أكثر من 10 آلاف من القتلى اليمنيين، وتعرض ثلثي الشعب إلى أكبر مجاعة يشهدها التاريخ الحديث تسبب فيها الأطراف المتنازعة، بسبب استيلاء كل طرف على المداخل والموانئ والمطارات وعدم وصول المساعدات الإنسانية للشعب اليمني الفقير الأعزل، مما أدى في بعض التقارير إلى أنه سوف يموت ما يقرب من 50 ألف يمني نهاية ديسمبر/كانون الأول الحالي، وأن البلاد تشهد أكبر مجاعات العالم.
إلى أن توجه صالح منذ عدة أيام ليقلب المشهد ويترك الحوثيين ويتوجه في أحضان السعودي الإماراتي، بعدما تدخل عسكرياً ضد القوات الموالية له والحوثيين من قبل، وقال إنه يدعو الأشقاء في دول الجوار والمتحالفين إلى أن يوقفوا عدوانهم، وأن يرفعوا الحصار، وأن يفتحوا المطارات، وأنه مستعد لفتح معهم صفحة جديدة.
وسارع التحالف بقيادة السعودية إلى الترحيب بتلك التصريحات والصفحات التي نوّه بها صالح، وكتب في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية أن "استعادة حزب المؤتمر الشعبي في اليمن زمام المبادرة وانحيازهم لشعبهم سوف تخلص اليمن من شرور الميليشيات الطائفية الإرهابية"، التي تعني بها جماعة الحوثي "جماعة أنصار الله"، كما أطلقوا على أنفسهم من ذي قبل، وفي تلويح صريح لإيران بأنها قد أوشكت على فقدان المعركة، كما رحبت الإمارات بالمثل بهذه التطورات، وحيّا وزير الدولة للشؤون الخارجية "أنور قرقاش" على تويتر ما وصفها بـ"انتفاضة صنعاء"، التي قال إنها ستعيد شعب اليمن إلى محيطه العربي الطبيعي، وإن الطائفية ستنتهي من الأراضي اليمنية، ولكن ساء ظن وخاب ترجيحات الزميلين السعودي والإماراتي كما شاهدنا اليوم حليفهم لم يفلت من كمين الحوثيين، بل لقي مصرعه في ميدان عام، بينما كانت رأسه متفجرة بالرصاص.
ومن بعد تلك البيانات فرض التحالف حصاراً مشدداً على مطار صنعاء والموانئ التي يسيطر عليها منذ أن أطلق المتمردون الحوثيون الشهر الماضي صاروخاً اعترضته القوات السعودية قرب مطار الرياض.
بينما تبادل الورد بين صالح والتحالف أثار حفيظة الحوثيين، ووصف عبد الملك الحوثي في خطاب مساء السبت الماضي أن موقف صالح "خيانة كبيرة للوطن" واعتبره "انقلاباً"
واشتد القتال بين الطرفين كل منهما يسارع إلى الاستيلاء على المقرات الرئيسية للبلدة، وأصبحت صنعاء تقودها حرب شوارع بين الحلفاء الأعداء، حتى جاء خبر مقتل صالح الذي كان بمثابة صدمة شديدة للسعودية، وضربة قوية تعزيزية لإيران وحلفائها في المنطقة.
بينما قاد شباب الربيع العربي اليوم حملة فرح واشتياق لتلك اللحظة التي قتل فيها الطاغية اليمني، عدو الثورة والشعب والربيع العربي بأكمله، وشبه الكثير موته بموت الطاغية الليبي معمر القذافي الذي لقي مصرعه على أيدي الثوار في شوارع ليبيا، واستبشر المغردون بنهاية طغاة آخرين طالما انتظرت ملايين الشعوب موتهم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.