مع تنامي المخاوف والقلق من اشتداد عود قدرات كوريا الشمالية النووية، غرّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأربعاء 9 أغسطس/آب الجاري، قائلاً: "لقد كان أول أمر أصدرته بصفتي الرئيس هو تحديث وتجديد ترسانتنا النووية، وهي الآن أقوى وأمضى من أي وقت مضى".
بيد أن مجلة النيوزويك الأميركية أشارت إلى أن المرسوم الرئاسي الأول الذي أصدره ترامب لم يكن بخصوص القدرات النووية كما ادعى، بل كان عن برنامج الرعاية الصحية أوباما كير. ثم إنه بعد أسبوع من توليه الرئاسة في 27 يناير/كانون الثاني أصدر مذكرة أوعز فيها بـ"إعادة بناء القوات المسلحة الأميركية" تضمنت المطالبة بـ"فحص جديد لحالة الاستعداد النووي الأميركية للتأكد من أن سلاح الردع النووي الأميركي عصري ومتين ومرن وجاهز ومصمم بما يتناسب مع أخطار وتهديدات القرن الـ21 لردعها ولطمأنة حلفائنا".
والحق أن البرنامج النووي الأميركي فعلاً بحاجة إلى التحديث، ففي تقرير صدر عن مكتب مساءلة الحكومة الأميركية في مايو/أيار 2016، وُجِد أن وزارة الدفاع الأميركية تشغل نظامها النووي على تقنيات مضى عليها 53 عاماً، وجاء في التقرير أن النظام "ينسق وظائف عمليات قوات الولايات المتحدة النووية كالصواريخ البالستية العابرة للقارات والقاذفات النووية وطائرات دعم الوقود"، كما قال التقرير أيضاً إن "النظام يعمل على جهاز كومبيوتر من طراز IBM Series/1 –الذي هو جهاز حاسوب من السبعينيات- ويستخدم الأقراص المرنة (فلوبي ديسك) ذات الـ8 إنشات".
لكن قيادة الجيش الأميركي دافعت عن استخدامها للتقنيات البالية، حيث قالت المقدم فاليري هندرسون في تصريح لها جاء بعد صدور التقرير "إن هذا النظام مازال قيد الاستعمال لأنه باختصار مازال يعمل"، مضيفة أن الوزارة تنوي استبدال سواقات الأقراص المرنة بمعدات أحدث مع نهاية عام 2017، وأن ثمة مساعي أخرى جارية من أجل التحديث.
من جهة أخرى كانت الحكومة قد أعلنت أيام الرئيس السابق باراك أوباما عن خطط بقيمة تريليون دولار ترمي إلى تحديث البرنامج النووي، لكن من المتوقع أن هذه الخطط ستستغرق عقوداً من الزمن لإتمامها.
ولم يستجب متحدثٌ باسم وزارة الدفاع على طلب بالإفادة عما إذا كانت الأجهزة المختصة قد عملت على تحديث التقنيات المستخدمة من بعد ذاك التقرير الصادر عام 2016، لكن المسؤولين العسكريين الأميركيين ما فتؤوا مذ تولى ترامب السلطة يشتكون من تقادم التقنياتها؛ منهم الجنرال في سلاح القوة الجوية بول سيلفا الذي مثُل أمام لجنة مجلس النواب لشؤون القوات المسلحة في مارس/آذار الماضي وقال إن الجيش على مدار 10 سنوات ماضية قد أجّل تحديث قوته النووية بغية التفرغ لضرورات أخرى، "لكننا بتلك القرارات اعتصرنا كل ما أمكننا من حياة كانت باقية في الأنظمة التي نملكها الآن"، وكان مع الجنرال سيلفا ضمن جلسة الخبراء كل من جنرال القوة الجوية جون هايتن وأميرال البحرية بيل موران وجنرال القوة الجوية ستيفن ويلسون.
وبُعيد جلسة الخبراء في مارس/آذار تلك، غرّد الجنرال ديف غولدفاين، رئيس أركان القوة الجوية، على تويتر "القوات المشتركة متفقة في الرأي: علينا تحديث سلاحنا للردع النووي." وكذلك كتب غولدفاين بالمشاركة مع جنرال القوة الجوية روبين راند مقالة لموقع Politico قالا فيها: "إن أعداء المستقبل يسابقون الريح بالتحديث وتوسيع قواتهم ومقدراتهم النووية.. علينا أن نجدد منصات الخدمة الهرمة وأسلحتنا النووية المتقادمة والبنى التحتية الداعمة البالية، وذلك لكي يظل سلاح أميركا الرادع ذا مصداقية وفاعلاً في المستقبل"، مضيفين أنه على عملية التحديث أن تشمل التحديثات التقنية.
وفي دراسة هذا العام نظر مجلس الاستشارات في ضرورة تزويد البرنامج النووي بمزايا وعناصر من شبكة الإنترنت، وقال دام في رسالة إلكترونية لمجلة النيوزويك إن الفريق قد أتم الدراسة وإنهم الآن بصدد موافاة القيادة العليا للقوات الجوية بها.
ويرى البعض أنه لعله من الخير أن تكون الأنظمة النووية مازالت تعمل بأنظمة الأنالوغ التناظرية في عصرنا هذا الذي تفشت فيه قرصنة الحواسيب الآلية. فمؤخراً أصدرت وزارة الأمن القومي الأميركية بالاشتراك مع مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI تقريراً مشتركاً جاء فيه أن القراصنة ولجوا إلى شبكات شركات تشغل مرافق للطاقة مثل محطات الطاقة النووية.
فبعدما اختفى 50 صاروخاً مزوداً بأسلحة نووية عن شاشات المراقبة والرادار لحوالي ساعة كاملة عام 2010 نظراً لمشكلة في الدارات، أمرت إدارة أوباما بإجراء فحص شامل للوقوف على نقاط الضعف، فوجد المحققون أن اتصالات الإنترنت كانت وراء تعريض الصواريخ للقرصنة، وفق ما كتبه في مارس/آذار المحامي الأستاذ في جامعة برنستون بروس بلير المناوئ للتسلح النووي، وذلك في مقالة لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.