ثم ماذا بعد تلك النهاية؟

وليس من الضروري أن تكون كل النهايات حزينة، فهناك التي تبعث معها السرور والفرح، بعد أن ساعدتك في التخلص من قيود ظننتها مجدك الأبدي، كشخص كان يعني لك ما هو أعظم من الوصف، شخص دخل إلى حياتك بشوق الأم لرؤية مولودها الأول، وبصدق العاشق لمحبوبته، شخص بعثر أوتار القلب، أحدث فوضى، ثم غادر كجبان خان وطنه وهرب.

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/13 الساعة 05:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/13 الساعة 05:30 بتوقيت غرينتش

وأنت ترسم مسار حلمك الذي طالما رغبتَ به، تتعثر أقدامك، وتقع دون أن تشعر، تنطفئ شعلات أملك وتنهزم.

وبعد أن قررت أن هذا هو قدرك الذي لا مفر منه؛ اختلفت الطرق، وتباعدت الأرصفة، ثم حدثت ضجة الإحباط.

فيصبح أمامك خياران لا بينهما؛ فإما أن تبدأ من جديد وتتعلق بأمل أقوى من الذي قبله، أو تعيش مع ماضيك وحسرة المعنى، فتكون آلة الذاكرة التي تصطحب معها شريط الذكريات السعيدة والحزينة منها، صديقتك الأزلية، وملجأك الوحيد.

النهايات هي وداع أخير، لشيء أحببناه بشدة ثم حرمنا منه، تعطل شغفنا به، انقطعت صلتنا به، فأصبحت الدروب المؤدية إليه عبارة عن منعرجات تلقي بك هنا وهناك، تجعلك تتساءل كثيراً: لماذا؟ وكيف؟ ماذا عن هذا وعن ذاك؟ دون معرفة أي جواب.

وما البدايات إلا نور يظهر من آخر نفق الأحزان يُشعرنا بمساندته لنا، وبوجوده معنا، هي الحضن الذي نسرع إليه ونضمه بقوة، ينسينا في كل ما حلمنا به، وما اعتدنا على انتظاره، وهي درجة إيماننا بالتغيير الذي سيأخذ منّا الجزء المتعب.

فلكل شيء جميل بداية لم نتوقعها أبداً، تعمقنا فيها بخوف وحذر، استقبلناها بقلق، رسمنا نهايتها، ومشينا مع خيالنا منتظرين صدمة أخرى قد تكون
بخسائر أقل، وإذا بها الحكايات تتباين، يتعاكس خيالنا مع الواقع، تنزل أول قطرة التغيير؛ تختزل المسافات وتتماسك فيما بينها.

وليس من الضروري أن تكون كل النهايات حزينة، فهناك التي تبعث معها السرور والفرح، بعد أن ساعدتك في التخلص من قيود ظننتها مجدك الأبدي، كشخص كان يعني لك ما هو أعظم من الوصف، شخص دخل إلى حياتك بشوق الأم لرؤية مولودها الأول، وبصدق العاشق لمحبوبته، شخص بعثر أوتار القلب، أحدث فوضى، ثم غادر كجبان خان وطنه وهرب.

ربما وأنت تقرأ هذه الكلمات سألت: كيف سأتجاوز؟ و ما السبيل إلى ذلك؟

تأكد أنها مدة لا طول لها إن أحسنت الاختيار، فهي مرحلة إعادة ترتيب الأفكار، ومحطة الإدراك والتأكد من استحقاقك للسعادة فقط، وأن كل خيبة كفيلة بأن تجعلك ناضجاً وقوياً أكثر.

ستبدأ من جديد، وستتواكب مع ممرات الحياة، ستصبح واعياً أكثر بالسوء الذي ارتكبته في حق نفسك، وبالوقت الذي أهدرته وأنت تفكر في أمور لا قيمة لها، ستتعلم كيف تتجاوز، وكيف تنهض بسرعة مثلما سقطت، فقط تخطَّ النهايات واخلد مع البدايات، ولا ترغم نفسك على النسيان وعدم التذكر، فالنسيان يأتي بشكل غريب جداً، يلملم ما ضاع منك دفعة واحدة، يجعل منك صامداً غير مبالٍ.

وغيّر اتجاه بوصلتك، أو اصنع لنفسك واحدة أخرى، واجعلها بلون وردي يملأه بياض الحب، وقف بشموخ، واعلم أن كل ما حدث هو خير قدر، وأجمل نصيب.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد