تدمير حلب.. القنابل الروسية الخارقة للتحصينات تسبِّب موجات اهتزازات تسقط المباني وملاجئ المدنيين هدفها المفضَّل

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/27 الساعة 13:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/27 الساعة 13:04 بتوقيت غرينتش

قالت المعارضة السورية والأمم المتحدة مؤخراً أن روسيا تستخدم قنابل خارقة للتحصينات في غاراتها على مدينة حلب، وإذا ثبت ذلك بشكلٍ قاطع، فسيُعد هذا دليلاً واضحاً على بدء مرحلة جديدة من الهجمات الروسية على قوات المعارضة الحالية، وأن المسار الدبلوماسي مغلق بشكلٍ فعال.

وهذه القنابل قادرة على تدمير ملاجئ ومراكز قيادة تحت الأرض، وهذا يُوحي أيضاً بأن روسيا عازمة على إنهاء الحصار المستمر منذ شهور على مدينة حلب بشكل سريع. وهذا يدل على أن موسكو تمتلك ذكاءً حربياً كبيراً عندما وضعت يدها على أماكن اختباء المعارضة السورية، حسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، الإثنين 26 سبتمبر/أيلول 2016.

التقرير نقل عن جوستين برونك، المحلل العسكري في معهد RUSI للأبحاث العسكرية، قوله: "تعد القنابل الخارقة للتحصينات نوعاً خاصاً جداً من الأسلحة دقيقة التدمير".

وأضاف قائلاً "تُسبب هذه القنابل فوهات مختلفة الشكل. إذ تتوغل هذه القنابل بعمق كبير جداً وتنفجر في أعماق الأرض، وهذا يشير إلى أن روسيا تهدف إلى تعميق الحفر لاستهداف المواقع الكامنة تحت الأرض لكن مع انتشار أقل من القنابل الأخرى".

وأضاف قائلاً "إنه من غير المحتمل أن تستخدم روسيا هذه القنابل الخاصة بشكل عشوائي أو بهدف الهجوم على المدينة لأنها مكلفة للغاية وتتطلب ذكاءً توجيهياً محدداً حتى تُحقق النتائج المطلوبة. وإذا ضربت هذه القنابل الملاجئ الموجودة تحت الأرض فستوقع عدداً كبيراً من القتلى ولكن أقل بكثير من القنابل الثقيلة الأخرى المستخدمة، والتي تستهدف أي موقع محدد".

معلومات عن المعارضة

وقال "إنه من المحتمل جداً أن تكون روسيا قد حصلت على معلومات مفصلة عن مواقع تواجد المعارضة. كما أن طرفي الصراع يدركان تماماً أن المعارضة تستخدم أنفاقاً تحت الأرض لخوض هذا النوع من المعارك، وربما يمتلك الجانب الروسي معلومات استخباراتية عن شبكة المعارضة. ومن المرجح أن تكون القنابل المستخدمة من نوع KAB-500L الموجهة بالليزر والمشابهة لمجموعة قنابل Paveway الأميركية."

كما يثير استخدام هذه الأسلحة المدمرة حالة من الذعر داخل المدينة وفي الملاجئ المدنية والمستشفيات والمراكز الطبية، التي يقع كثير منها تحت الأرض تجنباً لقصف النظام، وقد أصبحت الآن مُعرضة للخطر.

ويُشير برونك إلى أنه من الصعب العثور على دليل قاطع يؤيد استخدام روسيا للقنابل الخارقة للتحصينات، إلا من خلال الصور التي تُوضح الحفر أو شظايا القذائف.

وقد نشر تشارلز ليستر، خبير متخصص في جماعات المعارضة السورية بمعهد واشنطن لشؤون الشرق الأوسط، صوراً يزعم أنها قد تكون للقنابل الروسية BetAB-500 الخارقة للتحصينات، كما أنه يعتقد أن هذه القنابل قد أُضيفت إلى أسلحة الترسانة الروسية. وقنابلBetAB-500 هي قنبلة صاروخية أخف وزناً ومصممة خصيصاً لتدمير المنشآت الخرسانية والهياكل الأكثر صلابة مثل مدارج الطائرات.

في الواقع، اعترفت روسيا باستخدامها لهذه القنابل في هجمات في سبتمبر/أيلول 2015 ضد مراكز القيادة والسيطرة الخاصة بمعاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وقال الروس إن القنابل الخارقة للتحصينات استهدفت مخابئ متعددة المستويات تحت الأرض ومُشيدة بالخرسانة المسلحة. من النادر أن تتناقش روسيا بشأن الأسلحة التي تستخدمها.

جرائم حرب

وتحدث المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، بشكلٍ قاطع في طلب الإحاطة الذي قدمه إلى مجلس الأمن في نيويورك يوم الأحد 25 من ديسمبر/أيلول 2016 عن الترسانة الجديدة التي يستخدمها سلاح الجو الروسي، وحدد بالذكر القنابل الخارقة للتحصينات، مشيراً إلى أنها تسببت في زيادة عدد الوفيات وفي تدمير المباني غير المستقرة، مما جعل الشوارع ممتلئة بالأنقاض للحد الذي يُعيق رجال الانقاذ عن الوصول إلى المباني التي دمرها القصف في المدينة.

وقال دي ميستورا في مجلس الأمن: "لقد سمعنا عبارات 'غير مسبوقة' عن أنواع التفجيرات من حيث الكم والحجم والنوع أيضاً".

وأضاف "لقد اطلعنا على التقارير ومقاطع الفيديو والصور التي توضح الاستخدام المبالغ فيه للقنابل الحارقة التي ينتج عنها كتل نارية وصلت شدتها إلى أنها كانت تضيء الظلام الدامس في شرق حلب، كما لو كنا في وضح النهار. ونسمع الآن عن استخدام القنابل الخارقة للتحصينات، ونرى صوراً لحفر الكبيرة في الأرض، أكبر بكثير من تلك الحفر الناتجة عن القصف الجوي السابق. وإذا تأكدنا من الاستخدام العشوائي المُدبر لهذه الأسلحة في مناطق تواجد المدنيين وفي تدمير البنية التحتية ستُصنف هذه الأعمال على أنها جرائم حرب".

وقال المصور كرم المصري بوكالة فرنس برس والموكل بتقديم التقارير من حلب خلال السنوات الخمس الماضية "إن المدينة تعرضت لتدمير لم يسبق له مثيل في الأيام القليلة الماضية."

وقال زملاؤه لوكالة فرانس برس: "هذه هي المرة الأولى التي شاهدنا فيها دماراً بهذا المستوى." كما قال "إن عمليات القصف الحالية لهي الأشد تدميراً خلال السنوات الثلاث الماضية".

وقد أعلنت حركة التضامن مع سوريا في المملكة المتحدة ""Syria Solidarity UK، وهي مجموعة من النشطاء المعارضين للرئيس بشار الأسد، بناءً على المحادثات التي أجرتها مع مجلس مدينة حلب أن الهجمات الجوية لم تتضاعف فقط، ولكن طبيعتها تغيرت" إذ تسببت القنابل الخارقة للتحصينات في كم هائل من الموجات الاهتزازية.

وقد انهارت بعض المباني بسبب آثار الموجات الاهتزازية. وقد صُممت هذه القنابل لاستهداف الملاجئ القابعة تحت الأرض، والتي يلجأ إليها المدنيون للاختباء بها. وقالت الحركة أيضاً "استيقظنا أمس على سقوط المباني بشكل مفاجئ بسبب الموجات الاهتزازية، ونجم عن هذا مقتل 40 شخصاً".

وقال دي ميستورا في مجلس الأمن: "لم تعد الأمم المتحدة قادرة على تقييم حجم القصف الروسي". لكنه قال أيضاً "يعيش ما يقرب من 275 ألف شخص تحت الحصار في شرق حلب منذ 20 يوماً".

ويأتي التغيير في الأسلحة المستخدمة، جنباً إلى جنب مع انهيار الجهود الرامية للتوصل إلى حل دبلوماسي بعد أسابيع من المحادثات بين وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، ووزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي ترك الغرب بدون تحديد استراتيجية واضحة.

ومن المقرر أن يعقد بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطاني، محادثات في أنقرة الثلاثاء 27 سبتمبر/أيلول 2016 مع قادة الحكومة التركية، وسيكون الضغط على روسيا والأسد من خلال دعم الدعوة التركية التي تطالب بفرض منطقة حظر جوي فوق شمال سوريا.

واعترف جونسون في مطلع الأسبوع "أن الغرب كان عاجزاً على إيجاد حل في سوريا، وسيسمع أيضاً دعوات مماثلة من المعارضة السورية الموجودة في تركيا." وقال سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة، ماثيو رايكروفت في خطابه الغاضب بمجلس الأمن مساء الأحد 25 سبتمبر/أيلول: "إن أمر القضية السورية بالنسبة للغرب لم يعد يناسبه الحث والطلب، لكن يجب علينا أن نقرر ما الذي سنفعله حتى نفرض وقفاً فورياً للقصف الذي يستهدف مدينة حلب وغيرها من المناطق المدنية في سوريا. وعلينا أن نقرر أيضاً الخطوات التي سنتخذها الآن حتى ننهي الحصار الذي يمنع وصول المساعدات إلى المدنيين".

– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

علامات:
تحميل المزيد