هل تذكرون وزيرة الثقافة صاحبة "فستان الاحتلال"؟ عادت إلى الأضواء محرِّضة على مقاطعة مهرجان الفيلم الإسرائيلي بباريس!
نجحت وزيرة الثقافة الإسرائيلية، ميري ريغيف، الشهيرة بوزيرة "فستان القدس أو فستان الاحتلال"، في الضغط على خارجية بلادها لسحب الدعم عن مهرجان الأفلام الإسرائيلية الذي سيقام في باريس خلال شهر مايو/أيار 2018، والسبب اعتراضها على عرض فيلم إسرائيلي ناجح جداً يحمل اسم Foxtrot.
فقد ذكرت قناة "فرانس 24" الفرنسية، أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أعلنت أن سفيرة إسرائيل لدى فرنسا لن تشارك في افتتاح مهرجان السينما الإسرائيلية بالعاصمة الفرنسية؛ بسبب الفيلم المثير للجدل، الذي تراه مهيناً للجيش الإسرائيلي.
صحيفة Haaretz الإسرائيلية ذكرت أن الوزيرة هي التي "طلبت من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن يوعز لوزارة الخارجية بألا تقدِّم أي دعم للمهرجان".
الوزيرة ذات النفوذ السياسي الواسع في حكومة نتنياهو، كانت قد لفتت أنظار العالم بفستان بانورامي لمدينة القدس، ظهر به مسجد قبة الصخرة والأسوار المحيطة به والأبراج الحديثة في المدينة القديمة، حضرت به وقائع حفل افتتاح مهرجان "كان" السينمائي، الذي أقيم في مايو/أيار من عام 2017.
Minister makes Cannes fashion statement with Jerusalem dress https://t.co/7zKm89I4tm
— The Times of Israel (@TimesofIsrael) May 18, 2017
ريغيف، موجودة في باريس حالياً، حسب تقرير الصحيفة الإسرائيلية. والتقت السفيرة الإسرائيلية لدى فرنسا أليزا بن نون، وفريقها؛ لمناقشة مشروع يوطد العلاقات الثقافية بين إسرائيل وفرنسا؛ وخلال هذا اللقاء علمت ريغيف أنه من المتوقع عرض فيلم Foxtrot في افتتاح المهرجان، "خلافاً لاتفاقات سابقة، كانت قد أكدت لها عدم عرضه".
ورداً على سؤال طرحته عليها Haaretz، قالت ريغيف إنه على إسرائيل ألا "تدعم مهرجاناً يعرض أفلاماً تذمُّنا في أنحاء العالم وبها محتوى خاطئ عن جنود (جيش إسرائيل) ومواطنيها".
وقالت ريغيف إنها أوعزت إلى المدير العام في وزارتها بأن "يوضح لوزارة الخارجية الإسرائيلية، التي خصصت مبالغ مالية للمهرجان، أنه من غير المعقول لوزارة الخارجية أن تمضي في سياسة مستقلة عن سياسة الحكومة".
السفيرة تنفذ الأوامر
السفيرة بن نون، قالت في حديث لـ"هآرتس"، إنها لن تحضر الحدث الافتتاحي للمهرجان، موضحة أن الأموال المخصصة "قد حُولت للمهرجان قبل اختيار الفيلم"، وأنه رغم إخبارها المنظمين بأن "الفيلم يؤذي مشاعر بعض أعضاء الجالية اليهودية"، فإنهم رفضوا اختيار فيلم آخر.
وأضافت بن نون: "إننا نحارب كثيراً حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، وهم يستخدمون هذا الفيلم ضدنا"، كما شككت بن نون في حرية التعبير بالمواقف التي "تثار فيها الانتقادات ضد إسرائيل".
وزارة الخارجية الإسرائيلية قالت إن السفارة الإسرائيلية لدى فرنسا، رغم دعمها مهرجان الأفلام الإسرائيلية في باريس طيلة 18 عاماً، فإن "السفارة اقترحت في ديسمبر/كانون الأول من عام 2017 على إدارة المهرجان، كما فعلت في مناسبات أخرى، اختيار فيلم إسرائيلي غير مثير للجدل يناسب ليلة افتتاح المهرجان، التي تكون غالبية الجمهور فيها من المتبرعين اليهود".
وحسب ما قالته الوزارة، فإن "إدارة المهرجان، لأسبابها الخاصة، اختارت عدم قبول المقترح، وبناء عليه فقد أوعزت الخارجية إلى السفيرة بعدم حضور مراسم الافتتاح".
قصة العمل
أما ريغيف، فتجاهر بانتقاداتها للفيلم المذكور منذ طرحه رغم عدم مشاهدتها إياه؛ "لأنه يشوه إسرائيل ويتيح الفرصة لأعداء إسرائيل لاستخدامه كسلاح في الدعاية ضدها، ومن المريع أن صانعي الأفلام الإسرائيليين يسهمون في تأجيج الجيل الشاب ضد (أكثر جيش خلوق في العالم)، فيما يروجون للأكاذيب تحت ستار الإبداع الفني"، حسب قولها.
فيلم Foxtrot، من بطولة الممثلَين ليور أشكنازي وساره أدلر، ويركز على حياة عائلة مؤلفة من أب وأم وابنتهما، يعيشون في تل أبيب، بينما الابن عسكري يخدم في الجندية بعيداً عنهم ويلقى مصرعه في أثناء الخدمة، فتتبدل حياة العائلة.
في الفيلم، يعيد المخرج الابن القتيل للحياة عن طريق ذكريات يرويها عن الخوف والفزع الذي يعيشه مع زملائه في الخدمة العسكرية، قد يصل إلى حد إطلاق النار على المدنيين الفلسطينيين العزّل داخل سيارة، دون مبرر، فالقتل -حسب مقال نقدي للعمل نُشر في صحيفة "العرب"- أصبح رغبة في التعويض عن العجز والقلق والوحدة والغضب، في محاولة للشعور بالقوة والسيطرة.
جاء في المقال النقدي ذاته: "وجود الجنود الإسرائيليين في منطقة معزولة فارغة على هذه الشاكلة، يوحي بغربتهم عن المكان وعجزهم عن فهم طبيعته وأسراره؛ بل يمكن أن نلمح في نظراتهم وهم يحدقون تحت الضوء الكاشف في وجوه ركاب السيارات العابرة القليلة التي يوقفونها عند المعبر- غيرةً وحقداً، فهؤلاء الآخرون أحرار في التحرك والعيش قياساً بمن يمثلون قوات الاحتلال، الذين أصبحوا كأنهم هم الخاضعون للاحتلال، أي للبقاء داخل سجن كبير.. الفلسطينيون هم أبناء الأرض الأصليون.. بينما الجنود الأربعة سجناء داخل مستودع معدني معزول يغرق تدريجياً".
"ورقصة (فوكستروت) التي يرقصها الجندي القتيل وزميله الذي يعلّمه إياها، تدور على خلفية صورة من صور الأفلام القديمة لممثلة مبتسمة ملصقة فوق عربة عسكرية بالية، بينما لا تبدو الصحراء كالصحراء؛ بل مجرد فضاء ساكن تماماً كأنها أيضاً خلفية مرسومة إمعاناً في التغريب وكسر الواقعية".
وكان الفيلم في سبتمبر/أيلول من عام 2017، قد نال جائزة الأسد الفضي بمهرجان البندقية للأفلام، وهي جائزة يمنحها أعضاء لجنة التحكيم، كما أُدرج اسم الفيلم على لائحة مختارة لأفضل الأفلام الأجنبية بمهرجان الأوسكار، لكن الترشيح لم يكن من نصيبه، وهو قرارٌ أثنت عليه ريغيف.
الوزيرة ريغيف
ولمن لا يعرف الوزيرة ريغيف ذات الـ52 عاماً، فهي من النساء القليلات اللاتي وصلن إلى رتبة "عميد" في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي خدمت فيه على مدى 25 عاماً، وكانت في فترة من الفترات الناطقة باسمه.
ووصلت ريغيف، المتزوجة والأم لـ3 أولاد، إلى عضوية الكنيست لأول مرّة في انتخابات عام 2009، كما نجحت في كل الانتخابات اللاحقة، وتعتبر من الجناح الأشد تطرفاً في حزب "الليكود" وكتلته البرلمانية.
ريغيف، التي تعتبر نفسها علمانية، قدّمت مبادرة قانون للسماح لليهود بأداء الصلاة في الحرم القدسي الشريف، وشاركت في اقتحامات للحرم، وشاركت بمؤتمرات المستوطنين واليمين المتدين المتطرف، الذي "بحث" في كيفية بناء هيكل سليمان مكان قبة الصخرة المشرّفة.