ربما سمعت من قبل عن هرمون السيروتونين، والذي يطلق عليه "هرمون السعادة"، والذي يوصف اكتشافه بالمعجزة في مجال أدوية ومضادات الاكتئاب، مثل بروزاك. وبالرغم من أنها عادة ما توصف لعلاج التوتر، إلا أن "مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية"، وإن تم تركيبها من أجل زيادة معدّلات السيروتونين،إلا أن لها عَرَض جانبيّ غامض وغريب. ففي بعض الحالات، تؤدي إلى زيادة التوتر لدى البعض، بل وربما تأتيهم بعض الأفكار الانتحارية.
فقد وجدت دراسة جديدة نشرت في مجلة "Nature" أنه على عكس الاعتقاد السائد، فإن السيروتونين لا يؤدي فقط إلى تحفيز المشاعر الطيبة، وإنما له جانب مظلم كذلك.
و قام بعض الباحثين الأميركيين بتوجيه بعض الصدمات الخفيفة إلى أقدام فئران التجارب، فوجدوا أن هذا يؤدي إلى تحفيز الخلايا العصبية، مما يؤدي إلى إنتاج السيروتونين في منطقة من الدماغ تُعرَف بدورها في تحديد الحالة المزاجية والاكتئاب. وقد بدا أنّ زيادة النشاط في هذه الخلايا العصبية تبدو لها دورٌ في زيادة توتر الفئران.
وباستخدام بعض الأجهزة المتطورة لمراقبة أدمغة الفئران، قام علماء كلية الطب في جامعة شمال كاليفورنيا برسم خرائط ومخططات لما اعتبروه "دائرة جوهرية" في التحكم في مشاعر الخوف والقلق، وهي مدفوعة بهرمون السيروتونين.
وقال البروفيسور توماس كاش، أحد باحثي الفريق: "إننا نأمل أن نقوم بتوصيف دواء يمكنه كبح هذه الدائرة، مما يجعل من الممكن تجاوز تلك المرحلة الحرجة خلال الأسابيع الأولى من استخدام مثبطات الاكتئاب". وأضاف أن "النتائج التي توصّل إليها الفريق قد أتاحت لنا فهماً أفضلَ للشبكات الدماغية التي تقوم بتوليد مشاعر الخوف والقلق في الثدييات".
وبحسب موقع الخدمة الصحية الوطنية، فإن مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين عادةً ما توصف كأول أدوية الاكتئاب، لأنها بشكل عام يكون لها أعراض جانبيّة أقل. ويضيف الموقع أن تلك الأنواع من الأدوية قد تكون لها أعراض مزعجة في البداية، إلا أن نتائجها عادةً ما تتحسن مع الوقت".
ومن بين الأعراض الجانبية الشائعة التي يسردها الموقع لهذه الأدوية: الشعور بالهياج، والارتعاش، أو التوتر والقلق؛ الشعور بالغثيان أو حتى الغثيان فعلاً؛ الدوار؛ تشوّش الرؤية؛ انخفاض الرغبة الجنسية وصعوبة الوصول إلى النشوة، وكذلك صعوبة الانتصاب عند الرجال.
وقال الباحثون الذين أجروا تجاربهم على الفئران، إن الخطوة القادمة هي تحديد ما إذا كانت تلك الدوائر الخاصة بالسيروتونين توجد في الدماغ البشري أم لا. ويضيف بروفيسور كاش "إنه من المنطقي أن تكون موجودة في الإنسان كذلك، بما أننا نعلم أن مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين تؤدي إلى زيادة التوتر لدى البشر أيضاً، وعادةً ما تتشابه مسارات الدماغ في كلٍّ من البشر والفئران فيما يتعلق بهذه الأنشطة".
ويرى الباحثون أن الأدوية المتوافرة بالأسواق قد تكون كافية لكبح تلك الأعراض الجانبية للسيروتونين. ويضيف كاش "نأمل أن نقوم بتحديد المستقبلات الدماغية التي تستهدفها الأدوية المتوافرة الآن". مضيفًا أن "أحد تلك الأدوية قد يفيد في بدايات استخدام مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين".
-هذا الموضوع مترجم بتصرف عن موقع The Independent البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.