في تعليق لها على العملية الإرهاب التي ضربت مدينة نيس الفرنسية قالت السيناتور الفرنسية ناتالي غوليه، من نورماندي، خلال لقاء على الراديو الوطني العام في أميركا مساء 15 يوليو/تموز 2016، هذا الحوار الذي صادف أن كان بعد ساعات من حدوث محاولة الانقلاب على الحكومة المنتخبة التي قام بها ضباط من الجيش التركي:
تقول غوليه، في معرض الرد على الأسئلة الكثيرة عمن هو المسؤول عن الإرهاب الذي تتعرض له فرنسا:
"إن هناك عشرة آلاف مسلم تحت المراقبة في فرنسا. 30% من هؤلاء هم مسيحيون فرنسيون اعتنقوا الإسلام للانضمام للجهاد.
معظم العشرة آلاف مسلم هؤلاء ولدوا ونشأوا في فرنسا وليسوا بمتدينين".
لذلك فالحل، برأي السيناتور غوليه "لا يكمن في صب الإسلاموفوبيا على الإسلاموفوبيا، وإنما في فهم هذه الظاهرة المعقدة وتحليل أسبابها الحقيقية ومن ثَمَّ محاولة حلها".
ما تتفضل به هذه النائبة المحترمة يدحض كل المتفلسفين بأن الاسلام هو المسؤول عن الإرهاب. فهؤلاء نشأوا في فرنسا وتعلموا في مدارسها عن الثورة الفرنسية وعن كتابات جان جاك روسو وفولتير وموليير وديكارت، وقرأوا لألكسندر دوما ولامارتين، ورغم ذلك أصبحوا إرهابيين.
فإما أن كل كتابات هؤلاء العظام أصبحت هشيماً تذروه الرياح أمام حديث موضوع يرويه أحمق داعشي في زاوية مسجد في ناحية مهملة من نواحي باريس، أو أن هناك شيئاً آخر أقوى من كل ذلك، أنا أميل للرأي الأخير.
أعلم أن البعض لن يغير من قناعته ولو قدمنا له الدليل تلو الدليل، بأن ما يحدث اليوم من إجرام ليس سببه صحيح البخاري ولا صحيح مسلم، لكنه نظام عالمي جديد وُلد عام 1991، ووُلدت في رحمه بذور الظاهرة التي نراها اليوم.
إن الساعات الأربع الأولى التي عصفت بتركيا بعد بدء عملية الانقلاب الفاشل التي انقلب فيها العسكر على خيار الشعب الديمقراطي، والتي التزمت الدول التي تدعي حماية الديمقراطية خلالها الصمت التام دون أي إدانة للانقلاب، إن هذه الساعات الأربع لهي خير مجند لكثير من الشباب المسلمين و"غير المسلمين" الكارهين للنفاق؛ لينضموا في قلوبهم وربما بلسانهم، وفي حالات قليلة بأيديهم، لمعسكر الناقمين على الصامتين الانتقائيين، ومن ثم ليقوموا بما يقومون به من عمليات إجرامية خارجة عن أي قدرة لمراقبتها وإحباطها.
الجنون الذي يكتسح العالم اليوم لا علاقة له بحديث شريف أو آية كريمة هنا أو هناك.
وإلا فما معنى الجريمة البشعة التي حدثت في اليابان البارحة التي قام بها الياباني أوماتسو بقتل العديد من المعاقين طعناً بالسكين ثم ذهب وسلم نفسه للشرطة قائلاً: "أنا فعلتها.. من الأفضل أن يختفي المعاقون".
إن ما يجري يحتاج من دول العالم مقاربة مختلفة للموضوع، مثال مقاربة ظاهرة الاحتباس الحراري التي لا ينكرها إلا اليمين الغربي المتطرف، بسبب ضغط اللوبي الصناعي فيها.
وكذلك اليوم ظاهرة الاحتباس الظُّلمي لا ينكرها إلا نفس هذا اليمين، ويوجهون أصابع الاتهام للإسلام؛ لأنه الأضعف في دائرة الأسباب المتهمة.
لكن أولئك لا يعلمون أن الإسلام كدين لم ينتشر ويتابع الانتشار حتى اليوم إلا بسبب أهم خصلة فيه وهي الوقوف في وجه الطغيان والاستبداد الفردي والدولي، وتلك فطرة بشرية لن يستطيع أحد القضاء عليها إلا بأسلحة الدمار الشامل التي ثبت بالدليل القاطع أن المسلمين لا يملكون منها فتيلاً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.