"الكمال لله وحده" كثيراً ما سمعنا وتناقلنا تلك القاعدة التي تعد من أصول الإيمان بوحدانية الله، ومن سنن الله في هذه الحياة أنَّ الشيء إذا بلغ كماله أخذ في النقصان.
فهذه السنة مطَّردة عامة، فللناس فيها أقوال وأمثال حفظتها بطون الكتب.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ النَّاس لم يرفعوا شيئاً من هذه الدنيا إلا وضعه الله عزَّ وجلَّ.
ويقول المثل الفارسي: لكل ارتفاع ضعة.
ويقول العرب: مَن بلغ غاية ما يحبّ فليتوقع غاية ما يكره.
فيظل الإنسان طوال حياته باحثاً عن الكمال، وسد حاجيات نقصهِ الفطري الذي ما يلبث بظنهِ أنه اكتمل إلا ويتجلى نقصانه في شيء آخر في حياته، كابداً عليه حياته، حتى يثبت فيه قول الله تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان في كبد".
فما من شيء في هذا الكون إلا ويبحث عن الثبات والاستقرار وهو المعنى الفطري للكمال عند الإنسان، فقال الله تعالى: "لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر"، ليس هناك ما يثبت مكانه، فتجد الكون كله في حركة -نظنها عشوائية- متسارعة كل ذرة في هذا الكون تبحث عن الاستقرار التكاملي حتى يفنى ذلك الكون بأسره، فحينها يكون لخالق ذلك كله شأن آخر.
ولكن ثمة تناقض وحيرة تنتاب صديقي حين يذهب قليلاً؛ حيث ذلك العالم الناقص فيجد في مفهومه للنقص معنى مريحاً للتواكل وعدم السعي؛ لأنه بذلك لن يبلغ الراحة المنشودة قط، فلم النصب والتعب وراء ذلك المعنى "الكمال"؟!
ولكن سرعان ما يوقظه معنى آخر فى قول الله تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله"، ذلك المعنى السببي الذي لم يذكر فيه "وقل انتجوا" فليست تلك مُهمتك فمن أوجدك في هذه الحياة يعلم نقصك وضعفك.
أخيراً ومما سبق استنتج صديقي أن الإنسان ما دام في هذا الكون دام نقصه وبحثه عن كماله، ولكن شتان أن يدركه.
فما إن يُشبع نقصاً إلا ويتجلى له نقص آخر يلوح له في أفقهِ حتى يُعلِمه الله أنه وله فقط الكمال، وأن حاجيات الإنسان في الكمال لم ولن تستقر وتستقيم له أبداً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.