السيادة العراقية

كشفت الأحداث أن عملية إطلاق سراح الصيادين القطريين المختطفين في جنوب العراق منذ قرابة عام ونصف، لرئيس الوزراء العراقي الدكتور العبادي، أن كثيراً من الحلفاء في الداخل كان ولاؤهم ولا يزال للخارج، وهم أقل خدمة لدولة العراق مما هو متوقع

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/24 الساعة 02:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/24 الساعة 02:32 بتوقيت غرينتش

كشفت الأحداث أن عملية إطلاق سراح الصيادين القطريين المختطفين في جنوب العراق منذ قرابة عام ونصف، لرئيس الوزراء العراقي الدكتور العبادي، أن كثيراً من الحلفاء في الداخل كان ولاؤهم ولا يزال للخارج، وهم أقل خدمة لدولة العراق مما هو متوقع.

وبينما اعتقد كثير من المحللين أن إطلاق سراح المختطفين سوف يتمخض عن مزيد من السرية؛ لتجنب إحراج الحكومة العراقية، وتوجيه الناقدين بشكل أكثر غموضاً نحو اعتماد نظرية المؤامرة لفهم ما حدث خلال المفاوضات، لكن جاءت النتائج فاضحة لكثير من التفاصيل التي تطابق الواقع.

فلم يتمكن الأمن العراقي من الضغط على الجهة المسلحة الخاطفة التي تأتمر بأوامر من إيران من أجل تأييد سيادة العراق، وبالمثل، لم توافق الجهة الخاطفة على الربط بين أي من الحلول السرية المطروحة وكبح أقلام وألسنة الناقدين لضعف الأمن العراقي أمام السلاح السائب لفصائل يشاع أنها أصبحت جزءاً من منظومة الدولة العسكرية والأمنية.

وبينما سيطر المفاوض القطري والمفاوض الإيراني على إبرام الصفقة، فقد برز بوضوح غياب المسألة الهامة المتعلقة بماهية المصلحة التي اكتسبتها حكومة العراق من هذه العملية.

وبينما اقترح البعض في بادئ الأمر تدخل المفاوض العراقي الذي يحمل إمكانية الشفاعة والحوار، ويكون هو أكثر المسارات وضوحاً وقابلية للتوسط بهذا الشأن، فإنه يبدو أن الحافز على إشراك العراق فيما يتعلق بهذه المسألة قد تقلص في الأشهر الأخيرة، وفي حقيقة الأمر فإن تصريحات الدكتور العبادي قبل رحلته إلى الولايات المتحدة توحي بأنه قد استبعد بالفعل أن يكون العراق جزءاً من هذه المفاوضات المخالفة لقانون العراق.

ومن على السطح، يرى الصحفيون ما لا تراه الحكومة العراقية، فصحف مثل الغارديان والشرق الأوسط، كتبت الكثير من التفاصيل المطابقة للواقع وكأنها شهود، بخلاف الجهات الحكومية الأمنية العراقية كانت غير شفافة ومحرجة جداً في تصريحاتها وبياناتها التي أخذت سمة الجهل بالتفاصيل والدعاية لإنجاز يبدو أنه فرض عليها.

تعي حكومة بغداد أن الأمن الدائم في العراق يمثل تحدياً هائلاً لا يمكن إنجازه دون تضافر جهود الأحزاب الشيعية وفصائلها المسلحة مع برامج الحكومة السياسية والأمنية، وليس مع أجندات إيران وحلفائها، وكما أشار الدكتور العبادي مؤخراً، فإن مصير استقرار العراق أمنيا يرتبط ارتباطاً لا فكاك منه بانضباط هذه الفصائل بقانون الدولة العراقية.

فإذا أخذنا في الاعتبار الصلات التاريخية العميقة والروابط الدينية التي تربط العراق بجارته إيران، فإن هذه الأخيرة تقف في موقف يؤهلها لأن تلعب دوراً حاسماً في مستقبل أمن واستقرار العراق، ومن الممكن أن تساعد الدبلوماسيّة الأميركية والخليجية الفعالة في جعل هذا التدخل العميق لنفوذ حلفاء إيران في العراق دوراً إيجابياً وليس دوراً سلبياً محرِجاً لمواقف الحكومة العراقية الحيادية.

فبالرغم من إعلان العداء بالضد من إيران من قبل إدارة ترامب، فإن الولايات المتحدة وإيران تجمعهما نقطة تقاطع هامة، وهي الحوارات الدبلوماسية من أجل استقرار العراق.

ومع انفراد إيران بأعلى معدلات الولاء الديني والحزبي في العراق، يكون لدى إيران مصلحة قوية في أن تشهد تلك الأحزاب الشيعية والكردية نجاحات في صناعة أكثرية مستمرة على تأييدها بالولاء المذهبي والسياسي لها.

وبالنظر إلى تاريخها الداعم لأحزاب المعارضة الشيعية المناوئة أيديولوجياً للسنة في العراق والخليج، والتي طالما أشارت إليها إيران وحلفاؤها في الماضي باسم "الوهابية"، فإن طهران لن يسرها أن تراها شريكاً لأحزابها في حكم وإدارة العراق مرة ثانية، ولن ترضى بأي تسوية سياسية أو تاريخية بين طرفي المعادلة الطائفية في العراق تعيد المعادلة السياسية إلى مرحلة تصفير الأزمات والصراعات وتحكيم قانون العدالة الانتقالية.

ويبقى سلوك إدارة إيران لحلفائها داخل دول الهلال الشيعي وفي أي مكان آخر هي أوراق ضاغطة لتحسين علاقتها مع الولايات المتحدة والغرب.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد