الأصل أننا لا نكره الأشخاص بقدر ما نكره أفعالهم ونمقت سوء أخلاقهم، ونرفض اعوجاج سلوكهم وتصرفاتهم، فالممثل عادل إمام (المشخصاتي حسب التوصيف الدقيق لتلك المهنة في حقبة العشرينيات والثلاثينات) كشخصية لا يهمنا من قريب أو بعيد ومَن على شاكلته، بقدر ما يهمنا ما يقدمه من منتج فكري يخترق البيوت المصرية المسلمة دون استئذان أو فرز إلا مَن رحم الله، فقد بدأ عادل إمام "هلفوتاً" في الستينيات يلعب دور السنّيد الذي يقبل الإهانات والضربات بدلاً من البطل، ثم انطلق في السبعينات، وأخذه الكِبر والغرور في الثمانينات حتى طغى وتجبر في التسعينات مع فترة الألفية وحتى الآن؛ ليعوض ما فات من إذلال وإهانات فترة الستينات.
أكره عادل إمام؛ لأنه أصبح سخيفاً ومملاً بشكلٍ فج في تكرار نفس التيمة المستهلكة منذ الثمانينات المعتمدة على الإيحاءات الجنسية، وازدراء كل ما هو إسلامي، فضلاً عن حركات العين والأنف تعبيراً عن الدهشة والاستغراب، وكأن العالم لم يتغير والبشر أيضاً، فضلاً عن أساليب الكوميديا ذاتها التي تطورت تماشياً مع الواقع الحالي، حيث إيقاع الحياة المتسارع الذي لم يدركه الزعيم الوهمي حتى الآن، أو أدركه لكنه ما زال يصر على المكابرة ويستخف بالجمهور.
أكره عادل إمام؛ لأن الأخطر أنه ما زال يحتقر الجمهور ويلعب على نفس الأفكار المعلبة البالية من تحرش جنسي ولفظي، والغمز واللمز بكل ما هو إسلامي.. المسلم المتدين في نظره هو المتخلف العصبي المتشدد البخيل، فإما أن تكون كذلك أو تصبح سِكيراً، عربيداً، زير نساء، صاحب سيجارة وكأس لا تبالي بدين أو أخلاق أو تقاليد، وتلك هي الحرية والتمدن، المهم أن يعيش المرء نزوته وليلته، والدين لله والوطن للعرابدة (جمع عربيد)، فبدلاً من أن يكون الفن منضبطاً بضوابط الدين والشرع، جعلوا الدين عدواً لكل إبداع في نظرهم، ومطيةً لكل ناعق يتطلع للشهرة على حسابه ثوابت الأمة.
أكره عادل إمام؛ لأنه يكذب على الناس بأنه يحب مصر ويضحي من أجلها بالغالي والنفيس، بينما لا يبرح يغترف من الملايين كل عام ولا يتنازل عن جنيه واحد لأجل الملايين المطحونة، أو صندوق السيسي المسمى "تحيا مصر" وكل هذا نظير قصة بهلوانية سخيفة لا فكر ولا محتوى، اللهم إلا حشر ودس ذات المفردات القديمة من الإفيهات الجنسية، واحتقار الدين بمناسبة وغير مناسبة، وكأنه مقرر كل عام على جمهور شهر رمضان الذي لم يعد فضيلاً عند هؤلاء الأراجوزات.
أكره عادل إمام؛ لأنه ينافق الحاكم الفاسد المستبد، يتظاهر بمعارضته في أفلامه، ثم تجده ينام في فراشه كعادة المعارضة المستأنسة المستأجرة (إبراهيم عيسى ومصطفى بكرى نموذجاً)، الذين اقتاتوا على دماء الشعب بسب النظام نهاراً، والركوع بين يديه ليلاً تقديماً لقرابين الولاء والطاعة ليلاً؛ لتبقى السبوبة والمصلحة.
أؤمن أنه لن تتقدم أمة جُلّ اهتمامها الفن الماجن الذي يذهب بنخوة الرجال، وينتهك حياء المرأة، ويُلهي الشباب في مظاهر الحياة الاستهلاكية لإبعادهم عن دينهم، فالأنظمة المستبدة الفاسدة تعمد إلى تغييب العقول وتزييف الحقائق لصالح ديمومة الحاكم على العرش إلى يوم القيامة، فبدلاً من تقديم محتوى يسمو بالأخلاق، يكذبون حتى في الروايات والأعمال التاريخية والدينية الثابتة والمستقرة في وجدان الأمة، فتشاهد راقصة تتمايل بخلاعة في أول مشهد في فيلم "هجرة الرسول"، والهدف واضح والمعنى في بطن "الحاكم".
أكره عادل إمام وكل عادل إمام يستنكف التوبة عما مضى ويصر على الاستمرار في (غيّه)؛ حيث بث الأفكار المسمومة الهدامة، وبعد أن بلغ من العمر أرذله، ولن أخفي كراهيتي له حتى لو قِيل عني إنني متخلف ورجعي عدو الإبداع، فأزعم أنني أتقرب إلى الله بمجاهرتي بالكراهية لأمثال هؤلاء… اللهم إني صائم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.