لو سألت أي أُم لأخبرتك أنها ترى أبناءها أجمل أطفال العالم، وقد تظنّ أنه أمر طبيعي باعتبارها أُماً منحازة لأولادها، لكن الحقيقة أن كل أُم ترى أبناءها الأجمل بشكل موضوعي فعلاً، ليس في الأمر شبهة تحيز، وعندما تجرب الأم النظر لأطفال الآخرين تشعر فعلاً -وبدون توهّم- أنهم أقل جمالاً من أطفالها، حتى لو حلفتها بالله أن تقيّم بشكل موضوعي، وبغض النظر عن عاطفتها، نظرة واحدة منها وستقسم لك أن أبناءها أجمل، بل الأجمل على الإطلاق.
والسبب هنا لا يعود لعاطفة الأم، بل لشيء متبادل بين الأم وطفلها، إن الأم حين تنظر لعين طفلها فهي تلتقط منها مُحصّلة حب ورعاية وحنان تعود لتاريخ طويل قبل هذه النظرة، لا تكون نظرتها لطفلها كنظرتها لأي طفل، لن ينظر لها الطفل الغريب نظرة الحب التي يبادرها بها صغيرها، لن ترى في عينه لهفة أو امتناناً، سترى نظرة جافة، قد تكون بها عاطفة إيجابية ترقى إلى المجاملة في بعض الأحيان.
فالأم قد يكون طفلها قبيحاً من حيث الشكل، ولكن لهفته الصادقة تجاهها، وانعدام هذه اللهفة عند الأطفال الآخرين، يجعلها تراه أجمل من الجميع حقاً، وبالمثل قد تتزوج امرأة جميلة برجل دميم الشكل، ولكنه يحبها حقاً، وقد يحارب رجل وسيم كي يرتبط بفتاة يراها الناس أقل منه جمالاً؛ لأنه وجد في عينيها نظرة الحب التي ترسم لها ملامح جديدة في عينيه، ملامح لا يهمه أن تكون موضوعية أو مطابقة للواقع، المهم أنها جميلة.
وحول هذا المعنى دندن الشاعر التونسي الهادي الجويني أغنيته الشهيرة: "لاموني اللي غاروا مني، قالوا لي اش عجبك فيها، جاوبت اللي جهلوا فني، خذوا عيني شوفوا بيها"، هذه العين التي يتحدث عنها الشاعر هي القادرة على أن ترى الجميل فيما قد يراه الناس قبيحاً.
وهي التي أشار لها الرئيس عبدالفتاح السيسي حين قال: "انتو مش عارفين إن انتو نور عينينا ولّا إيه؟"، فقد جعل الحب هو الرباط الحقيقي بين الزعيم وشعبه، فهو الذي يجعل الزعيم يرى شعبه البائس أجمل شعوب العالم، كنظرة الأم لولدها، وليلى لقيسها، وبثينة لجميلها، ولذلك قال الرئيس أيضاً، وببلاغة لا تحتمل التأويل: "لو فقدت نظرة المحبة في عيونكم همشي"، فنظرة المحبة هي ما يربطنا جميعاً، وبدون هذه النظرة قد لا تجد أُماً تحب ولدها، أو زوجاً يحب زوجته، أو رئيساً يلتصق بشعبه.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.