سلسلة “أنتي إلحاد” وخرافات التطور

الصدمة الأولى كانت في تسمية السلسلة، فقد صُدمت؛ لأن الدكتور العمري بحث في قواميس اللغة العربية فلم يجد كلمة تناسب عنوان السلسلة، فاستعان بكلمة إنكليزية وسمى سلسلته Anti إلحاد، بدلاً من أن يسميها (ضد الإلحاد) مثلاً، وكأن هذا العنوان (العربليزي) سيجعلها سلسلة (مودرن)، أي حديثة وأكثر قبولاً، فواحسرتا إن كان أمثال الدكتور العمري، وهو قدوة لشبابنا، يستعمل كلمة أجنبية في عنوان سلسلة عربية وموجهة للعرب.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/26 الساعة 03:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/26 الساعة 03:55 بتوقيت غرينتش

صدمتني الحلقة التاسعة من سلسلة (أنتي إلحاد)، التي يصدرها تباعاً الدكتور أحمد خيري العمري على اليوتيوب، وهذا رابطها على الشبكة، وكانت تلك صدمتي الثانية، رغم أن في السلسلة جهداً مشكوراً وحلقات قيمة مفيدة.

الصدمة الأولى كانت في تسمية السلسلة، فقد صُدمت؛ لأن الدكتور العمري بحث في قواميس اللغة العربية فلم يجد كلمة تناسب عنوان السلسلة، فاستعان بكلمة إنكليزية وسمى سلسلته Anti إلحاد، بدلاً من أن يسميها (ضد الإلحاد) مثلاً، وكأن هذا العنوان (العربليزي) سيجعلها سلسلة (مودرن)، أي حديثة وأكثر قبولاً، فواحسرتا إن كان أمثال الدكتور العمري، وهو قدوة لشبابنا، يستعمل كلمة أجنبية في عنوان سلسلة عربية وموجهة للعرب.

أما الصدمة الثانية فكانت لما حوته الحلقة المذكورة من مجموعة خرافات تروج لما يسمى (نظرية التطور)، والأولى أن تسمى (خرافة التطور)، كما سمَّاها الكاتب البريطاني (روبرت جيمس غالغي)، وجعل هذا الاسم عنواناً لكتاب فنَّد فيه تلك النظرية وأثبت تهافتها وبطلانها.

وهاكم عرض سريع لأهم الخرافات التي حفلت بها تلك الحلقة:

الخرافة الأولى: أنه كان هناك يوماً ما زرافات قصيرة الرقبة، وزرافات طويلة الرقبة، فانقرضت ذوات الرقبة القصيرة وعاشت ذوات الرقبة الطويلة، بسبب قحط ألمَّ بالبيئة؛ إذ لم تتمكن قصار الرقبة من تناول ورق الشجر فانقرضت، وهذه خرافة علمية، فلا توجد أحفورة واحدة لزرافة قصيرة، والعلم يتحدى التطوريين أن يأتوا بسلف الزرافة ذات الرقبة الطويلة، وأن يقولوا: هو ذا سلف الزرافة.

الخرافة الثانية: أن حيوانا برياً بحجم الذئب، أي لا يزيد وزنه عن مائتي كيلوغرام على أبعد تقدير، وطول جسمه لا يزيد عن مترين، يمشي على أربع، ويتنفس برئتين، هذا الكائن المزعوم دخل إلى الماء قبل عشرة ملايين سنة، وراح يتطور حتى أصبح حوتاً أزرق، طوله ثلاثون متراً، ووزنه 170 طناً، يمخر عباب البحر اليوم، بعد أن تضاعف حجمه حوالي 900 مرة، فلا يبلغ جده الذئب أن يكون لقمة صغيرة في فمه، والعلم يتحدى أن يأتي أصحاب هذا الزعم الخرافي بدليل علمي واحد على هذا الزعم، أو أن يأتوا بأحفورة واحدة لسلف الحوت الأزرق الذي يعيش اليوم في المحيطات.

الخرافة الثالثة: أن القرآن الكريم فيه ما يدعم نظرية التطور، وها هما دفّتا المصحف، فدلونا على آية واحدة تدل على ذلك.

الخرافة الرابعة: أن الغربيين كانوا يقولون عندما ظهرت نظرية التطور إنها متأثرة بأفكار محمدية؛ لأن التراث الإسلامي شهد أفكاراً مشابهة للتطور، وهذه كتب التراث الإسلامي فليأتوا بدليل على أن أي عالم مسلم قال إن الكائنات يتطور بعضها من بعض، إنما تكلم بعض علماء المسلمين كالجاحظ وابن خلدون وغيرهما، عن تصنيف الكائنات وأنواعها، ولم يتكلم أحد قط عن أن نوعا قد تطور من نوع آخر.

الخرافة الخامسة: أن نظرية التطور ليست مجرد نظرية، وليست فرضية، بل هي حقيقة علمية، ونقول لمن يدعي ذلك: "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين".

الخرافة السادسة: أن الاكتشافات العلمية تعزز النظرية، والحقيقة عكس ذلك تماماً، فقد فشلت الاكتشافات العلمية في العثور على أحفورة انتقالية واحدة بين مئات الملايين من الأحافير التي اكتشفوها بعد دارون، كما أن اكتشاف الجينات واكتشاف أن الخلايا الحية تحتوي على برمجيات خارقة ومعلومات هائلة نسفت نظرية التطور من أساسها.

الخرافة السابعة: أن الذين ينتقدون النظرية لا يفهمونها، وهذه حجة جاهزة للرد على كل من ينقد النظرية قبل أن يناقشوه، وكأن العلم أصبح حكراً على التطوريين، وأما غيرهم فجاهلون لا يفقهون شيئاً، راجع يا دكتور الكتب والأبحاث والأوراق العلمية التي ينشرها كل يوم كبار العلماء في الغرب في نقد النظرية، وأنصحك أنت أن تفهم النظرية وتفهم أدلة من ينتقدونها قبل أن تقول مثل هذه الخرافة.

الخرافة الثامنة: أن نظرية التطور لا ترتبط بالصدفة، وهذه خرافة لا يدعيها أصحاب النظرية أنفسهم، فهم يقولون إن الطفرات الجينية التي يزعمون أنها تؤدي للتطور، هي طفرات عشوائية لا قانون لها، فمن أين جئت بأن النظرية لا ترتبط بالصدفة؟ علماً أن الطفرات الجينية هي أساس الدارونية بنسختها المرقعة، أقصد الحديثة.

الخرافة التاسعة: أن الإنسان والقرد لهما أسلاف مشتركة، وقد جاء بهذه الخرافة في سياق تنبيهه للمشاهدين على أن لا يقعوا في خطأ شائع، ويقولوا إن نظرية التطور تنص على أن الإنسان أصله قرد، فهذا غير صحيح، والصحيح أن الإنسان والقرد لهما سلف مشترك، أي إن قولنا إن القرد هو جدنا غير صحيح، ومن يقوله جاهل لا يفقه في العلم شيئاً، أما من يقول إن القرد هو ابن عمنا، فذاك من يتبع العلم الصحيح، والفهم القويم!! أي تخبط هذا؟

ثم إن السؤال الأهم: ما هو هذا السلف المشترك المزعوم للقرد والإنسان؟ أرونا إياه، ضعوا يدنا عليه، أرونا أحفورة واحدة يمكن أن تشيروا إليها وتقولوا: هذا هو (القردسان)، ونعني به السلف المشترك للقرد والإنسان، الذي تطور كلاهما عنه.

هذا السؤال لا جواب له عند أي تطوري، وكلمة السلف المشترك شائعة جداً في أدبيات التطوريين، ولكنها للتخلص من الدليل العلمي، وببساطة نقول: إن أكبر فجوة ادعاها التطوريون بين أبناء العمومة الإنسان والقرد، وبين جدهما (القردسان)، هي سبعة ملايين سنة، فيكفي هذا الوقت لحدوث طفرات جينية عشوائية يعمل عليها الاصطفاء الطبيعي لتحول (القردسان) إلى إنسان؟ كم عدد الطفرات الجينية العشوائية اللازمة لذلك؟ هلا تكرمتم يا من تقولون بالتطور بوضع قائمة للفروق الشكلية والتشريحية والعقلية والسلوكية الإدراكية والغريزية وغيرها بين ذاك السلف المزعوم، وبين الإنسان، ثم انظروا هل تكفي المجلدات الضخمة لتسجيل تلك الفروق؟ ثم بعد ذلك احسبوا عدد الطفرات العشوائية اللازمة لحدوث تلك التطورات بالتدريج، على أن تبقى كل طفرة مدة كافية ليعمل الاصطفاء الطبيعي على اختيارها وتوريثها، احسبوا كم عدد السنوات اللازمة لذلك، وستجدون أن عمر الكون لا يكفي، فكيف تكفيها سبعة ملايين سنة كما يزعم التطوريون، ويصدقهم الدكتور العمري ومن نحا نحوه؟

ونختم بما ختم به الدكتور العمري تلك الحلقة حين قال: "جرُّ النظرية وما تطرحه إلى نطاق الإيمان والإلحاد يعبر دائماً عن عدم فهم ما تطرحه النظرية أو عن رغبة مسبقة للوصول إلى حكم معين ضدها أو ضد الإيمان"، ونقول: ليت مناقشة النظرية تبقى في إطار العلم بمختلف فروعه، إذن لهان نقضها وبيان بطلانها وتهافتها، ولكنها أصبحت بالنسبة للملحدين جزءاً لا يتجزأ من عقيدتهم، ولن ترى في عصرنا ملحداً واحداً لا تشكل هذه النظرية حجر الزاوية في إلحاده، وهذا ما يدفعهم للاستماتة في ترويجها والدفاع عنها، ضاربين بعرض الحائط كل ما يقوله علم الوراثة والجينات والرياضيات والكيمياء الحيوية والطب والأحافير والعلوم الطبيعية، ولو حاكموا العلم والعقل فيها لنبذوها، وأما من يؤمن بها من غير الملحدين، مثل الدكتور العمري ومن حذا حذوه، فهم في ظننا يتابعون التطوريين فيما يقولون، دون أن ينظروا في أدلتهم الباطلة، ودون أن يعرضوها على ميزان العلم والمنطق، ظناً منهم أن ما يأتي به الغرب مكتسياً بلبوس العلم لا بد أن يكون صحيحاً، ولا حاجة بهم لتمحيص الأدلة طالما أن النظرية جاءت من بلاد الخواجات.

أرجوك يا دكتور أحمد خيري العمري، راجع معلوماتك ومراجعك بخصوص نظرية التطور، ولا تكن ممن يروج لهذه الخرافة التي يسمونها نظرية علمية.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد