التقطت مجموعة من السياح صور "سيلفي" لهم وسط ركام المباني والسيارات المدمرة، وذلك في الجزء الواقع تحت سيطرة الحكومة السورية من مدينة حلب.
وكانت مجموعات من السياح التقطت صوراً من أمام القلعة التاريخية الموجودة داخل المدينة، على الرغم من انتشار الدمار الذي خلّفته الحرب الأهلية المستمرة منذ 4 سنوات، ولم يتسن التأكد من هوياتهم أو من تاريخ الصور، وما إذا كانوا من المدينة ذاتها أم قدموا من خارجها بعد أن بسط النظام السوري سيطرته عليها.
الصور التي نشرتها صحيفة ديلي ميل البريطانية تأتي وسط استمرار الحصار الذي يتعرض له الآلاف من العالقين من سكان الجزء الشرقي للمدينة، الذي شكل نقطة مواجهات دارت بين قوات الجيش السوري والمعارضة المسلحة في سوريا.
وكانت الحكومة السورية تُجلي السكان بعد إعلان وقف إطلاق النار، إلا أنها أوقفت العملية أمس عقب انتشار تقارير تفيد بوجود تبادل لإطلاق النار.
فيما توقفت عملية إجلاء المدنيين حتى سمحت المعارضة المسلحة لسكان بلدتي كفريا والفوعة ذات الأغلبية الشيعية بأن يغادروا إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
وكان التلفزيون الحكومي السوري قد قال إن إجلاء المدنيين من حلب لن يُستأنف إلا في حالة السماح لسكان كفريا والفوعة بالمغادرة.
وفي غضون ذلك، سحبت الحكومة السورية حافلاتها منذ الخميس الماضي، والتي كانت تنقل المواطنين من داخل المدينة العتيقة، التي استمرت معاناتها جراء القصف العنيف والمعارك الشرسة والحصار المستمر.
ويُعتقد أن عدد المدنيين وقوات المعارضة المسلحة الذين نزحوا من المدينة يبلغ 6000 شخص على الأقل، بمن فيهم 2700 طفل، وذلك بعد أن تمكنت القوات الحكومية من استعادة معظم أجزائها.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال آلاف السوريين، الذين يعانون من البرد والجوع، محاصرين داخل المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة بأكبر المدن السورية.
وفي السياق نفسه، صرّح بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، للصحفيين في نيويورك بأن حلب صارت الآن مرادفاً للجحيم.
وتقع القلعة في المدينة القديمة لحلب، والتي تعرضت لدمار كبير جرّاء القتال.
وقد تسبب القتال في تدمير منارة المسجد الأموي الشهير التي يعود تاريخ إنشائها إلى القرن الحادي عشر، كما تسبب في دمار كبير بالقلعة.
وتنتمي المنارة إلى عصر السلاجقة خلال القرن الحادي عشر، إذ دُمرت خلال المواجهات المسلحة التي وقعت في أبريل/ نيسان 2013، تاركة وراءها كومة من الحجارة التي يحمل بعضها الزخارف الأنيقة.
أما القلعة فقد انهارت أجزاء من أسوارها، فضلاً عن آثار الحريق التي تُرى على حوائط مدخل القلعة.
ويُعتقد أن تلك القلعة إحدى أقدم قلاع العالم. وعلى الرغم من أن تاريخ تشييدها غير معروف، يحمل الموقع نفسه أهمية كبرى منذ 3000 عام قبل الميلاد.
كما يُعد سوق حلب المغطى أكبر أسواق العالم، الذي ظل لقرون طويلة يشكل مكاناً لتجمّع الحرفيين والتجار.
فقد اعتاد الناس القدوم من جميع أنحاء العالم لزيارة الدكاكين التي يبلغ عددها 4000 دكان، والخانات التي يبلغ عددها 40 خاناً، فضلاً عن الفنادق الصغيرة المنتشرة على جانبي الطريق لاستضافة المسافرين.
إلا أن جدران السوق الآن لا تُرى فيها سوى آثار السنوات التي شهدت تكرار إطلاق النار والصواريخ وقذائف الهاون من حوله.
في هذه الأثناء، تجرى مفاوضات حول إتمام عملية إجلاء المدنيين من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
فيما قال مسؤول من المعارضة وآخر من الحكومة، في وقت مبكر من يوم السبت، إن إجلاء المدنيين من حلب سيُستأنف، وأيضاً إجلاء بلدتي كفريا والفوعة، بالإضافة إلى الجرحى من مدينتين أخريين بالقرب من الحدود اللبنانية شرق حلب.
بيد أن بعض المصادر قالت إن المفاوضات بين مؤيدي الحكومة وقوات المعارضة، بالإضافة إلى الداعمين الدوليين لكلا الطرفين، لا تزال في الطريق لإضفاء اللمسات الأخيرة على الطريقة التي ستُجرى من خلالها عملية الإجلاء، وعدد الناس الذين سيُسمح لهم بالخروج من المدينة.
وقال مسؤول رفيع من صفوف المعارضة المسلحة، وهو أحد أعضاء جبهة أحرار الشام القوية الذين شاركوا في تلك المفاوضات، إن إيران وميليشياتها المسلحة هم المسؤولون عن توقف المفاوضات بسبب إصرارهم على أن يُسمح لسكان بلدتي كفريا والفوعة، بالمغادرة قبل السماح بإجلاء المدنيين من حلب.
قال منير السيال، رئيس الجناح السياسي للحركة في مقابلة عبر الهاتف مع وكالة رويترز: "تستغل إيران ووكلاؤها الطائفيون الوضع الإنساني لشعبنا المُحاصر في حلب، ويمنعون المدنيين من المغادرة حتى إجلاء مجموعاتهم من بلدتي الفوعة وكفريا".
ومع حلول مساء يوم السبت وبداية انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون درجة التجمّد، لم تظهر أي علامة على حدوث عمليات إخلاء في المنطقة. وقال أحد سكان حلب في تصريح لوكالة رويترز، إنه لم يغادر أحد القطاع الذي تسيطر عليه المُعارضة، ولم تدخل إليه أي حافلات. كما قال إنه سمع أصوات إطلاق نار بالقرب من المكان الذي يُفترض أن ينتظر الناس فيه الحافلات.
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) عن وجود الآلاف ممن يشعرون بالبرد والخوف، وغيرهم من الجرحى، ممن لا يزالون يقبعون في شرق حرب، في انتظار مغادرتها.
وأوضحت اللجنة أنها تلقّت بعض المؤشرات التي تُبَشِّر بالوصول إلى اتفاق قريب. كما قال أحد مسؤولي الحكومة السورية، من فريق التفاوض المسؤول عن عمليات الإجلاء: "تم الاتفاق على استئناف عمليات الإجلاء من شرق حلب، بالتزامن مع إجلاء الحالات (الطبية) من كفريا والفوعة، وبعض الحالات الأخرى من الزبداني ومضايا".
ولا يزال العدد الدقيق للسكان الباقين في حلب غير واضح، ولكن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ذكرت شبكة CNN أن نحو مليون شخص لا يزالون في المدينة.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قدّر صحفي سوري عدد السكان الذين غادروا المدينة بنحو 50 ألفا إلى 60 ألف شخص فقط. ومن ناحية أخرى، قال مصدر بالأمم المتحدة إن هناك بعض الخطط لإجلاء نحو 100 ألف شخص من شرق حرب وحدها، مما يدل على وجود عدد أكبر من ذلك في الواقع، ممن لا يزالون يعيشون في المدينة.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Daily Mail البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.