هل تعتقد أنك مستعد لخوض هذه التجربة؟
عندما دخلت إلى الأكواريوس لأول مرة، استقبلتني تيزيانا، منسقة التواصل في "أطباء بلا حدود"، على متن السفينة، وهي موظفة إيطالية عملت مع المنظمة في أوروبا وإفريقيا، وأخبرتني سريعاً أن طاقم السفينة يشارك الآن في تدريب طبي، ألقيت بحقيبتي الوحيدة في الكابينة (الغرفة) رقم 14، التي خُصصت لي، وتحركت مع تيزيانا بين ممرات السفينة الضيقة إلى غرفة التدريب.
كان الجميع يشاهدون باهتمام عرضاً تقديمياً تقوم به طبيبة ألمانية تُدعى آنيا، وكان العنوان على الشاشة: Hypothermia.
الهايبوثيرميا هو اللفظ العلمي لحالة انخفاض درجة حرارة الجسم، التي تحدث في ظروف كثيرة من التعرض لدرجات الحرارة المنخفضة، مع ارتداء ملابس غير مناسبة، وربما تعاطي المخدرات والكحول بنسب تؤثر على قدرة الجسم على تنظيم درجة حرارته، وبالطبع: البقاء في المياه لفترة طويلة.
العديد من حالات الوفاة بين المهاجرين عبر البحر المتوسط لا تحدث بسبب الغرق مباشرة، ولكنها تحدث أيضاً لأسباب أخرى، مثل انخفاض درجة حرارة الجسم بسبب الهجرة عبر مراكب متهالكة في ظروف جوية صعبة، أو حتى البقاء في المياه مع سترات نجاة.
تدريب الهايبوثيرميا ليس الوحيد الذي يتعرض له المشاركون على الأكواريوس، في الحقيقة، هناك مهارات طبية، وأخرى تقنية، يحتاج المشاركون على السفينة إلى تعلمها.
تقوم منظمة أطباء بلا حدود بتدريب، ليس فقط أفرادها، ولكن جميع الأفراد المشاركين في المهام من هذا النوع. مثلاً، يشارك طاقم السفينة والتقنيون في تدريبين طبيين على الأقل بالإضافة إلى تدريب الهايبوثيرميا.
يجب أن يكون جميع مَن على ظهر السفينة ملمين على الأقل بالمبادئ الأساسية للإنقاذ، وكيفية إجراء التنفس الصناعي، بالإضافة لمحاولات الإنعاش المبدئية لمن يتم إنقاذهم في وضع خطر، وكذلك يشارك الجميع في التدريب على ما يُسمى Mass Casualty Plan (MCP) أو الخطة التي يتم تنفيذها في حالة وجود عدد كبير من الإصابات الخطيرة.
وبالنسبة لطاقم أكواريس، فإن تنفيذ تلك الخطة يتم إعلانه إذا ما تم التأكد من وجود شخصين أو أكثر فاقدي الوعي أو بحالة من انعدام الاستجابة عند العثور على قاربهم في البحر.
بالإضافة لذلك، فإن جميع المشاركين على السفينة أكواريس، من الطواقم الطبية والإغاثية، قد عملوا سابقاً في أماكن مختلفة أثناء أزمات كبرى، بعضهم عمل في دول مثل أفغانستان وباكستان وتشاد ولبنان.
على الجانب الآخر، هناك الجانب التقني، ويبدأ بأن يشارك الجميع في جولة تعريفية بالسفينة وبالأماكن الرئيسية التي قد يُحتاج إليها في حالات البحث والإنقاذ، مثل مكان العيادة أو مخزن الأدوية، وكذلك أماكن المراقبة، وكيفية التعامل مع مَن يتم إنقاذهم وغير ذلك.
للمنظمة الأخرى (SOS) تدريب آخر، يشمل المنقذين، المؤهلين بشكل كامل للتعامل مع الحالات المختلفة، وفي ظروف صعبة نسبياً.
صباح اليوم التالي لإبحارنا، شاركت في تدريبين؛ أحدهما طبي، والآخر تقني، أما التدريب الطبي فكان هو المتعلق بالـMCP، وأما التقني فكان المشاركة في تدريب عمليّ لمحاولات الإنقاذ.
في تدريب محاولات الإنقاذ يتم إجراء الخطوات التي تحدث في أي عملية إنقاذ بداية من اللحظة التي يتم فيها معرفة موقع قارب ما، وحتى إلقاء دُمى بلاستيكية في البحر وإنقاذها بنفس الروتين والنظام الذي يتم في حالات الإنقاذ الحقيقية.
بداية يتم الإعلان عن وجود قارب للمهاجرين، ثم تتحرك قوارب المنقذين نحوه، ويتم تنفيذ تدريب على سيناريوهات متعددة، منها أن يكون مَن يتم إنقاذه مصاباً بشكل خطير، أو في حالة فقدان للوعي.
عندما شاركنا في تدريب الإنقاذ، شعرنا بخطورة ما يفعله المنقذون وإلى أي مدى يمكن أن تسوء الأوضاع، لكن المؤكد أن الأيام المقبلة ستحمل لنا غير ما نتوقع!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.