الفراغ عالم من الضياع

وها أنا قد دخلت لأرى ماذا يوجد هناك، وبينما كنت أتفحص هذا العالم الغريب عني بحذر شديد حتى وقع نظري على شيء مميز ليس ببعيد، فتحول ذلك الحذر إلى خوف عتيد، تلك البقعة تختلف عن كل شيء، ذلك السواد الذي أراه والذي لم ابلغ منتهاه.. اقتربت وكان صوت ما بداخلي يقول لي: لا تذهب، تحديت ذلك الصوت، وتقدمت حتى صار صوت نبض دقات قلبي أعلى منه.

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/11 الساعة 05:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/11 الساعة 05:30 بتوقيت غرينتش

الفراغ هو عالم من الضياع.. كلمات عندما ستقرأها -عزيزي القارئ- ستكون هي تأشيرة عبور كلماتي المقبلة لعالمك الخاص.

وها أنا قد دخلت لأرى ماذا يوجد هناك، وبينما كنت أتفحص هذا العالم الغريب عني بحذر شديد حتى وقع نظري على شيء مميز ليس ببعيد، فتحول ذلك الحذر إلى خوف عتيد، تلك البقعة تختلف عن كل شيء، ذلك السواد الذي أراه والذي لم ابلغ منتهاه.. اقتربت وكان صوت ما بداخلي يقول لي: لا تذهب، تحديت ذلك الصوت، وتقدمت حتى صار صوت نبض دقات قلبي أعلى منه.

وعندما وصلت وجدت عالماً من الضياع.. عالماً يصور لي الحقيقة في داخل كل مَن يعيش ذلك الفراغ الروحي.

ما هذه القبور التي أمامي؟ أين أنا؟ أين ذلك الصوت؟ أين نبض قلبي؟ إنه السكون الذي قادني للجنون فتقدمت بين تلك القبور، تساءلت لمن هذه؟ من دفنهم في عالم مثل هذا؟ وإذا بصوت طفل يجيب: إنها لي.. تقدمت نحوه فإذا بي أرى وجهاً باكياً لسنين وانقطاع الدمع عنه بعد لم يحِن، وسألته من أنت؟ وكيف هي لك؟ يشير لي بإصبعه نحو مجموعة من القبور ويقول: أنا ذلك الذي كان يرى جمال الدنيا بعيون طفل بريء حتى اندثرت هذه البراءة بمجرد فقدان مَن حمتني كل تلك السنين.

هي أمي التي من أجلها بنيت كل تلك الأحلام وبعد فراقها صارت أوهاماً، أنا الذي أترجاها في قبرها طوقيني بين ذراعيك، أحبيني بعينيك دعينا ننسى لليلة واحدة يا أمي حقيقة أننا افترقنا.

وعندما تحرك هذا الطفل في اتجاه آخر نحو مجموعة أخرى من القبور، وإذا به امتلأ رأسه شيباً.. تحت هذه القبور، هنالك رجل صبور تحدّى كل الظروف لأجلي إنه رمز الأمان.. بعده أصبحت كسفينة في عرض البحر بدون بوصلة وعاصفة الحياة تحكمت في وفي مصيري.. فأنا بلا مصير… بدون أب، ثم توجه نحوي وقال: تقدم لا يوجد شيء هنا تراه سوى الموت.

هذه العبارات تعكس الكثير من ملامح الوضعية الراهنة لقلب أرهقه الفراق، أتعبه الفراغ الروحي والمادي لأشخاص لطالما كان صدرهم محطة الأمان.
ومرسى الراحة والحنان.. معهم لم يكن لكلمة مستحيل وجود وفجأة وبدون مقدمات أصبحت مستحيلاً هي حياته.

الألم والهم والوهن وآهات العناء والدمع الحزين والجرح الدفين كلها كلمات لمعنى واحد هو الفراغ.

أحاسيس يشتركون فيها فراغ فراق الروح لمن كان سبباً في خلقها أو أيضاً فراغ فراق الروح للروح كبعد الحبيب، هنا وكأن بساط السعادة قد سحب من تحت أقدامهم.

فراغ العشق هو تلك الذكريات مع مَن تحب التي تتحول فجأة إلى كوابيس تطاردنا في اليقظة قبل المنام، فلا وجود للراحة فقد قضى عليها ذلك القاتل الصامت ألا وهو الفراق، هذه المرارة التي يشعر بها كل عاشق في كل دمعة تضاف إلى دموع الشوق.

ألا يا معشر العشاق
ما أصعب لحظة الفراق
وله فاض الدمع المراق
ذكرانا تشهد على دفء العناق
وفي العين إعصار بدمع الاشتياق
الحياة من بعدكم لا تطاق
والبعد عنكم مر المذاق

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد