لا تكن كالدبة التي قتلت صاحبها، عندما رأت ذبابة على رأسه، فأرادت أن تبعدها عنه "تهشّها"، فوجهت بقبضتها للذبابة ضربة قاضية، هربت الذبابة قبل أن تهوي الدبة بمخلبها على رأس صاحبها، فأطاحت به، ثم صارت الحكاية مثلاً يُضرب فيمن يتطوع لخدمة آخر، فيسيء إليه وربما تكون نهاية الآخر على يديه.
احترت كثيراً في طبيعة وغموض أو غرابة تلك العلاقة التي تربط بين دبّة لا تعرف الكياسة أو لباقة التصرف، فهي في النهاية حيوان لا يعي رد الفعل المناسب للموقف وبين هذا الصاحب، فكيف يلتقيان على علاقة قويمة بينهما؟ ثم كيف رضي القوم والمحيطون بالاثنين أن يسمحوا لعلاقة غادرة بين دبة وبين شخص آخر؟ وهم يدركون جيداً أن نهاية أحدهما واقعة لا محالة، وأنها من نصيب هذا الشخص المأفون!!
وقد وضعت نفسي موضع صاحب الدبة، فكرت كثيراً بطريقته كي أصل لمبتغاه ومراده من وراء هذه العلاقة المشوّهة الغامضة، فوجدت أن المصلحة هي الغالبة مع الدبة، فهي أداة عنيفة وقوة لا يستهان بها، ربما قام بترويضها، وربما سخّرها لإنهاء خصومات قائمة بينه وبين البعض، أو إرهاب آخرين بقوتها الغاشمة.
لكنها في النهاية "دبة"، أي حيوان أعجم، بينه وبين المنطق والعقل بون شاسع كبير، ولا تتقيد بأخلاقيات إلاّ ما درّبها عليه صاحبها، فهي في النهاية صورة مشوّهة لكائن بشري.
ولعل الدبة أيضاً قد وجدت في صاحبها مصدراً آمناً للغذاء والمأوى، فتركت مشقة البحث عن الطعام، وتركت حياة الغابة بقسوتها، فتعلقت به تعلق الحيوان الأعجمي بصاحبه وخشيت عليه مما يحيط به، لعلها وعت وأدركت مبكراً أن وجودها رهن بوجود هذا الصاحب، ففزعت من اختفائه وخشيت عليه حتى من ذبابة حامت حول رأسه، فأرادت إبعادها فقتلت صاحبها؛ لنصل لخاتمة درامية بأنه من غير المستساغ ولا المنطق أن نقيم علاقات مع دببة أبداً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.