كشفت قناة NBC News عن تمثال صُنع حديثاً لأم الملك المصري توت عنخ آمون، والتي تُعرف باسم "السيدة الأصغر".
وتمت صناعة التمثال بإشراف من مقدِّم البرامج على قناة Travel Channel الأميركية، جوش غاتس، بناءً على جثة السيدة الصغيرة الموجودة بالمتحف المصري، بحسب موقع Real Screen.
وثبت سابقاً بالدليل الجيني أمومة "السيدة الأصغر سناً" للملك توت عنخ آمون، وهي ابنة الملك أمنحتب الثالث والملكي "تي"، فيما لا يُعرف اسم الجثة الحقيقي، ويتم الترميز لها بـ"KV35YL".
يَفترض البعض أن جثة "السيدة الأصغر سناً" هي للملكة نفرتيتي، زوجة الملك أخناتون، لكن أغلب الأكاديميين يميلون إلى حقيقة أن "السيدة الأصغر سناً" ليست نفرتيتي.
ويعتبر مشروع تمثال "السيدة الأصغر" الذي أطلقه غاتس، خطوة لمحاولة إثبات أن السيدة الصغيرة هي الملكة نفرتيتي، وذلك من خلال مقارنة الشبه بين المجسم المصنوع مؤخراً وتمثال رأس نفرتيتي الشهير الموجود بمتحف برلين.
ولم تُكتشف مقبرة الملكة نفرتيتي حتى الآن، ولا يزال علماء الآثار يبحثون عن أي أثر لمقبرة الملكة داخل مقبرة الملك توت عنخ آمون، من خلال مسح الجدران بالرادارات.
كيف صنع مجسم الملكة؟
قام غاتس وفريقه بمساعدةٍ من أستاذ عالم المصريات في جامعة بريستول البريطانية، أيدان دودسون، باستخدام أحدث تكنولوجيا التصوير الثلاثي لتحديد ملامح وجه الجثة رقمياً؛ من أجل نحت نسخة من رأسها.
قامت بعد ذلك الرسامة إليزابيث دايز بنحت تمثال نصفي للسيدة الصغيرة سناً من خلال استخدام تكنولوجيا نماذج وتحليل الطب الشرعي.
يُذكر أن مقبرة "السيدة الأصغر سناً" اكتُشفت في وادي الملوك بمصر عام 1898، وتم إجراء تحليل الحمض النووي لها؛ لمعرفة صلة النسب بينها وبين الملك توت، حيث تبين أنها والدته البيولوجية.
جدير بالذكر أيضاً، أن هذه ليست المحاولة الأولى لتجسيد ملامح ملك أو ملكة مصرية، فقد تم صنع نماذج لرمسيس الثاني والملكة كليوبترا والملك توت عنخ آمون، سواء على أساس أدلة أثرية أو مومياوات.
لماذا يهتم العالَم بالملك توت؟
يعير علماء الآثار؛ بل والثقافة الشعبية، اهتماماً خاصاً بكل ما يخص الملك توت عنخ آمون، ويعود السبب الأول لذلك إلى اكتشاف مقبرته كاملة في منطقة وادي الملوك بمحافظة الأقصر عام 1922 على يد عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر.
تضمنت المقبرة نحو 3 آلاف قطعة، صُنع معظمها من الذهب الخالص، من أهمها قناع الملك توت عنخ آمون الشهير والذي يُعرض حالياً في المتحف المصري بالقاهرة، وقد تم تحويل معظم القطع الأثرية في المقبرة للعرض بالمتاحف.
من ضمن عجائب المقبرة، خنجر الملك، والذي اكتُشف حديثاً أنه مصنوع من حديد نيزكي، وذلك من خلال قياس تركيز نسبة النيكل بالخنجر.
يقول الباحث الأثري والمرشد السياحي محمد محيي، لـ"عربي بوست": "إن الاهتمام لم يكن من قِبل المصريين القدماء؛ بل من علماء الآثار في العصر الحديث، فدفنة الملك توت وحجم مقبرته يعدان متواضعين، وذلك مقارنة بمقبرة الملك (سيتي الأول) في وادي الملوك، لكن جميع مقابر وادي الملوك تم نهبها، وشاءت الأقدار ألا تُنتهك مقبرة الملك توت".
ويضيف محيي أن "مقبرة الملك بسوسنس الأول (بمقبرة تانيس الملكية) عندما اكتُشفت، كانت كنوزها تضاهي كنوز الملك توت، لكنها لم تحظَ بالضوء الإعلامي الكافي الذي حظيت به مقبرة الملك توت؛ وذلك لأنها اكتُشفت في أثناء الحرب العالمية الثانية عام 1945، كما أن مكتشفها الفرنسي، بيير مونتيه، ترك مصر عقب الاكتشاف مباشرة؛ بسبب ظروف الحرب في فرنسا".
قناع الملك بسوسنس الأول المكتشف في مقبرته
ويشير محيي إلى أن هناك مقابر مكتشفة كاملة مثل مقبرة "تويا ويويا"، ولكن لأن المقبرة غير ملكية فلم تأخذ حقها من الشهرة، وما زالت كنوزها محتفَظ بها بالمتحف المصري.
من ضمن الأسباب التي ذكرها محيي وساهمت أيضاً في شهرة الملك توت، ما يُعرف بـ"لعنة الفراعنة"، التي لعبت على وتر الخرافة عند الناس، فعقب اكتشاف المقبرة تُوفي عدد من البعثة، على رأسهم ممول البعثة اللورد كارنارفون. لكن في النهاية، تُوفي هوارد كارتر في فراشه، وكان هو أول شخص يدخل المقبرة، الأمر الذي أثبت زيف هذه النظرية.