منحوا الأسد وحلفاءه ذريعة لشن حملة واسعة ومدمرة على أكبر منطقة من الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة السورية وتحويلها لحلب جديدة، ومن ثم إنهاء الصراع بما يتفق ورؤية رئيس النظام السوري وحلفائه وفي مقدمتهم موسكو، ويربك خطط الغرب بشأن البلد المشتعل منذ 6 سنوات.
هكذا يرى مايكل راتني، مبعوث الولايات المتحدة الخاص لسوريا، مآلات الوضع بعد تأكيد سيطرة "هيئة تحرير الشام"، الفرع السابق لتنظيم القاعدة الذي كان يُعرَف سابقاً بـ"جبهة النصرة" و"جبهة فتح الشام"، على محافظة إدلب السورية وسط تراجع الدعم الأميركي لمجموعات المعارضة.
وقال راتني في بيانٍ نُشِر على شبكة الإنترنت، إنَّ "مستقبل الشمال في خطرٍ كبير. فإذا تحقَّقت سيطرة (هيئة تحرير الشام( على إدلب، فسيكون من الصعب على الولايات المتحدة إقناع شركائها الدوليين الآخرين بالإحجام عن اتخاذ تدابير عسكرية ضرورية".
ضوء أخضر أميركي لموسكو
دبلوماسي غربي قال إنَّه لم تكن هناك دلائل حتى الآن على أنَّ أيّاً من روسيا أو الحكومة السورية تستعدان لهجومٍ عسكري واسع على إدلب، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية الخميس 3 أغسطس/آب 2017.
وتابع: "لكنَّ الاعتراف الصريح من جانب الولايات المتحدة بأنَّها قد تكون غير قادرة أو ربما غير مستعدة لمنع حملةٍ كتلك كان هو الإشارة الأوضح حتى الآن على الانزعاج من مكاسب المُسلَّحين، وأنَّها لا ترى فائدةً من مواصلة دعم التمرُّد ضد نظام بشار الأسد صراحةً، مانِحةً موسكو تأثيراً أكبر على تشكيل النتيجة التي سيؤول إليها الصراع".
وسيطر على إدلب مجموعة تتشكَّل إلى حدٍ كبير من مقاتلي المعارضة الإسلاميين مدعومين من معارضين مدعومين أميركياً، في حملةٍ كبيرة جرت في ربيع عام 2015. وكانت حركة فتح الشام وهيئة تحرير الشام هما المجموعتان الأكثر قوة في المحافظة.
والأسبوع الماضي، سيطرت "هيئة تحرير الشام" على نقطة عبور حدودية رئيسة مع تركيا ودحرت "أحرار الشام" من عدة مناطق رئيسة في المحافظة، في بعض أسوأ المعارك التي جرت بين فصائل المعارضة السورية منذ بدء الانتفاضة المستمرة منذ 6 سنوات ضد نظام بشار الأسد.
حلب جديدة
واحتج سكان مدنيون ضد محاولة المسلَّحين المرتبطين بـ"القاعدة" السيطرة العلنية على إدلب، وطالبوهم بالانسحاب من مدن رئيسة والسماح بالسيطرة المدنية على إدارة المحافظة.
ويخشى الكثيرون من أنَّ صعود المُسلَّحين سيُوفِّر ذريعةً للأسد وحلفائه لقصف المحافظة على نحوٍ مشابه لاستعادتهم العنيفة لمدينة حلب العام الماضي.
وقال مصدر تابع لحركة أحرار الشام، مُشيراً إلى أبو محمد الجولاني، زعيم "جبهة النصرة": "إنَّهم يريدون القضاء علينا، والجولاني وعصابته كانوا هم الأدوات لذلك".
ويوجد نحو مليوني شخص في إدلب، الكثير منهم من النازحين الذين فرّوا من المعارك في مناطق أخرى بالبلاد بعد اتفاقات وقف إطلاق النار المحلية في مناطقهم، (وقد سمحت تلك الاتفاقات بانتقال الكثير من أهالي المناطق المحاصرة والمسلحين إلى إدلب بالأساس إلى جانب بعض المناطق الأخرى). ويُعتَقَد أنَّ 1.3 مليون شخص هناك يحتاجون إلى مساعداتٍ إنسانية.
وأوقفت الولايات المتحدة مؤخراً واحد من أكثر برامج العمل السرية تكلفةً في تاريخ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، هو برنامج دعم المعارضة السورية، والذي استمر لأربع سنوات في محاولة من الرئيس السابق باراك أوباما الضغط على رئيس النظام السوري بشار الأسد لإجباره على التنحي عن الحكم.
بيد أن وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، قال الثلاثاء، 1 أغسطس/آب، إنَّ واشنطن لا زالت ملتزمة برحيل الأسد والتعاون مع روسيا، مضيفاً في مؤتمرٍ صحفي: "من الواضح أنَّ روسيا وضعت نفسها مبكراً في الصراع إلى جانب النظام السوري وبشار الأسد، وهو ما نجده أمراً غير مقبول. وتبقى وجهة نظرنا هي أنَّ نظام الأسد لا دور له في الحكم المستقبلي لسوريا".
وتواصل الولايات المتحدة دعم جهود محاربة تنظيم داعش، وذلك من خلال حملةٍ لاستعادة عاصمة التنظيم التي أعلنها بحكم الأمر الواقع في الرقة، وهي الحملة التي تتولاها وتقودها قوات كردية شبه عسكرية مدعومة أميركياً.