بدأت الصين إجراءاتها لجمع الحمض النووي لسكان إقليم شينجيانغ الذي يقطنه ملايين المسلمين ويتعرض لحملةٍ أمنية، وفق ما أفاد به حقوقيون وخبراء مستقلون الثلاثاء، 16 مايو/أيار 2017.
وأكدت الشرطة في إقليم شينجيانغ غربي الصين، أنَّها في مرحلة شراء المعدات لتحليل عينات الحمض النووي بأكثر من 8.7 مليون دولار، وفق ما جاء في تقرير لصحيفة الإندبندنت.
سبقه جمع الجوازات
وقبل 7 أشهر أمرت الصين سكان منطقة "شينجيانغ" الحدودية الغربية بتسليم جوازات السفر الخاصة بهم، ما يشكل أحدث خطوة في سلسلة من التحركات التعسفية في المنطقة المضطربة التي تؤوي 11 مليون مواطن من الأقلية المسلمة.
ويعني القرار أنه يتوجب على مواطني منطقة شينجيانغ، وهي منطقة غنية بالنفط ومنقسمة عرقياً تبلغ مساحتها 6 أضعاف مساحة المملكة المتحدة، أن يسلموا مستنداتهم للشرطة وأن يتقدموا بطلب لاستعادتها مرة أخرى إن أرادوا السفر، حسبما نشرت صحيفة "غلوبال تايمز" الحكومية الخميس 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وأوضحت الصحيفة أن الغرض من تلك الخطوة هو "حفظ النظام الاجتماعي"، وفق ما ذكرت صحيفة The Financial Times.
لماذا جمع الحمض النووي
مراقبون في منظمة هيومن رايتس ووتش حذَّروا من أنَّ برنامج الجمع هذا قد تستخدمه السلطات كوسيلة لتعزيز سيطرتها السياسية على المنطقة.
يأتي هذا الإجراء بعدما قيل إنَّ السلطات الصينية طالبت في العام السابق سكان شينجيانغ بتقديم عيناتٍ من الحمض النووي، وبصمات الأصابع وتسجيلاتٍ صوتية للحصول على جوازات السفر أو السفر إلى الخارج.
وأعدت الصين أنظمة أقمار صناعية لتعقُّب المركبات في بعض المناطق، وتقديم مكافآتٍ مقابل الإخباريات المتعلقة بالإرهاب، وفرض حظر على النساء اللائي يرتدين الحجاب والرجال الملتحين.
وأكدت مسؤولةٌ في مكتب الأمن العام الإقليمي عمليات الشراء لمعدات إجراء اختبارات الحمض النووي في إقليم شينجيانغ. وصرَّحت المسؤولة هوانغ، التي ذكرت اسمها الأخير فقط، أنَّهم وجودوا مُورِّداً بالفعل. وفي منطقة شيشي في شينجيانغ، يجري البحث عن مُورِّدين لأنظمة جمع البصمة الصوتية وأنظمة التصوير ثلاثية الأبعاد، وذلك وفقاً لضابطٍ أمني اسمه الأخير ين، وقد رفض إعطاء المزيد من التفاصيل.
وقال إيفيس موريو، عالم البيولوجيا الحسابية المتخصص في تحليل الجينوم والحمض النووي في جامعة لوفان في بلجيكا، إنَّه في حالة استخدام المعدات الجديدة بكامل طاقتها، فيمكنها أن تضع توصيفاً لأكثر من 10 آلاف عينة من الحمض النووي في اليوم، ليصل العدد إلى عدة ملايين في العام.
وأضاف موريو أنَّ نطاق عمليات الشراء يثير "الشكوك المشروعة حول احتمالية تخطيط السلطات الصينية لتحليل الحمض النووي لجزءٍ كبير أو حتى لجميع أفراد مجموعة الإيغور في إقليم شينجيانغ".
وجمعت الصين منذ بدئها في جمع تحليلات الحمض النووي عام 1989 معلوماتٍ جينية فريدة عن أكثر من 40 مليون شخص، مما يشكل أكبر قاعدة بيانات للحمض النووي في العالم، وفقاً لدراسةٍ أجراها باحثون في الطب الشرعي العام السابق في وزارة الأمن العام الصينية.
وقالت هيلين والاس، مؤسسة مجموعة جينووتش البريطانية إنَّ الصين تفتقر على عكس العديد من الدول الأخرى للإجراءات القانونية لحماية خصوصية الأفراد ومنع إساءة استخدام معلوماتهم الجينية.
وقالت مايا وانغ، الباحثة في هيومن رايتس ووتش: "إقليم شينجيانغ منطقة مضطهدة بالفعل، فهي تتعرض للمراقبة بدرجةٍ كبيرة. وجمع المزيد من المعلومات بشكل جماعي عن الأشخاص غير المرتبطين بالتحقيقات الجنائية يفتح الباب أمام زيادة مستوى المراقبة والسيطرة التي تتعرض لهما المنطقة".
"سياسات استعمارية في وطننا
ويعارض كثير من شعب الأويغور الذين يعيشون في شينجيانغ الحكم الصيني وما يرونه سياسات استعمارية في وطنهم، وفق صحيفة The Financial Times، فيما انتشرت موجات من التمرد العنيف في مناسبات متقطعة على مدى الأعوام الماضية، وفي الوقت نفسه لجأ مئات المواطنين من شعب الأويغور إلى معسكرات تهريب البشر الموجودة في جنوب شرقي آسيا، أو بجوازات سفر مزيفة في تركيا.
لوم بكين
تلقي بكين باللوم على عاتق شعب الأويغور لتزايد الانجذاب نحو الإسلام الراديكالي بينهم، والذي تسبب في سلسلة من الهجمات المميتة خلال السنوات الأخيرة. وفي المقابل، يُحمّل شعب الأويغور الصين الخطأ نتيجة حكمها القمعي والمشاكل الأخرى، مثل الاستيلاء على الأراضي دون تعويض أصحابها، وهو ما تسبب في تلك الحالة من الاضطراب.