على مدى أكثر من ربع قرن، كان الأمير السعودي الوليد بن طلال يستثمر ويبني العلاقات في الغرب. فقد أنقذ شركة سيتي غروب، وساعد في إعادة تمويل ديزني حينما كانت تتهاوى، ودَعَم روبرت مردوخ خلال فضيحة القرصنة على الهواتف في المملكة المتحدة.
والآن، حيث يقضي الوليد أسبوعه الرابع في فندق بالرياض، كواحد من مئات المحتجزين في حملة مكافحة الفساد، لم ينهض أحد تقريباً لمؤازرة قضيته، حسب وصف تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية.
يقول بيل غيتس، المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت ولكثير من المؤسسات الخيرية، في بيانٍ له أمس الاثنين، 27 نوفمبر/تشرين الثاني، إنَّ الوليد، ذو الـ62 عاماً، كان "شريكاً هاماً" في نشاطهم الخيري معاً.
وفي وقتٍ سابق من هذا الشهر، قال مايكل كوربات، الرئيس التنفيذي لشركة سيتي غروب، عن الوليد بن طلال إنّه "مؤيد مخلص وثابت على مبدئه". فيما لم يعد لديهما هذا الشريك الآن.
تأثير الوليد على أوساط رجال الأعمال بالغرب وصل إلى أن قال إنه سبق أن أنقذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ قال الوليد بن طلال في حوار صحفي قبل انتخاب ترامب للرئاسة إنه أنقذه من الإفلاس مرتين، واصفاً إياه بـ"الرجل السيئ والناكر للمعروف".
لماذا يصمتون؟
بالنسبة للوليد، فإن الصمت النسبي هو ردة فعل مخيبة لآماله بالنظر إلى المليارات التي استثمرها على مر السنين في شتى المجالات؛ من شركة تويتر، إلى مجموعة الفنادق الفرنسية أكور، التي تُعد أكبر فنادق أوروبا.
ومع ذلك، فإن وضعه يعكس حقيقةً قاسية: فبقدر ما يريد أصدقاؤه وشركاؤه من رجال الأعمال دعمه علناً، لكنَّهم يشعرون بالقلق من أن يُنظَر إليهم على أنهم يتخذون موقفاً معادياً للقمع وللرجل الذي يقف وراءه، وهو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ويحاول ابن الملك سلمان، الأمير محمد، تحديث الاقتصاد السعودي جزئياً من خلال فطام البلاد من الاعتماد الذي اعتمد لعقودٍ طويلة على عائدات النفط. وتُهدِّد خطواته لمكافحة الفساد بإنهاء نظام الرعاية الذي يسمح لرجال المال والأعمال السعوديين بأن يزدادوا ثراءً من العقود الحكومية والصفقات المربحة مع الشركات متعددة الجنسيات.
وكان الوليد، الذي بلغت ثروته 17.2 مليار دولار، من بين عشرات الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين الذين فُرِضَت عليهم الإقامة الجبرية يوم السبت 4 نوفمبر/تشرين الثاني2017.
وتقول الحكومة السعودية إنها أطلقت منذ ذلك الحين سراح عددٍ قليلٍ من المعتقلين، أما الباقون فلا يزالون يقيمون في فندق ريتز كارلتون بالرياض، وهو الفندق الفخم الذي كان قد استضاف قبل ذلك بأيام مؤتمراً للترويج للمملكة كمنطقةِ استثمارٍ جذاب.
هل هو فاسد؟
يقول العديد من معارف الوليد في الولايات المتحدة وأوروبا، سراً، إنهم لا يصدقون أنَّ الوليد مُتَّهمٌ بالفساد، إذ يتساءلون عما إذا كان اعتقاله ليس إلا مجرد محاولة للتخويف. ويظنون كذلك أنَّ عدم وجود تفسير لحملة الأمير محمد ضد الكسب غير المشروع قد تأتي بنتائج عكسية فيما يخص رأس المال الأجنبي الذي كان يأمل في جذبه.
لكن في الوقت نفسه، فإن عدداً قليلاً جداً على استعداد للتعليق على ذلك علناً. إذ يقول البعض إنهم مُتردِّدون في دعم الوليد في حين أنَّ سبب اعتقاله لا يزال غير واضح. ويقول آخرون إنهم يخشون فقدان فرص العمل في المملكة.
وتعود علاقة الوليد بسيتي غروب إلى عام 1991، عندما استثمر 590 مليون دولار ليصبح أكبر مساهم في البنك. وفي عام 2007، تعاون مع شركة كاسكيد إنفستمنت التابعة لغيتس لتولي سلسلة فنادق فورسيزونز الخاصة مقابل حوالي 3.8 مليار دولار.
واليوم تمتلك كل منها حصة 45%. وانضم الوليد إلى غيتس في مبادرات الصحة العامة و"تحالف القفزة النوعية للطاقة"، وهو تحالف يضم مجموعة من المستثمرين الأثرياء الذين تعهَّدوا بتوجيه جزء كبير من ثرواتهم نحو تكنولوجيا الطاقة.
لكن بالنسبةِ لغيتس، رغم أنَّه لا يمكنه فعل شيء، يمكنه قول الكثير.
وقال في رسالته التى أرسلها عبر البريد الالكترونى: "إنني على علمٍ فقط بما قرأته في الصحف ولا أستطيع التكهن بالمزيد، فقد كان الأمير الوليد شريكاً مهماً في عمل مؤسستي لضمان حصول الأطفال في جميع أنحاء العالم على اللقاحات المهمة لحياتهم. لقد عملنا معاً للمساعدة في وقف انتشار شلل الأطفال والحصبة وغيرهما من الأمراض التي يمكن الوقاية منها. وقد كان التزامه بالعمل الخيري ملهماً".