كبار سن في الجزائر تخلى عنهم أولادهم.. وأهملتهم الدولة!

أكثر من 32 داراً للمسنين تتوزع عبر 28 محافظة في الجزائر، تخفي داخلها قصصاً لأكثر من 2287 شخصاً من كبار السن، النسبة الأكبر منهم تعتبر أبناءها السبب في وجودهم بهذا المكان، فيما يشير خبراء اجتماع إلى انتشار ظاهرة العقوق في المجتمع الجزائري.

عربي بوست
تم النشر: 2015/09/28 الساعة 06:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/09/28 الساعة 06:00 بتوقيت غرينتش

أكثر من 32 داراً للمسنين تتوزع عبر 28 محافظة في الجزائر، تخفي داخلها قصصاً لأكثر من 2287 شخصاً من كبار السن، النسبة الأكبر منهم تعتبر أبناءها السبب في وجودهم بهذا المكان، فيما يشير خبراء اجتماع إلى انتشار ظاهرة العقوق في المجتمع الجزائري، فيما تحدث أخرون عن إهمال من جانب الدولة.

"عربي بوست" تجولت داخل بعض دور الرعاية بالجزائر، وتحدثت إلى كبار السن الذين فتحوا قلوبهم ورووا حكاياتهم، كما استمعت إلى عدد من خبراء علم الاجتماع حول الظاهرة.

يومان كاملان في محطة الحافلات

صليحة سيدة في أوائل الـ60 من عمرها، تقيم منذ 9 سنوات بمركز "الدرارية" لرعاية المسنين بالجزائر العاصمة، وتعتبر وجودها في هذا الدار "أفضل من التشرد في الأزقة والشوارع" على حدّ قولها.

صليحة قالت بصوت حزين "ابني تخلى عني، فقد كنت أعيش معه ومع زوجته التي تحمّلت معاملتها السيئة لي، لأجد نفسي في نهاية الأمر وحيدة في محطة الحافلات".
وروت صليحة كيف أن ابنها أوهمها بأنه سيرسلها لمنزل ابنتها، لكنها وجدت نفسها وحيدة على مدى يومين في محطة الحافلات فلم يكن بانتظارها أحد، حتى جاءت الشرطة إليها ووضعتها في هذا المركز.

12 عاماً دون زيارة

في مركز "صالح باي" للمسنين بولاية سطيف شرق الجزائر، تجلس مباركة "68 عاماً" وحيدة كما اعتادت منذ 12 عاماً فهي من اختارت هذا المكان لأنه "أفضل من العيش مع ابنها".

مباركة تحدثت عن ذكريات معاناتها مع ابنها قائلة: "إن كل ما أتذكره عن ابني هو أنه كان يربطني إلى السرير الحديدي، ويكوي جسدي بالسيجارة".

وتؤكد مباركة أن دخولها إلى مركز رعاية المسنين كان خيارها، بعدما عجزت عن تحمّل المعاناة، "خاصة وأن قسوة ابني ازدادت مع مرور السنوات" على حد قولها.

وتضيف أن ولدها لم يزورها يوما طوال السنوات الـ 12 التي عاشتها في مركز المسنين.

70% مكتئبون

مصطفى خياطي رئيس الهيئة الجزائرية للبحث والترقية الصحية انتقد أسلوب تعامل الدولة مع كبار السن عامة، ونزلاء دور الشيخوخة على وجه الخصوص، وحمّل أيضاً الأبناء سبب ما يعانيه آباءهم من كآبة وإحباط وإصابتهم بمختلف الأمراض.

وأوضح أن "70% من المسنين بهذه المراكز يعانون من الاكتئاب، وهو رقم يكشف عن الأوضاع السيئة التي يعانون منها".

ومن جهتها أشارت الدكتورة منى جبير في رسالة دكتوراه أنجزتها بعلم الاجتماع حول العلاقات الأسرية في الجزائر، إلى أنّ التصرفات القليلة التي كان يقوم بها الجزائريون اتجاه آبائهم من "عقوق" على حد وصفها تحولت إلى ظاهرة.

كما أوضحت الجبير أنها وجدت من خلال هذه الدراسة أن " 11% من الشباب يعتبرون الآباء مجرد فرد عادي في الأسرة شأنه شأن الإخوة والأقارب، 80 % يرون في دور العجزة والمسنين ملاذاً للوالدين بعد تقدّمهم في السن، أما 4% لا يجدون أي حرج في استقرار والديهم في بيوت الشيخوخة".

زرع الأمل

سعيد العيدودي محافظ فوج المنار للكشافة الإسلامية الجزائرية يعتبر أن عيادة مراكز الشيخوخة ودور العجزة من أبرز المحطات الموسمية التي يولي الفوج اهتماماً كبيراً بتنظيمها.

ويضيف العيدودي أنه "يتم تكريم نزلاء المراكز ومواساتهم والجلوس معهم، وأغلب الوافدين إلى هذه المراكز يعتبروننا أبناؤهم يعوضون بنا الفراغ الذي يعانون منه من حيث الحنان العائلي، هم ضحايا عقوق الوالدين ونحن لن ننسى هذه الفئة الجريحة في المجتمع".

تحميل المزيد