تعتزم هيلاري كلينتون إغضاب دونالد جون ترامب في مناظرة يوم الاثنين، وتختبر عبارات الهجوم كي تحاول إثارة أعصابه.
يتجنَّب ترامب الاستعدادت التقليدية للمناظرة بصورةٍ كبيرة، ولكنَّه يشاهد في الفترة الأخيرة مقاطع الفيديو الخاصة بأفضل اللحظات وأسوأها من مناظرات هيلاري، باحثاً عن نقاط ضعفها، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة New York Times الأميركية.
منهجان مختلفان
يتبع كلٌ من المرشَّحين منهجاً مختلفاً اختلافاً شاسعاً لما يُتوقَّع أن يكون إحدى أكثر المناظرات الرئاسية مشاهدةً منذ مناظرة كارتر وريغان عام 1980. وتكشف استراتيجيتا المرشَّحين المتباينتان عن رؤيتهما ورؤية حملتيهما للسباق الرئاسي، ولنقاط قوة كلٍّ منها ونقاط ضعف الخصم.
أصبح لدى هيلاري ملفّ مكتنز لترامب بعد شهور من البحث واللقاءات مع فريق المناظرة الخاص بها، ويشمل الملف تحليلات وافتراضات حول تكوينه النفسي الذي وصفه مستشارو هيلاري بالضروري لفهم كيفية الإخلال بتوازنه. خلُصت هيلاري إلى أنَّ ضبط ترامب وهو يكذب خلال المناظرة ليس كافياً لهزيمته: فهي تحتاج إلى أن يراه جمهور التليفزيون العريض غير ملائم للرئاسة بسبب مزاجيته، وأن يرى أنَّها قادرة على تشويشه.
يتناول ترامب بدوره المناظرة وكأنَّه الطالب الزعيم الذي يظن أنَّ البحث الذي كتبه في اللحظة الأخيرة سيكون مدهشاً، ببساطة لأنَّه هو من كتبه.
لم يعِر المواد التلخيصية سوى انتباه عابر. رفض استخدام المنصات الخطابية في جلسات محاكاة المناظرة رغم إلحاح مستشاريه. يفضِّل تبادل الأفكار مع فريقه بدلاً من صقلها واختصارها في إجابات قصيرة مدتها دقيقتان.
ومع تكريس هيلاري الأيام الأربعة التالية على الأغلب لجلسات محاكاة وتجارب المناظرة في نيويورك، وعدم جلوس ترامب في جلسات المحاكاة سوى يوم الأحد، فإليكم تقريراً استطلاعياً عن الرئيسين المحتملين وأنظمة تدريبهما لمواجهة يوم الاثنين، وفقاً لمستشاري كلا المرشَّحين وحلفائهما وأصدقائهما.
الاستعدادات
هيلاري:
تحضِّر نفسها عقلياً لمواجهة شخصيات متعددة لترامب: الخصم المنضبط الذي يلتزم بالمواضيع الكبيرة، والغريم الذي لا محظورات لديه فيبدأ بالهجوم، والمُعادي الوضيع الذي يدعوها بـ"الخاسرة" في وجهها. يرميها مستشاروها بمجموعة من الهجمات والهجمات المضادة الشبيهة بهجمات ترامب لاختبار استجاباتها وتعديلها كما ينبغي.
إنَّ هيلاري متشوقة للعب دور الهجوم ومحاولة استفزازه، عبر دعوته بـ"دونالد" والتشكيك في صافي ثروته.
ولكنَّها مع ذلك تجرِّب ما إذا كان يمكنها مقاطعة ترامب، وكيفية مقاطعته، لأنَّها لا تريد أن تبدو ملحَّة أو تعزِّز أي أنماط خاصة بالنوع الاجتماعي. في جلسات التدريب، كان أداؤها الأفضل عندما تنتظر ثم تنقض بثقةٍ على ترامب لكذبه أو إساءة تعبيره عن الحقائق، بدلاً من محاولة الحديث أثناء حديثه.
ترامب:
لا يحب التدريب على إجابةٍ مراراً وتكراراً حتى تصبح مثالية وموجزة إيجازاً مناسباً. ولكن تدريب نهاية هذا الأسبوع سيكون مخصَّصاً لمراجعة الأسئلة بينما يقف ترامب على قدميه واعياً بمؤقت العد التنازلي عندما يتحدث.
سيحاول مستشاروه الإخلال بتوازنه وقياس استجاباته للكمات هيلاري المحتملة مثل "إنَّك تكذب يا دونالد".
يعتقد ترامب أنَّ الفوز بالمناظرات أو خسارتها لا يعتمدان على التفاصيل الخاصة بالسياسات بما أنَّ معظم المشاهدين لن يتذكَّروها بعد ساعة. يرى مستشاروه محاولة ملء رأسه بالحقائق والأرقام تضييعاً للوقت.
يريدونه أن يتدرب على التركيز على الموضوعات الكبرى (الوظائف، والإرهاب، وحماية الأمن الداخلي وغلق الحدود، و"جعل أميركا عظيمة مجدداً") بدلاً من التعارك على قضايا جانبية أو أخذ طُعم هيلاري.
الاستراتيجية
هيلاري:
ظلَّت ثابتة ومتوازنة في الاستعدادات للمناظرة وتعرف أنَّه من الضروري أن تبدو هادئة وصامدة على المنبر مع ترامب، منذ اللحظة التي يتصافحان فيها بالأيدي حتى اللحظة التي يقولون فيها "تصبحون على خير".
لقد كتبت هيلاري ومستشاروها عشرات الإجابات، وقد اختبرت بعض عبارات الهجوم على الحملة الانتخابية لمعرفة ما قد ينجح في المناظرة. إذا عبَّر ترامب عن إعجابه بالرئيس فلاديمير بوتين الروسي، فهي مستعدة لإثارة بطل الحزب الجمهوري، كما قالت مؤخراً "ماذا كان رونالد ريجان ليقول عن مرشَّح جمهوري يهاجم لواءات الجيش الأميركي وينهال على الرئيس الروسي بالمديح؟"
يريد المستشارون العمل على مساعدة هيلاري في النجاح على المنبر في أسرع وقت ممكن. إذا واجهها ترامب بخادم البريد الإلكتروني الخاص الذي استخدمته في وزارة الخارجية، ستجيبه بعدوانيةٍ بالإشارة إلى عدم كشفه عن إقراراته الضريبية.
ترامب:
إنَّ طبيعته في المناظرات غالباً هي الهجوم على الخصوم وإهانتهم، وهو ما كان له جانب إيجابي خلال المناظرات الأولية الأشبه بالسيرك، ولكنَّه قد يكون مزعجاً خلال مناظرة بين مرشَّحين فقط مدتها 90 دقيقة.
يميل ترامب إلى التقليل من شأن هيلاري إلى حد الوقاحة عندما يتحدَّث دون استعداد مسبق، مثل السخرية منها بسبب تعافيها من الالتهاب الرئوي الذي أصيبت به مؤخراً.
يريده مستشاروه أن يرسم التفاؤل بشأن أميركا وسياساته بينما يظهر كذلك بعض الحرارة والطاقة في اللحظات المناسبة لتحدِّي هيلاري.
يمكن أن يمل ترامب من كلٍّ من الاستعدادات للمناظرة والمناظرات نفسها. يعزِّز مستشاروه منذ فترة أهمية الاستماع إلى كل كلمة تقولها هيلاري والتركيز عليها والبحث عن طرقٍ للهجوم المضاد عليها.
ربما لا تعجبه الاستعدادات للمناظرة، ولكنَّه تنافسي جداً ويريد الانتصار على هيلاري مساء الاثنين. يؤكِّد فريقه منذ فترة على أفضل طرق الفوز: لا تخض شجارات سخيفة معها أو مع مدير المناظرة، اشرح فكرتك بدلاً من أن تأخذ موقفاً دفاعياً، وقُل الإجابات التي تريد بدلاً من القلق بشأن إجابة السؤال إجابةً مباشرة.
محاكاة المناظرة
هيلاري:
من المتوقع أن تعقد المرشحة الديمقراطية محاكاة مؤقتة واحدة على الأقل للمناظرة في نهاية هذا الأسبوع.
يُعتقد أنَّ لدى هيلاري أكثر من شخص يلعب دور ترامب، لإعداد نفسها للاحتمالات المختلفة، فقد قال قال المتحدث باسمها يوم الجمعة إنَّ لدى كلينتون "بديلاً واحداً فقط لترامب".
إنَّ هيلاري واعية بأهمية "سلوك المنصات" كما يطلق عليه المدرِّبون. فهي تدوِّن أحياناً بعض الملاحظات أثناء حديث أحد الخصوم، كما تنظر مباشرةً إلى خصمها في بعض الأحيان، وهو ما يظهر ثقةً. هدفها هو أن تبدو ثابتة ومنتبهة عندما يتحدث ترامب، وأن تتجنَّب إبداء رد فعل مرئي أو مسموع على حديثه كثيراً.
ترامب:
يفضِّل عدم عقد جلسات كاملة لمحاكاة المناظرة، وليس لديه أي شخص للعب دور هيلاري.
لا يستخدم منصة لتجارب محاكاة المناظرة، رغم اقتراحات بعض أفراد فريقه التدريبي أنَّ محاكاة المناظرة بين شخصين ممارسة جيدة بعد المناظرات الأولية التي كانت بين عدة منافسين.
يخشى بعض مستشاري ترامب أن يقلِّل من قدر صعوبة الوقوف ثابتاً والتحدُّث بتركيزٍ والإنصات بحدة لمدة 90 دقيقة. كان في المناظرات الأولية يتراجع في الخلفية ولا يتدخَّل في المناظرة بقوةٍ إلَّا عندما يتعرَّض للهجوم. يقلق بعض المستشارين من أنه لن يكون مستعداً، إن فاجأته هيلاري.
نقاط القوة
هيلاري:
- طالبة مطيعة سريعة في استيعاب المعلومات. قصرت جدول حملتها الانتخابية بعد عيد العمال على الانكباب على كتب التعليمات. وتعمل بأقصى سرعة على مواد التعليمات الخاصة بها.
- مهارات تحرير ذاتي جيدة. تفهم هيلاري أنَّ الإجابات ينبغي أن تُختصَر في دقيقتين (وينبغي أن تكون الردود أقصر) وستظل تعمل على اختصار إجاباتها أكثر خلال الأيام التالية. تستجيب جيداً للمؤقتات وساعات التوقيت ولكن لديها أيضاً حسّ غريزي بنفاد الوقت.
- واعية بأنَّ الاستعدادات هي صمامات تنفيس. فهي تنفِّس عن إحباطاتها خلال جلسات الاستعداد، وتمزح وتسخر بطرقٍ لن تفعلها أمام جمهور قومي.
ترامب:
- غير متوقَّع. سواء كان في السياسة أو في الأعمال، فهو يفخر بتقييم خصومه على أساس لغتهم، أو وضعيتهم، أو التواصل البصري، أو على نحوٍ أخص احتياجات خصومه وأهدافهم في تلك اللحظة. قد يتراجع، أو يخطو للأمام، أو يظل صامتاً في حذرٍ في مراحل متنوعة أملاً في الإخلال بتوازن خصمه.
- يدرس نقاط قوتها وأخطائها. لقد راجع ترامب شرائط تسجيلات مناظرات هيلاري القديمة، إضافةً إلى أسوأ لحظاته خلال المواجهات الأولية.
- واثق بنفسه. لقد قال مراراً إنَّه قادر على التعامل مع هيلاري على المنبر.
نقاط الضعف
هيلاري:
- قد تبدو جامدة وسهلة الاستفزاز تحت ضغط.
- تكدِّس أحياناً الكثير من الحقائق ضمن الإجابات.
- تميل إلى اتخاذ مواقف دفاعية رداً على الأسئلة التي تتضمَّن مصداقيتها وجدارتها بالثقة. لقد قدَّمت إجابات عديدة تفسِّر استخدامها خادم خاص للبريد الإلكتروني في منصبها في وزارة الخارجية، وهي تتدرَّب على إجابةٍ واحدة واضحة مختصرة من أجل المناظرة.
- يصعب التنبوء بمدى حُسن استجابتها إذا هوجِمت بلا هوادة لمسائل شخصية مثل أخلاقها وأمانتها وعلاقاتها بالمتبرِّعين الأثرياء، أو لمسائل تخص شخصية زوجها (مثل خياناته السابقة).
ترامب:
- قد يكون محقِّراً ومهيناً لخصمه، ولمدير المناظرة، وللمصوِّتين عموماً، وهو ما قد يكون منفِّراً.
- يميل إلى الكذب في بعض القضايا (مثل تحدِّيه بشأن جنسية الرئيس أوباما) أو استخدام معلومات خاطئة أو الترويج لنظريات المؤامرة، وتعرِّضه كل هذه الأمور إلى الهجوم المضاد من هيلاري أو انتقادات من المدير. يلح المستشارون عليه أن يركِّز على المواضيع الكبرى بدلاً من المخاطرة بتشويه الحقائق. يريده مستشاروه أن يركِّز على عدم جدارة هيلاري بالثقة وعلى قضايا مثل بريدها الخاص بوزارة الخارجية والاتهامات بتقديم خدمات للمتبرِّعين إذا قالت إنَّه يكذب.
- يفتقر إلى المنظور النسائي بينما يستعد لمواجهة أول امرأة مرشَّحة رئاسية للانتخابات العامة على الإطلاق. المرأة الوحيدة الموجودة باستمرار في استعدادات ترامب للمناظرة هي كيلي آن كونواي، وهي مديرة حملته الانتخابية. ورغم أنَّها مدرِّبة ماهرة متخصصة في المناظرات الاستراتيجية، إلَّا أنَّ ترامب ربما يقلِّل من قدر مهمة هزيمة امرأة على المنبر الكبير.
فريق المناظرة
هيلاري:
حضر الرئيس السابق بيل كلينتون المزيد من الجلسات التحضيرية مؤخراً.
يشمل الحاضرون المنتظمون الآخرون: رون كلين، وهو مدرِّب قديم على المناظرات الرئاسية، وكارين دون، وهي محامية في واشنطن، وجويل بينينسون، وهو الاستراتيجي الأول في الحملة، وماندي جرونوالد وجيم مارجوليس، وهُما المستشاران الإعلاميان للحملة، وروبرت بارنت، المحامي والصديق، وجون د. بوديستا، وهو مدير الحملة، وجينيفر بالمييري، وهي مديرة التواصل بالحملة.
ترامب:
ستيفن ك. بانون، وهو الرئيس التنفيذي للحملة، وكيلي كونواي، وعمدة نيويورك السابق رودولف و. جيولياني، وحاكم نيو جيرسي كريس كريستي، وستيفن ميلر مستشار السياسات، وجيسون ميلر مستشار الاتصالات، والفريق المتقاعد مايكل ت. فلين، وجاريد كوشنر، زوج ابنة ترامب.
لم يظهر المسؤول التنفيذي السابق بشبكة فوكس الإخبارية روجر أيلز في الجلستين الأخيرتين من جلسات المناظرة، ولكنَّه يرسل ملاحظاته ويتحدَّث إلى ترامب.
موقع التدريب
هيلاري:
نيويورك على الأغلب.
ترامب:
في منزله الذي يقضي فيه إجازات الأسبوع في بيدمينستر في نيو جيرسي في البداية، ولكنه انتقل إلى برج ترامب في مانهاتن بعد كثرة المشتِّتات في بيدمينستر.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة New York Times الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.