تونس: مقاومة الفساد.. لماذا لا تتّجه نحو الإعلام الفاسد والمفسد؟!

أن يُصاب بلد ما في ثرواته أو تسرق وتنهب بعض حقوقه ومكتسباته، فهذا فيه شيء من الهوان والعزاء، ولا بدّ أن تُردّ وأن تُسترجع ولا ضاع حقّ وراءه مُطالِب. أمّا أن يُصاب في قيَمه وهويّته وأخلاقه، فهذا هو عين المصيبة التي لا مثيل لها، وتكبر المصيبة ذاتها وتعظُم إذا كان الهدم والتدمير والإفساد من الدّاخل، وتكبر أكثر وتعظم/ تنتشر إذا كان الإعلام الفاسد متجنّداً لها ومستهدفاً، وهذا الكلام ثابت بحجج وبراهين التاريخ.

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/12 الساعة 05:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/12 الساعة 05:25 بتوقيت غرينتش

أن يُصاب بلد ما في ثرواته أو تُسرق وتُنهب بعض حقوقه ومكتسباته، فهذا فيه شيء من الهوان والعزاء، ولا بدّ أن تُردّ وأن تُسترجع ولا ضاع حقّ وراءه مُطالِب. أمّا أن يُصاب في قيَمه وهويّته وأخلاقه، فهذا هو عين المصيبة التي لا مثيل لها، وتكبر المصيبة ذاتها وتعظُم إذا كان الهدم والتدمير والإفساد من الدّاخل، وتكبر أكثر وتعظم/ تنتشر إذا كان الإعلام الفاسد متجنّداً لها ومستهدفاً، وهذا الكلام ثابت بحجج وبراهين التاريخ.

إعلام احتلّه في غالبه شخوص لا يؤمنون بالوطن ولا يقيمون وزناً للأخلاق، ولا تحكمهم القيم ولا الأعراف ولا تعنيهم الهويّة ولا الدّين، فضلاً عن أنّ منهم من يشعّ عُقداً وشذوذاً، فقط هم يأتمرون بالمال وبه يدينون وتحرّكهم المخططات الدنيئة، والأجندات المشبوهة.

هذه هي الخطوط العريضة للنّسق الذي أراده هؤلاء المسيطرون المغتصبون للمشهد الإعلامي، اقتسموا الأدوار والمهامّ، واجتهدوا لوضع خرائط طريق تتوازى مع ما تجود به الأحداث والمناسبات، ونصبوا لهذه الأهداف الدنيئة المراصد، ورابطوا عند كلّ ثنيّة ليستثمروا كلّ حدث وكلّ تصريح وكلّ كلمة؛ للنّفخ في هيكلها وتضخيمها، وتلفيق ما قدروا على تلفيقه، ومنهم من ركب آلام ومآسي النّاس؛ ليحوّلها إلى استثمار وسبْق وإبهار مجّاني، فاستعمل كل ما أمكنه مادياً وأدبيّاً ليصوّر هذه الآلام والمآسي ويصدّرها إعلامياً كأنّها أمر لازم وجزء من التركيبات الاجتماعيّة التونسيّة وجِبلّة أصليّة..!

ومنهم من استعمل خيوطه التي حاكها وأسّس لها في النّزل والحانات ليلفّق الأقاويل ويركّب السّيناريوهات لتجريم فلتان وتبرئة علان، وتوجيه الرأي العام نحو ما تمليه أجندات الردّة والانقلاب والفساد والإفساد، وصرفهم عمّا يُحاك فعليّاً لهذا الشعب من داخل البلاد ومن خارجها، صرفهم عن واقعهم (التّاعب والمُتعِب).

أيضاً، منهم من احترف الاشتغال على بثّ المجون والفسق والانحلال الخلقي ونشر الرّذائل، واجتهد معبّراً (عن ذاته وقناعاته) في التفنّن لاستنباط وترويج الإباحيّة والشذوذ الفكري والجسدي والسّعي للتطبيع مع الرّذائل والمنكرات والموبقات.

هذا الإعلام، بحكم فساد مضمونه واتّساع دوائر انتشاره وإصرار الأجندات التي تديره، هو أكثر خطراً من كثير من أنواع الفساد المادّي؛ لأنّ التأثير السّلبي الذي يحصل منه في مختلف طبقات المجتمع، وخصوصاً الشرائح الهشّة فيه وحجم الشرور والشّذوذات والتجهيل والتمييع الذي يحرص عاملوه على بثّه على مدار السّاعة وبصور مختلفة- لهو أشدّ ضراوة وأعمق أثراً وإفساداً وتكريساً للاستئصال والتغريب الماجن؛ ولذلك فمن الضّروي جدّاً أن تلحق شاغليه وباعثيه ومموّليه حملاتُ مقاومة الفساد وملاحقاتٌ تمنع وتقطع مع هذا المسار الشّائن والمدمّر للبلاد والعباد، فضلاً عن سمعة الوطن التي أقحمها أباطرة الإعلام في بورصات (البيز والأوديمات).

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد