تواجه غالبية الفصائل المقاتلة في سوريا خطر الانهيار بعد تقدم قوات النظام المدعوم من روسيا في مناطق عدة، وقطع طريق إمداد رئيسية إلى حلب في شمال البلاد، فيما تواجه الفصائل ونحو 350 ألفاً من المدنيين داخل الأحياء الشرقية لمدينة حلب احتمال فرض حصار كامل من قبل قوات النظام، إلى جانب القصف الروسي الذي زاد على 1000 عملية إسقاط جوية.
محللون قالوا إن الفصائل المقاتلة ومؤيديها من الدول باتت أمام عدد قليل من الخيارات لمنع قوات النظام من تحقيق تقدم جديد بعد انهيار محادثات السلام التي تدعمها الأمم المتحدة.
ويوضح إميل حكيم الباحث في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية أن "مسار الفصائل إلى انحدار، ويزداد هذا الانحدار بشكل متزايد".
يذكر أن محافظة حلب كانت معقلا لقوات المعارضة وتؤمّن سهولة الوصول إلى تركيا المجاورة، كما أن المدينة مقسمة بين سيطرة الفصائل المقاتلة على أحيائها الشرقية وقوات النظام على الغربية منها منذ منتصف 2012.
وتواصل قوات النظام السيطرة على مناطق حول المدينة، حتى أن التقدم الذي حققته هذا الأسبوع يترك الفصائل المقاتلة شبه محاصرة في أحياء المدينة الشرقية.
من جهته، يعتبر فابريس بالانش الباحث في المعهد ذاته في واشنطن "أنها نقطة تحول في الحرب".
ويضيف "لقد أرادت المعارضة جعل حلب ومحافظة إدلب قاعدة (سوريا الحرة)، لقد انتهى ذلك".
والتقدم الذي أحرزه النظام هو النتيجة الأكثر أهمية للتدخل الروسي الذي بدأ في 30 سبتمبر/أيلول 2015. وتزعم موسكو أنها تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية، فيما تتهمها الدول الغربية والمعارضة بالتركيز على الفصائل الأخرى وبينها "المعتدلة" دعما للنظام السوري.
حصار حلب
فيصل عيتاني، من مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط يقول في "أتلانتيك كاونسيل"، إن حلب "ببساطة تشكل عرضاً أولياً حول كيفية قدرة مزيج من القوة الجوية الروسية والمستشارين على التعويض عن إمكانات منخفضة نسبيا للنظام والنقص في العدد".
وتواجه الفصائل المقاتلة ونحو 350 ألفاً من المدنيين داخل الأحياء الشرقية لمدينة حلب احتمال فرض حصار كامل من قبل قوات النظام، وهو أسلوب تم استخدامه مع تأثيرات مدمرة ضد المعاقل السابقة للفصائل المقاتلة مثل حمص.
عيتاني أضاف أن "قسماً كبيراً من الطرفين -المسلحين والمدنيين- سيلقون حتفهم بفعل القصف والتجويع والنقص في المواد الناجم عن الحصار".
ويتابع أن "المقاتلين في الداخل سيلقون مصرعهم أو يجبرون على الاستسلام" متوقعا موجات جديدة من اللاجئين.
وهناك دلائل على كارثة إنسانية جديدة تتكشف، مع تقارير عن فرار الآلاف أمام تقدم قوات النظام واحتشادهم على الحدود مع تركيا.
ويقول نشطاء إن المعارضة تشعر بالخيانة، مشيرين إلى أن إمدادات السلاح من الدول التي تدعمها توقفت قبل محادثات جنيف برغم تصعيد العمليات العسكرية المدعومة من روسيا.
ويوضح مأمون الخطيب مدير وكالة شهبا برس في حلب، أن "ما يحبط الثوار أكثر هو أن دولا تدعي أنها صديقتهم تكتفي بالكلام وتقف على الحياد".
ويضيف "في الوقت ذاته، فإن روسيا وإيران تقومان باحتلال وانتهاك الأراضي السورية".
خيارات قليلة
وبحسب خبراء فإن لدى الفصائل المقاتلة قليلا من الخيارات.
ويوضح عيتاني "ليس هناك الكثير من العديد لجلبهم، كما أن مناطق المعارضة الأخرى هي أيضا تحت الضغط، وهذا لن يعالج مسألة القوة الجوية للعدو".
وسعت الفصائل المقاتلة في سوريا منذ فترة طويلة إلى امتلاك أسلحة مضادة للطائرات من الداعمين الدوليين، لكن واشنطن تعارض ذلك خوفا من أن ينتهي بها المطاف في أيدي الجهاديين مثل جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) أو تنظيم الدولة الإسلامية.
ويحذر حكيم من لجوء بعض الفصائل التي تشعر بأن القوى الداعمة خانتها إلى المجموعات الجهادية.
في غضون ذلك، فإن النظام السوري المدعوم من روسيا وحزب الله اللبناني، سيعمد على الأرجح إلى تعزيز قبضته على "سوريا المفيدة"، أي الغرب المكتظ بالسكان وسواحل البلاد.
ويتابع حكيم "ما يفعله الروس والأسد هو أنهم يريدون السيطرة على غرب سوريا وترك الأميركيين يتعاملون مع داعش في شرق سوريا. وهذا ما يحدث بنجاح".