كتابات المصريين القدماء تُنشر لأول مرة بالإنكليزية.. سيفاجئك ثراء الأدب الفرعوني

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/23 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/23 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش

لأول مرة ستنشر النصوص المصرية القديمة المكتوبة على وجوه الصخور والبرديات للقارئ العام، بعدما قام أكاديمي بجامعة كامبريدج بترجمة الكتابات الهيروغليفية إلى اللغة الإنكليزية الحديثة.

حتى الآن، لم يتمكن إلا قليلًا من الناس بعيدون تمامًا عن التخصص من قراءة النصوص، التي لا يمكن الوصول لكثير منها داخل المقابر،‏ وفقاً لتقرير لصحيفة الغارديان ‏البريطانية.

وفي الوقت الذي كانت فيه النصوص اليونانية والرومانية القديمة يمكن الوصول إليها على نطاقٍ واسع في الطبعات الحديثة، تم تجاهل النصوص المصرية القديمة إلى حدٍّ كبير، رغم أن الحضارة المصرية هي الأكثر شهرة بآثارها.

بُعد مفقود


وقد شكل الهرم الأكبر وأبوالهول في الجيزة، والمقابر في وادي الملوك، وصخور معابد أبوسمبل صورتنا عن الثقافة الفرعونية الأثرية وما يكتنف ملوكها الآلهة من غموض.

وقال توبي ويلكنسون إنه قرر أن يبدأ العمل على هذه المختارات لأنه كان هناك بُعد مفقود في نظرتنا إلى الحضارة المصرية القديمة وهو "حياة العقل، كما وُصفت نصًا"، بحسب تقرير الغارديان الذي نشرته، الثلاثاء 23 أغسطس/آب 2016.

وأضاف أن تقليد الكتابة استمر إلى ما يقرب من 3500 سنة، وُجدت الكتابة تقريبًا على كل جدارن المقابر والمعابد. ورغم ذلك، كان هناك رغبة في التعامل معها على أنها "مجرد ديكور"، حتى أن المتاحف كانت غالبًا ما تعرض البرديات في هيئة مجموعة من المصنوعات اليدوية لا النصوص.

وقال ويلكنسون إن الجمهور كان يفوته هذا التقليد الأدبي الثري. "ما سيفاجئ الناس هي البصيرة التى انذوت وراء الواجهة المعروفة لمصر القديمة؛ وراء التصور المعتاد الذي خلقه كل شخص عن الفراعنة، واختزالها في قناع توت عنخ آمون والأهرامات".

عجائب


وقال إن الهيروغليفية، رغم أنها محض صور، فإنها نقلت المفاهيم في مُثُلٍ متطورة على نحو النصوص اليونانية أو اللاتينية. وامتلأت بالاستعارات والرمزية، فهي تكشف الحياة كما رآها المصريون القدماء.

وهي تشمل حكايات غنية بالعجائب وقصص تحطم السفن، ووصف حي للمعارك والكوارث الطبيعية، وأغاني وهجاء يشكلون مجموعة من المختارات، وكتابات مُعنوَنة من مصر القديمة.

وصفت دار Penguin Classics، الذي سيصدر الكتاب عنها يوم الأربعاء، أنه سبقٌ فريد من نوعه "لم تُنشر هذه النصوص قط قبلًا مُجمعة في سلسلة كهذه مطروحة لمتناول اليد".

وقال ويلكنسون، زميل جامعة كلير ومؤلف كتب أخرى عن مصر القديمة، إن بعض النصوص لم تُترجم لما يقرب 100 عام "لو افترضنا أن النصوص مكتوبة بالإنكليزية، فإنها مكتوبة بإنكليزية قديمة ومبهمة للغاية، ما يجعل مصر القديمة تبدو كمجتمع أكثر غرابة وانعزالًا".

وأضاف أنه أثناء ترجمة النصوص داهمته مشاعر إنسانية قد يتسق معها الناس في يومنا هذا.

الثعابين


ويتضمن الخيال الأدبي قصة "الملاح التائه"، التي تحكي عن قهر الشدائد، ويصفها ويلكنسون بأنها "تحفة فنية مُصغرة". تقع أحداث القصة في جزيرة سحرية يحكمها ثعبان عملاق – جسده "مصنوع من الذهب، وحاجباه من اللازورد الحقيقي" – الذي يشارك مأساته الخاصة عن طريق تشجيع بحار فقد سفينته على مواجهة مأزقه.

يقول النص: "كنت هنا مع إخوتي وأبنائي.. بلغ عددنا 75 ثعبانًا.. ثم هوت نجمة والتهمتهم ألسنة النار.. إذا كنت شجاعًا فاكبح جماح قلبك، على أنك ستضم أطفالك، وتقبّل زوجتك، وترى منزلك".

ورسائل كتبها مزارع يُسمى Heqanakht عام 1930 قبل الميلاد، لكنها تعكس الاهتمامات الحديثة من إدارة الأراضي لجودة الحبوب، فيكتب لخادمه "كن مجتهدًا للغاية في زراعتك. وانتبه فحبوب الشعير الخاصة بي خاضعة للحراسة".

وتطرق إلى المسائل المحلية، فأرسل تحياته لابنه سنفرو "فخره وفرحته، ألف مرة، ومليون مرة"، وحث المضيف على وقف الخادمة التي تزعج زوجته "أنت من يتيح لها الفرصة لتفعل هذه الأشياء السيئة لزوجتي.. كف عن ذلك!".

وتشمل غيرها من النصوص قصة العاصفة ستيلا. في الوقت الذي عكست فيه النقوش الرسمية تصورًا مثاليًا عن المجتمع بشكل عام، وثق هذا النص عاصفة رعدية كارثية: "كان الغرب مظلمًا، وامتلأت السماء بغيوم العاصفة، ورعد لا نهائي، أعلى من ضجيج الحشود.. غرفت الأراضي المروية، وسقطت المباني، ودُمرت أماكن الصلاة.. دمارًا شاملًا".

لغة دقيقة


يُعتبر عدد من لديهم القدرة على قراءة اللغة الهيروغليفية صغير، بالإضافة إلى أنها لغة غنية ودقيقة بشكلٍ خاص، وغالبًا ما يصعب التعبير عنها بالإنكليزية.

يكتب ويلكنسون: "على سبيل المثال، الكلمتين 'aa' و'wer'، تترجمان في المعتاد إلى "عظيم"، لكن يبدو أن المصريين ميّزوا بين الاثنتين؛ وبالتالي غالبًا ما يوصف إله باسم 'aa' ولكن نادرًا ما يوصف باسم 'wer'. لكن هذا أبعد من قدراتنا على الفهم".

نجد أيضًا كلمات حكيمة في نصٍ يُدعى "كتاب الموتى، برديات آني" الذي لا يزال صادقًا وحقيقيًا إلى يومنا هذا كما كان في القرن الـ16 قبل الميلاد: "رجل يفنى؛ جثته تتحول إلى غبار؛ يموت جميع أقاربه. ولكن الكتابات تُخلده دائمًا في لسان القارئ".

– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

علامات:
تحميل المزيد