قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا، إنه قلق من احتمال أن يشن رئيس النظام السوري هجوماً جديداً لسحق شرق حلب قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في 20 من يناير/ كانون الثاني، فيما اعتبرت منظمة غير حكومية في بيان، الأربعاء 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، أن استمرار معاناة الأطفال وموتهم في مدينة حلب السورية "فضيحة من الناحية الأخلاقية".
ولم يوضح دي ميستورا في تصريحه، أمس الثلاثاء، سبب اعتقاده أن الأسد قد يُقدِم على مثل هذه الخطوة. لكن دبلوماسيين أوروبيين قالوا إن الأسد قد يشجعه تعهّد ترامب بتعزيز العلاقات مع روسيا وأنه من المستبعد أن ترد الحكومة الأميركية الحالية مع قرب نهاية ولايتها.
وانضم دي ميستورا إلى وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير في الدعوة إلى التوقف عن قصف المدنيين في سوريا وإلى حل سياسي للصراع.
وقال إن تحركات الحكومة السورية لتصعيد الصراع العسكري قد يكون لها عواقب مأساوية على 275 ألف مدني لا يزالون في الجزء الشرقي من حلب وقارن ذلك بحصار القوات الصربية لمدينة فوكوفار الكرواتية على مدى 87 يوماً في عام 1991.
وقال دي ميستورا لمجموعة من المشرعين الديمقراطيين الاشتراكيين: "أشعر بقلق بالغ بشأن ما يمكن أن يحدث قبل 20 يناير".
وأضاف: "نحن قلقون للغاية (من احتمال إطباق الأسد)… بشكل وحشي وعدواني على ما بقي من شرق حلب. قد يكون ذلك مأساوياً. قد تصبح فوكوفار جديدة".
سياسة ترامب في الشرق الأوسط
وقال دي ميستورا إنه لا توجد معلومات تذكر عن سياسة ترامب في الشرق الأوسط، لكن ربما توجد فرصة للتقدم في إنهاء الحرب السورية إذا التزم بوعده الانتخابي بمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأشار شتاينماير إلى محادثات بشأن توصيل إمدادات إنسانية إلى حلب عبر تركيا، لكنه لم يذكر تفاصيل وقال إنه لا يوجد ما يضمن نجاح تلك المساعي.
وقال المشرّع الألماني البارز رولف متزنيخ، الذي من المحتمل أن يصبح وزير الخارجية القادم لألمانيا، إن روسيا وسوريا تستغلان الفترة الزمنية التي تسبق تولي ترامب لمنصبه رسمياً "لخلق أمر واقع" في سوريا عبر استئناف القصف والغارات الجوية، مشدداً على أن الحل السياسي وحده هو الممكن هناك.
وأضاف متزنيخ أن ترامب لم يضع جدول أعمال محدداً للشرق الأوسط، مما يسبب "فراغاً في الأفكار" و"يجعلني أخشى من تزايد الاضطرابات وحتى المزيد من الحروب بالوكالة" في المنطقة.
كما حثّ متزنيخ الرئيس الأميركي المنتخب ترامب على عدم إلغاء الاتفاقية النووية مع إيران أو التقرب كثيراً من موسكو، مشيراً إلى أن مثل هذه السياسات قد تسبب المزيد من الاضطرابات في الشرق الأوسط.
ويجري تداول اسم متزنيخ كمرشح لخلافة شتاينماير في حال انتخاب الأخير رئيساً للبلاد في فبراير/شباط.
"فضيحة أخلاقية"
في السياق ذاته، اعتبرت منظمة "سايف ذا تشيلدرن" غير الحكومية، في بيان، أن استمرار معاناة الأطفال وموتهم في مدينة حلب السورية "فضيحة من الناحية الأخلاقية".
وتعمل قوات النظام السوري وحلفاؤها على تضييق الخناق على شرق حلب، عبر شن هجمات على محاور عدة لتقليص مساحة سيطرة الفصائل المعارضة، وقد كررت دعوة المقاتلين إلى السماح بخروج المدنيين الراغبين في ذلك.
وقالت سونيا خوش مديرة "سايف ذا تشيلدرن" في سوريا، إن "الأطفال وعمال الإغاثة يتعرضون للقصف خلال وجودهم في المدرسة أو خلال سعيهم (لتلقي) علاج في المستشفيات التي تستهدفها هجمات أيضاً".
واعتبرت أن استمرار ارتفاع حصيلة الأطفال الذين يموتون في حلب "فضيحة من الناحية الأخلاقية، وهذا لا يمكن إلا أن يتعاظم؛ نظراً إلى محدودية الإجراءات المتخذة (…) لوقف القصف".
والمرافق الطبية النادرة التي كانت لا تزال توفر الرعاية، تضررت في الأيام الماضية جراء ضربات شنتها قوات النظام السوري.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، لم يعد هناك أي مستشفى في الخدمة حالياً شرق حلب الذي تحاصره قوات النظام منذ يوليو/تموز ويعيش فيه نحو 250 ألف شخص.
ومن بين القتلى الذين سقطوا خلال عطلة نهاية الأسبوع، موظفة بمدرسة في شرق حلب توفر "سايف ذا تشيلدرن" الدعم لها. فقد تم اكتشاف جثة مرام (27 عاماً) وابنها عبد الله البالغ من العمر 6 أشهر تحت الأنقاض.
وأشارت "سايف ذا تشيلدرن" إلى أن الدروس في 13 مدرسة أخرى في شرق حلب تم تعليقها بسبب الضربات العنيفة.
ونددت المنظمة غير الحكومية أيضاً بهجوم شنته فصائل معارضة على مدرسة في غرب حلب الأحد، أودى بحياة 8 أطفال على الأقل.
وقالت إن هذا الهجوم يظهر أنه ليس هناك "أي مكان آمن للأطفال في هذا النزاع".
ودعت المنظمة إلى وقف لإطلاق النار بإشراف المجتمع الدولي للسماح بمرور المساعدة الإنسانية إلى شرق حلب وإجلاء المصابين والمرضى.
وتابعت المنظمة أن "أطراف النزاع يجب أن يتفقوا على وقف فوري لإطلاق النار ونقل المدنيين الجرحى ودخول المساعدات" الطبية.
وعرض مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، اقتراحاً -رفضته دمشق الأحد- يقضي بإقامة "إدارة ذاتية" للفصائل المعارضة في شرق حلب بعد انسحاب المقاتلين الجهاديين منها.