هذا رمضان.. هذا شهر القرآن

وما شهر رمضان إلا فرصة سانحة لإصلاح ما فسد من مفاهيم حصلت لدينا عن كتاب الله الكريم، فرصة لتدارك التراخي، فرصة للنّهوض والاستنهاض لملامسة الفكر القويم والسلوك السّليم.

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/12 الساعة 04:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/12 الساعة 04:05 بتوقيت غرينتش

شهر رمضان، شهر عبادة الصّوم التي أكرم بها الخالق هذه الأمّة، هو أيّام معدودات فرض فيها الله على عباده المسلمين هذه العبادة الرّوحيّة / البدنيّة على النّحو الذي جاء به الوحي وفصّلته وبيّنته السنّة المحمّديّة.

هذا الشّهر فيه يصفو معين المادّة وترتقي فيه وشائج الرّوح، وهو بذلك يكون بمثابة ورشة عمل يتفقّد فيها المسلم حاله ليصلح ما بطل، يقوّم ما حصل ويطلب الأفضل، كما أنّه دورة أكاديميّة يجتهد فيها المسلم؛ ليقدّم أفضل الأعمال ويتفانى طوعاً ومحبّة لتجميل وتحسين أداء مختلف العبادات والقُرُبات.

أيضا للشّهر المعظّم خصوصيّة بالغة الأهميّة والفائدة (ومن يُعظّم شعائر الله فإنّها من تقْوى القُلوب)، لكنّنا في أغلبنا نتجاوزها أو نتغاضى عنها أو حتّى نهملها، وهي أنّ شهر رمضان هو بالأساس (شهر القرآن)، هو شهر القرآن تلاوةً، قراءةً، تدبّراً وخصوصاً تفعيلاً في إطار واقع الحياة الشخصيّة والعامّة.

القرآن الذي اتّخذه بعضنا مهجوراً، ويقرأه بعضنا آليّاً، وانحدر مفهومه ومقصده عند آخرين؛ ليتّخذوه تعاويذ وتباريك أو ليقرأوه على الموتى!

القرآن الأصل فيه أنّه دستور حياة، أنزله الله لهذه الأمّة ليكون نبراساً لها وهدْياً ربّانيّاً يستلهم منه علماء كلّ عصر وكلّ مصر ما يبصّرهم ويرشدهم إلى الحياة القويمة، وليستنبط منه الحاكم الأحكام الشّرعيّة، كذلك هو معين هداية للإنسانيّة فرادى وجماعات؛ حتى تفهم كنْه الحياة لاستجلاب المصالح ودرء المفاسد وبسط العدل والرّفاه، ونبذ الجهل والضلال والجوْر.

فالقرآن ليس للتبرّك ولا للزينة ولا للتعويذات، القرآن منهاج حياة يتحتّم على كلّ مسلم مدارسته في فهم عميق وتدبّره في اعتناء، وخصوصاً تنزيله على واقع معاشه ومناحي حياته.

وما شهر رمضان إلا فرصة سانحة لإصلاح ما فسد من مفاهيم حصلت لدينا عن كتاب الله الكريم، فرصة لتدارك التراخي، فرصة للنّهوض والاستنهاض لملامسة الفكر القويم والسلوك السّليم.
وهو كذلك أمانة يتحمّلها كلّ فرد في الأمّة للوقوف بهمّة على آيات الله الكريمات وتفعيلها وتسهيل وتأهيل العمل بها ورفع أيّ التباس أو جهل مترسّب عنده.

القرآن دعوة للحياة والتعايش والإقبال على الله عين الكمال والجمال والعدل المطلق، فهل لبّينا النداء وسرنا في طريق الله بمُراد الله لإرضاء الله؟

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد