حصل فريق "الخوذات البيضاء" أو "الدفاع المدني" الذي ينشط في الناطق المحاصرة في سوريا، على جائزة Right Livelihood السويدية، والتي يعتبرها البعض رديفةً لجائزة "نوبل" الشهيرة.
Humbled, proud, to be laureate of @rlafoundation 2016 #alternativenobel award.
— The White Helmets (@SyriaCivilDef) September 22, 2016
ونالت الجهود التي يبذلها الفريق في إنقاذ السوريين الذين يتعرضون للقصف اليومي اهتماماً عالمياً، وتجري مساعٍ حثيثة في سبيل ترشيحهم للحصول على جائزة "نوبل" للسلام، وخصوصاً بعد صدور وثائقي "القبعات البيضاء" الذي يحكي عن تضحياتهم.
شبكة Netflix الأميركيّة بدأت عرض فيلم White Helmets الوثائقي في 16 سبتمبر/أيلول 2016 للملايين من مشتركيها في أكثر من 90 دولةً في العالم، موثقةً استبسالهم في إنقاذ الجرحى ومواجهة القذائف والصورايخ منذ سنوات.
White Helmets من إخراج اورالندو فون ايسينديل، ويكشف تفاصيل الحياة اليومية لفريق "القبعات البيضاء"، الذين قاموا هم أنفسهم بمهمة التصوير.
ففي القسم الأول من White Helmets، يتابع المشاهد يوماً للمسعفين في حلب؛ يبدأ صباحاً مع شروق الشمس حيث يتوجه أفراد الفريق للمقر الذي يديرون منه أنشطتهم ويتناولون الإفطار على عجل، فقصف النظام لا يرحم ولا يفوت يوماً.
وعلى عكس المألوف، يسرع الدفاع المدنيّ مخترقاً أحياء المدينة نحو الموت والدمار في الوقت الذي يهرب فيه الناس من مكان القصف، حيث يبحث أعضاء فريق "القبعات البيضاء" باحثين بأيديهم العارية ومعداتهم البسيطة عن رمق من حياة، أو نبض من تحت الأنقاض في أجل انتشاله.
يتحدثون عن أطفالهم وحياتهم البسيطة وكأن الموت غير موجود، فالفيلم يبني السرد على مستويين؛ القصف والحياة اليومية للفريق، ثم مقابلات يصفون من خلالها بأعين خاوية، ما شهدوه وتعجز عنه الكلمات.
هؤلاء المتطوعون سبق أن عملوا كبنّاين وحدادين وغيرها من المهن، لكنهم اختاروا الآن أن يواجهوا الموت دون أن يَرف لهم جفن، هم يعلمون أن القصف لن يتوقف.
لـ "الخوذات البيضاء" خبرة مع الموت قبل حدوثه، هم يحددون نوع الطائرة قبل أن تقصف، يصرخون "روسي روسي" ولكن لا يهم هذا، فالمهم أن ينقذ الفريق المدنيين بغض النظر عن أي انتماء.
الفريق الذي تألف في العام 2013، ويحوي أكثر من 2900 مدنيّاً متطوعاً من نساء ورجال، دون أي خبرة سابقة في العمل الإغاثي، هم منتشرون في أكثر من 120 مركزاً في سوريا.
وقد فقد الفريق أكثر من 130 زميلاً لهم بسبب القصف الذي يستهدف مراكزهم، فأخبار من يقضون إثر القصف من أصدقائهم وأسرهم تصلهم يومياً، وكل لحظة هي احتمال لفقدٍ ما، كل شخص، هو احتمال بكاء مؤجل.
الطفل المعجزة
Syrian White Helmets win 'alternative Nobel Peace Prize' https://t.co/03nbh91Tm6 pic.twitter.com/1fBETm8YmJ
— Middle East Eye (@MiddleEastEye) September 23, 2016
ذرف المسعفون الدموع حين انتشلوا الطفل محمود ذا الأسبوع الواحد من تحت الأنقاض، وفي White Helmets بعد عام ونصف التقى الفريق بمحمود في تركيا، حملوه، هدهدوه، ذاك الذي نجا من أطنان الإسمنت التي انهالت فوقه، سيكبر يوماً لينسى وجوه من أنقذوه، لكن الصور لن تختفي.
جاء بعض منهم إلى جنوب تركيا حيث خضعوا لدورةٍ مكثفةٍ في أصول الإنقاذ والتعامل مع الكوارث، وفي تلك الأثناء يحضر الموت مرة أخرى، ويستشهد شقيق أحد أفراد الفريق، الجميع يبكي لبكائه، لكن هو موت آخر، الفريق لا بد أن يتابع عمله، فالموت لا يفاضل في اقتناصه لضحاياه بين قريب وبعيد.
ضد "القبعات البيضاء"
وفي ظل الدعم العالمي الذي يناله الفريق، هناك أصوات معارضة لجهودهم بل وترفض ترشيحهم لجائزة "نوبل"، إذ ترى فيهم مجموعةً مدعومةً من أميركا، وأن White Helmets ليس إلا دعاية لتسهيل التدخل الدولي في سوريا وفرض الحظر الجوي الذي يقال إن "الخوذات البيضاء" يدعمونه بوصفهم يتلقون أموالاً من الغرب.
الانتقاد الآخر الموجه لهم يرى فيهم مجموعة طائفيّة، ولا تنشط إلا في المناطق التي لا سلطة للنظام عليها أو المناطق "الإرهابية" – حسب تعبير النظام -، بل وإنهم ليسوا إلا وجهاً آخر لتنظيم القاعدة وجبهة النصرة.
يأتي هذا مع تصريح رئيس النظام السوري بشار الأسد حين سئل عنهم في لقائه الأخير "ما الذي أنجزوه في سوريا؟"، و"ما مدى الاستقلال السياسي لجائزة (نوبل)"، معتبراً أن من يستحق الجائزة هم أولئك الذين يعملون لتحقيق السلام في سوريا ضد الإرهابيين من إشعال الحرب في سوريا.