خير ونور وسرور

الإنسان السوي السائر على صراط الوسطية المستقيم، دائم الخير، دائم النور، دائم السرور، لأن الله تعالى دائم الوجود، دائم الكرم، دائم الغفران. وينبوع كل خيره ونوره وسروره هو عمق نظرته لمجريات حياته

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/29 الساعة 05:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/29 الساعة 05:44 بتوقيت غرينتش

الخير هو الاجتهاد في خدمة الغير، والنور هو الإشراق الخارجي النابع من الإشراق الداخلي، والسرور هو جسر العبور نحو مباهج الشعور.
وكل هذه الهبات النفسية من المشيئة الإلهية، سهلة التحصيل، نعم، فهي – على جلالة قدرها وعظم فضلها – قابلة للقسمة، وقابلة للانتشار..

بكل سهولة ويسر ومباشرية وبساطة، كن أنت سيدي منارة للخير وللنور وللسرور، وسيعود كل هذا الإنعام إليك مباشرة، وفق مبدأ الدوران:

أردت الخير لنفسك، ابذل الخير للآخرين.. تحب أن تنير لك الأقدار دروب حياتك، كن أنت منيراً لدروب الآخرين، تتمنى أن تعيش في سرور دائم، ضخ السرور في كل ما حولك، من البشر، ومن الحيوان، وحتى من الجوامد. تدحرج مع منحدرات التلال، ارقص فرحاً مع نغمات الوجود الراقصة حول خصر الفجر، مشّط شعر القمر بأمشاط من زمرد وريحان. هذا الوجود موجود من أجلك، اسعد به وأسعده.

الفاهم تصاريف القدر، لا يكدره شيء البتة؛ لأن هذه الحياة قصيرة جداً ومؤقتة للغاية: ومراد النفوس أصغر من أن نتعادى فيه وأن نتفانى.

غير أن الفتى يلاقي المنايا ** كالحاتٍ ولا يلاقي الهوانا

بهذه الرؤية الثاقبة للمتنبي يجب أن نستوعب الآلية التي تدور وفقها عجلة الأيام، الدنيا كلها لا تساوي جناح بعوضة، وكل مشتهياتها لا تستحق لا العداوات ولا حتى الخصومات، ما بالك التفاني من أجلها؟

الدنيا تغر، وتضر، وتمر.. وهكذا فاللبيب الأريب الفطن لا ينخدع لبريقها ولا يكتئب لكدرها..عش دقائق حياتك بحلوها.. وحلوها، مع الله تعالى لا مرارة.. نعم هذا هو السبب، إيمانك العميق برحمة الرحمن الرحيم لك، هو حلويات الحياة.. الإيمان الإيجابي الدافع للنماء والتحابب هو طاقة الطاقات، حيث لا تعب ولا نصب ولا وصب.

جفف الآن الآن دموع عينيك الجميلتين، واشرب معي من عين الفرح الصافية، دع عنك الآن حسرات التألم والتشنج.. ابتهج وافتح شبابيك فؤادك لنسائم الخير والنور والسرور.. إن القلب المبتهج مؤهل لتلقي الأنوار الإلهية، ومؤهل لالتفاف قلوب الآخرين حول إشعاعاته المنيرة.

لماذا كل هذه الأتراح والهموم؟

إن ربك الكريم موجود "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي" (البقرة: 186). أهل الألباب ينتبهون إلى أنه تعالى أشار أولاً إلى أنه: قريب، ثم ذكر أنه: يجيب، وفي هذا دلالة عميقة على أن قربه بحد ذاته مجلبة للأمن والسكينة والابتهاج، فضلاً عن رغبته جل جلاله بالإجابة وتلبية سؤال السائلين.

الخير كل الخير هو ظنك بربك المتفضل الذي غمرك ويغمرك وسيغمرك بكل ما تستحقه. النور كل النور نابع من وضوئك، من صلاتك، من وجهك، من قلبك الطاهر البريء.

السرور أنت وقد قررت أن تصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الدهر. الإنسان السوي السائر على صراط الوسطية المستقيم، دائم الخير، دائم النور، دائم السرور، لأن الله تعالى دائم الوجود، دائم الكرم، دائم الغفران.

وينبوع كل خيره ونوره وسروره هو عمق نظرته لمجريات حياته، (إن لم يكن بك عليَّ غضب فلا أبالي)، لأن (المؤمن لا يحزن لأمر من أمور الدنيا) المؤمن الحقيقي مشغول بالآخرة وبمآلاتها.

الكدور والمنغصات تسكن في قلوب عشاق المال.
الخير والنور والسرور هدايا خاصة لأهل الذكر والفكر والشكر.
يا من تؤمل الخيرات كن أنت خيرات للآخرين.
يا من تبحث عن النور كن أنت أنواراً لكل من حولك.
يا من تفتش عن السرور كن أنت مسرات للأقارب وللأباعد.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد