وصلت الدفعة الثانية من المقاتلين والمدنيين الذين يتم إجلاؤهم من شرق حلب، مساء الخميس 15 ديسمبر/كانون الأول 2016، إلى مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في ريف المدينة الغربي، وفق ما أفاد طبيب في المكان والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس: "وصلت الدفعة الثانية من المحاصرين في مربع سيطرة الفصائل إلى ريف حلب الغربي".
وأكدت مصادر دبلوماسية أن فرنسا طلبت عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لمناقشة الوضع في مدينة حلب السورية، وسيعقد الاجتماع التشاوري المغلق بعد ظهر الخميس 15 ديسمبر/كانون الأول 2016، ويتناول إجلاء آلاف المدنيين والمساعدات الإنسانية التي يفترض توفيرها لهم.
وبدأت أولى عمليات الإجلاء من الأحياء الشرقية في حلب، الخميس، مع خروج موكب سيارات إسعاف وحافلات تقل 951 شخصاً بينهم أكثر من 200 مسلح، و108 جرحى بحسب مصدر عسكري في المكان.
وفي بروكسل حيث تعقد قمة أوروبية أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أنه من الضروري إجلاء أكبر عدد ممكن من السكان "الذين لم يعودوا قادرين على تحمل القصف والمجازر والراغبين في مغادرة المنطقة بأمان".
ووصلت أولى الحافلات وسيارات الإسعاف التي تقل جرحى ومدنيين من آخر جيب في شرق حلب تسيطر عليه الفصائل المعارضة في المدينة، ما يمهد لبسط سيطرة قوات النظام السوري على مدينة حلب كاملة بعد أكثر من 4 سنوات من المعارك الدامية، فيما توجهت سيارات وحافلات تابعة للنظام من أجل إخراج مقاتليهم من قريتي الفوعة وكفريا.
وشاهد فريق الوكالة الفرنسية سيارات الإسعاف التي تقل الجرحى وخلفها الحافلات الخضراء اللون، وعلى متنها مدنيون، تتحرك من منطقة العامرية في جنوب شرقي حلب لتعبر منطقة الراموسة باتجاه مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في ريف حلب الغربي.
وتقود القافلة سيارات تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
وقالت المتحدثة باسم الصليب الأحمر الدولي في سوريا إنجي صدقي، إن "13 سيارة إسعاف و20 حافلة تقل جرحى ومدنيين قطعت خطوط التماس وهي متجهة حالياً إلى ريف حلب الغربي".
وأفادت بأنه "يُتوقع خروج نحو 200 جريح مدني، اليوم، على دفعات".
وأفاد مراسل الوكالة الفرنسية ببلدة خان العسل في ريف حلب الغربي، بأن عشرات سيارات الإسعاف تنتظر في المكان لاستقبال الدفعة الأولى من الجرحى.
وأفاد مراسل آخر بمنطقة تجمع المغادرين في العامرية، بأن الحافلات كانت مليئة بالناس، حتى إن هناك أشخاصاً جلسوا على أرض الباصات وآخرين وقفوا داخلها نتيجة الزحمة الكبيرة، مشيراً إلى أن أعداداً هائلة لا تزال تنتظر دورها.
بكاء وفرح
وذكر أن بعض المدنيين كانوا يبكون، فيما مقاتلون يودعون أفراد عائلاتهم المغادرين في الدفعة الأولى.
وبدا آخرون فرحين بالمغادرة بعد حصار طويل أرهقهم، في حين وقف أشخاص مترددين في الصعود إلى الحافلات؛ خوفاً من اعتقالهم أو إجبارهم على الالتحاق بالخدمة العسكرية.
وتأتي هذه العملية في إطار اتفاق تم التوصل إليه برعاية تركية-روسية لإجلاء مقاتلي المعارضة ومدنيين من آخر المناطق التي تسيطر عليها الفصائل في شرق حلب، إثر هجوم واسع لقوات النظام السوري ضد الأحياء الشرقية استمر شهراً.
وستتيح مغادرة الفصائل المعارضة مدينة حلب لجيش النظام السوري بسط سيطرته بالكامل على المدينة، في انتصار يعد الأكبر له منذ بدء النزاع في سوريا قبل نحو 6 سنوات.
وأعلنت كل من دمشق وموسكو صباح اليوم عن التوصل إلى اتفاق جديد لإجلاء المقاتلين والمدنيين من شرق حلب، بعد فشل تنفيذ اتفاق أول الأربعاء.
وأعلن الجيش الروسي في بيان أنه "سيتم إخراج المسلحين في 20 حافلة و10 سيارات إسعاف، ستسلك ممراً خاصاً باتجاه إدلب" في شمال غربي البلاد التي تسيطر عليها فصائل معارضة.
وأكد الجيش أن "السلطات السورية ستضمن سلامة المقاتلين كافة الذين يقررون ترك أحياء حلب الشرقية".
وقال مصدر قريب من السلطات في دمشق، إن المفاوضات حول ترتيبات الإجلاء انتهت الساعة الثالثة فجر الخميس (1.00 ت.غ)، مشيراً إلى أنه سيتم أولاً إجلاء الجرحى وعائلاتهم و"250 ناشطاً" ضد النظام غير مسلحين.
وأفاد التلفزيون الرسمي بأن "4 آلاف مسلح مع عائلاتهم سيتم إخراجهم من الأحياء الشرقية بحلب".
كذلك، قال الفاروق أبو بكر، من حركة أحرار الشام والمكلف التفاوض حول عملية الإجلاء، إن الدفعة الأولى ستكون من "مدنيين وجرحى، والثوار سيخرجون بعد أول أو ثاني دفعة".
الفوعة وكفريا
ونص الاتفاق، بحسب المصدر السوري، على أن يتم في مقابل عملية الإجلاء من حلب، إجلاء جرحى ومرضى من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من فصائل المعارضة في محافظة إدلب.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن محافظ حماه محمد الحزوري قوله: إنه تم "إرسال 29 حافلة وسيارات إسعاف وفرق طبية إلى بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين في ريف إدلب؛ لإخراج الحالات الإنسانية وعدد من العائلات".
وأوضح مصدر ميداني سوري لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه سيتم "إجلاء 1200 جريح ومريض وذويهم" من الفوعة وكفريا.
ويشرف الجيش الروسي على عملية الإجلاء عبر كاميرات مراقبة وطائرات استطلاع.
الحل السياسي
وعانى السكان في آخر جيب انحصر فيه وجود مقاتلي المعارضة خلال الفترة الأخيرة ظروفاً مأساوية، وازداد الوضع سوءاً بعدما وجدوا أنفسهم محاصرين بالنيران، إثر تجدد المعارك ظهر الأربعاء بعد تعليق العمل باتفاق الإجلاء الأول.
وتكدس آلاف المدنيين في حي المشهد وأجزاء من الأحياء الأخرى المحيطة به، بعضهم لا مأوى له. ويعانون الخوف والجوع والبرد.
وآثار هذا الوضع مخاوف المجتمع الدولي، خصوصاً بعد إبداء الأمم المتحدة خشيتها من تقارير وصفتها بالموثوقة تتهم قوات النظام بقتل عشرات المدنيين بشكل اعتباطي، بينهم نساء وأطفال، في شرق حلب.
وأسفر هجوم قوات النظام، الذي بدأ في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني على شرق حلب، عن مقتل 465 مدنياً، بينهم 62 طفلاً في الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة، مقابل 149 مدنياً، بينهم 45 طفلاً جراء قذائف الفصائل على أحياء تحت سيطرة قوات النظام، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
ورغم احتفاظها بالسيطرة على مناطق أخرى في سوريا، بينها محافظة إدلب، فإن مغادرة مقاتلي المعارضة من حلب في حافلات تابعة لنظام الأسد، تمهيداً لاستكمال قوات النظام السيطرة على حلب، تطور ذو رمزية كبيرة.
وتواجه تلك الفصائل التي طمحت ذات يوم إلى الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، احتمال الهزيمة الكاملة بعد خسارتها مناطقها في مدينة حلب.
تغطية مباشرة