كتب في قاموس الحب بين البشر الاهتمام بالحبيب، وإظهار المحبة والود للمحبوب، وكثيراً ما يموت أو يذبل حب عميق بسبب صدود وجفاء أحد الطرفين، يقول الشاعر:
فلا وداد لمن بالوصل قد بخلوا ** ومن تناسى فإنا قد نسيناه
وقيل كذلك إنه يجوز الربا في الحب، فمن أعطاك حباً رده ضعفين، أي أنه أخذ وعطاء، فما إن تلهيك المشاغل عن السؤال عن أحدهم حتى تراه يصد عنك صدوداً، وترى من الجفاء والمقاطعة ألواناً وأشكالاً.
أما في دستور الرحمن الرحيم، وله المثل الأعلى، فيقول عز من قائل مخاطباً داود عليه
السلام: (لو يعلم المدبرون عني حبي لهم وشوقي إلى ترك معاصيهم لماتوا شوقاً إليَّ، ولتقطعت أوصالهم من محبتي، تلك إرادتي بالمدبرين عني فكيف إرادتي بالمقبلين عليّ؟!).
إن القلوب يملأها التبعثر والشتات والشعث، كل هذا لا يلمّه سوى الرجوع إلى الله، والإقبال
عليه، وما من مدبر إلا ويناديه نداء الفطرة السليم بالعودة لبارئه، يقول ابن القيم -رحمه الله- في هذا الصدد: "في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه".
وفي خطاب الله -عز وجل- لداود عليه السلام يتجلى شوق عميق ومحبة راسخة من الله
للمدبر البعيد رغم العصيان والصدود، رسالة تهز القلب شوقاً للرجوع، تودد رغم الجفاء، وصل رغم البعد، كلها للمدْبر، فبشراك أيها المقبل عليه، وأول ما يتجلى فيه القرب من الله هو الصلاة؛ لقوله عز وجل: "واسجد واقترب".
أنا مدبر أنا مذنب أنا عاصي
هو محب هو غافر هو كافي
قابلتهن ثلاثة بثلاثة
ولتغلبن أوصافه أوصافي
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.