بمَ تخبرك الكتب التي تقرأها عن شخصيتك؟

ما الذي تعرفه -حقيقة- عن زملائك في العمل؟ ربما تعرف نوع القهوة التي يشربونها يومياً، أو المسلسل المفضل لديهم على نيتفليكس. بينما نقضي أغلب أوقات يومنا مع زملائنا، إلا أننا لا نعرف عنهم إلا أقل القليل غالباً. وعلى الرغم من ذلك، عرفت الكثير عن زملائي، في الأسبوع الماضي، من نشاط بسيط.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/30 الساعة 05:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/30 الساعة 05:07 بتوقيت غرينتش

ما الذي تعرفه -حقيقة- عن زملائك في العمل؟ ربما تعرف نوع القهوة التي يشربونها يومياً، أو المسلسل المفضل لديهم على نيتفليكس. بينما نقضي أغلب أوقات يومنا مع زملائنا، إلا أننا لا نعرف عنهم إلا أقل القليل غالباً. وعلى الرغم من ذلك، عرفت الكثير عن زملائي، في الأسبوع الماضي، من نشاط بسيط.

كان ذلك أن، طلبت من عدة زملاء لي أن يضعوا قائمة بكتبهم المفضلة، كي أحدد معدل ساعات القراءة في أستراليا، وأنشره على مدونة المنظمة التي أعمل بها.

اختار البعض كتب الخيال العلمي، وغيرهم ذكر قصص طفولته، ويستمتع البعض بالنوع الفكاهي، بينما استمر آخرون في حب الكلاسيكيات. ومن بين هذه المفضلات جاءت كتب جيم دافيس 'Garfield' ، وذُكِر كتاب 'The Secret History' مرتين.
والشيء المؤكد كان، أن الناس استمرت في تفضيل نوع بعينه من الكتب أغلب الوقت، فالذي يحب الكلاسيكيات اختار الكلاسيكيات، والذي يحب الرومانسيات أبقى على اختياره لها. وكان الكثيرون شغوفين في اختياراتهم.

وجعلني ذلك أتساءل عمّا تكشفه اختيارات الكتب عن شخوص قرّائها. هل هناك ما يربط محبي الخيال العلمي سوياً؟ وهل يشترك محبو الرومانسية مع بعضهم في شيء ما، وماذا عن أولئك المخلصين للكلاسيكيات؟. وجد أوسكار وايلد رابطاً ما بين الشخصية واختيار الكتب حين قال "إن الذي تقرأه – باختيارك- يحدد من الذي ستكونه حين تعييك الحيل".

أظهرت دراسة أجرتها جامعة تكساس أن ذوق الناس في الكتب، والأفلام، والتلفزيون، والمجلات يرتبط بأنماط معينة من الشخصيات. سألت الدراسة الأشخاص المُجرى عليهم الاختبار ما إذا كانوا يفضلون الأنواع الآتية:

1.البرامج الحوارية اليومية، وأشكال الرومانسية، والطهو، والدين.
2. الفنون والإنسانيات، الكلاسيكيات، الأفلام الأجنبية، والشعر.
3. أفلام الرعب، وروايات الإثارة، والوثائقيات.
4. الأكشن والمغامرات، قصص الجاسوسية، والخيال العلمي.
5. الأخبار، والأفلام الوثائقية، والكتب الواقعية.

ومن هذه المعلومات استطاع الباحثون تقسيم المشاركين إلى خمسة أنواع من الشخصيات حسب تفضيلاتهم.
– إن كنت تفضل ( النمط المجتمعي المحلي، الجمالي، الظلامي، المثير، العقلاني) يقول الباحثون أنه:

تفضيل الاختيارات المسلية لا يرتبط بسن معين أو النوع، أو درجة التعليم فقط، وإنما أيضاً بميول نفسية. إن الارتباط بين الشخصية وتوجهات الميل للتسلية تشير إلى أن الناس يفضلون نوعاً من المتعة يعكس شخصياتهم ويؤكد خصائصها.

ورغم ذلك، كم تضيف هذه الدراسة إلى جدلية: هل تحدد اختياراتنا من القراءة شخصياتنا أكثر ما تتشكل من خلالها؟ أظهرت دراسة- جرت منذ عامين- أن قراءة الكلاسيكيات تزيد من قيمة التعاطف بينما الأدب الشعبي أو الكتب الفكرية الواقعية لا تحدث نفس التأثير.

وعلى ما يبدو أن هذا الفرق ينجم عن اختلاف العمق الذي تعرض به الشخصيات، فبينما يظهر أبطال الكلاسيكيات، أعقد تركيباً وتعايشاً في رحلة نضجهم، لا يظهر ذلك في أنواع أخرى من القصص الواقعية والخيالية، ما يؤثر على تعاطف القارئ معها.
تخلص هذه الدراسة إلى أن القراءة نفسها هي التي تؤثر على الشخصية، لا اختيار القارئ فحسب.

أما العامل الآخر الذي ظهر أن له بعض التأثير على قراءاتنا كان، النوع. اختلفت التفضيلات بين الرجال والنساء، فكان الرجال أميل لقراءة التاريخ، والسير الذاتية، والمذكرات، والخيال العلمي، واختارت النساء الألغاز والغموض، والإثارة، والجريمة، والرومانسية، وأنواعاً أخرى من القصص الخيالية.

وكأي تعميم، قطعاً، لن تخلو هذه النظرية من استثناءات. لكني- ولو بشكل عشوائي- أقر بأن الاختلافات بين الرجال والنساء قريبة من الحقيقة وقد كتبت عنها سابقاً، بتفصيل، هذا المقال.

وبالنسبة لي، فأنا أفضل قراءة الكلاسيكيات، وعادة ما أركن لاختيار الروايات الفائزة بجوائز لأحدد ما الذي سوف أقرأه تالياً. كانت جدتي/ أمينة مكتبة، وأمي لهما الدور الأكبر في أخذي إلى عالم دونا تارت، وجون فوليس، ونورمان ميلر في سنوات الثانوية التي يكن العقل فيها منفتحاً طيعاً.

ولكنّي في أيام الإجازات، أو بين كتابين من الكلاسيكيات، أفضل قراءة كتاب له غلاف وردي ويحمل صورة حذاء كبير أو خاتم ماسي، أو حقيبة تسوق. ولا يمكنني تجاوز سلسلة أليكساندر ماكال سميث البسيطة والمريحة، "The No. 1 Ladies' Detective Agency".
ومؤخراً ابتعت نسخة من روايات ليان موريارتي، على الأغلب من فئة الرومانسية التي تتحدث عن المرأة، ووجدتها جذابة، ماهرة السرد، و يستحب إعادة قراءتها لا على الشاطئ فحسب، بل في كل مكان.
لذا فالأمر- لي وربما للآخرين أيضاً-، هو أن الجو المحيط هو الذي يحدد ما أقرأ، أكثر من طبيعة شخصيتي.

هناك العديد من الأسباب التي تشير لم يفضل أشخاص بعينهم كتباً بعينها، سواء كان التعليم، أو البيئة، إلى إتاحة أو توفر أنماط بعينها من الكتب. ومع الإقرار بذلك، في المجمل، تبقى القراءة أمراً شديد الخصوصية يمضي المرء به وقته، ما يجعل القول بأن الشخصية لا تؤثر فيما نختاره للقراءة، خدعة كبيرة غير حقيقية.

وبغض النظر عمّا إذا كانت اختيارات زملائي من الكتب تنم عن شخصياتهم الداخلية، أو إن كان ذوقهم في الكتب يتبدل بتبدل أحوالهم، لقد كان الأمر يستحق أن أبصر لمحة من حيواتهم -عبر كتبهم التي يحبونها- بعيداً عن الحياة العملية.

– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأسترالية لـ "هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد