نريد أن نبني وطناً لكل السوريين و”مسالخ” للمعارضين

فمثلاً: أحد الذين خرجوا من سجن صيدنايا وجد زوجته قد تزوّجت من أخيه وحملت منه، ذلك لأن نظام الأسد قام بتسليم الأهل هويته على أنّه مات في المعتقل ورفض تسليمهم الجثّة، ففسر الأهل ذلك بأن التعذيب نال من الجثة، ولا يريد النظام أن تظهر جثّته على الإعلام

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/16 الساعة 01:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/16 الساعة 01:42 بتوقيت غرينتش

تراه منذ سنين يدافع عن المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، يتعقب تجاوزات الاحتلال بحقّهم ويفضحها، تراه منذ سنين يتعقب تجاوزات الأميركي في العراق، حتى بعد رحيله من البلاد، ويفضح تجاوزات السجناء في السجن الأميركي الشهير الكائن خارج أراضي الولايات المتحدة "غوانتانامو".

انظر كيف يستخدمون "الإيهام بالإغراق" كوسيلة للتعذيب وسحب المعلومات من المعتقلين، يقول فاضحاً الأميركان أو "الشيطان الأكبر"، كما يحلو له تسميتهم:
انظر كيف يستخدمون "الإطعام القسري" ضد السجناء المضربين عن الطعام، يقول فاضحاً جرائم الاحتلال، هل وصلت معهم السفالة أن يجبروا المعتقل على الطعام، يقول مندهشاً!

ويتابع قائلاً: تصور أنهم في بعض الزنازين يحجبون عن المعتقلين قناة الجزيرة من التلفاز، ويحرمونهم من حقهم بمشاهدة ما يشاءون من القنوات الفضائية، تصور أنهم لا يسمحون للمعتقلين بأن يبيتوا مع زوجاتهم مرة كل أسبوع!

انظر كيف وصل الحال في هذا العالم الذي يتجاهل عذابات أهلنا القابعين في زنازين المحتل، يقول نائحاً صارخاً، وكلامه حقّ وصحيح، لكنك حين تكشف له مثلاً التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية "المسلخ البشري" الذي يتحدث عن قيام النظام السوري بإعدام ثلاثة عشر ألف شخص في سجن واحد فقط من سجونه، وبطرق أبسط ما توصف بأنها حيوانية، سيقول لك بصوت منخفض: "أليس هذا السجن نصفه من السجناء الإسلاميين!"، محاولاً تبرير جريمة لا يمكن لعقل أن يتخيلها.

وعندما تريه 55 ألف صورة لأحد عشر ألف معتقل ومعتقلة قضوا تحت التعذيب في فروع الأمن السورية، وهي صور واضحة للعيان بدقة عالية لأكثر من زاوية وبشهادات لا تعد لا تقبل الشك أو التشكيك، سيقول لك: الحرب قذرة، يجب علينا أن نبني وطناً لكل السوريين.

ألم تحدثه نفسه بـ13 ألف عائلة سورية تنتظر أي خبر عن فرد من أفرادها؟
ألم يفكر بـ11 ألف أم رأت ابنها مشوّه الأعضاء فتعرّفت عليه من أسنانه أو أنفه؟
ألم تحدثه نفسه بأن 24 ألف عائلة سورية فقدت أحد أفرادها بطريقة قتل فظيعة ومجموع عددهم يساوي مدينة كبيرة، وستبقى تروي تلك الطريقة الفظيعة لأحفادها وليتوارثها 24 ألف جيل قادم؟

هنا نتحدّث فقط عن القتلى الموثقين بمنظمة العدل الدولية وبتقريرين فقط هما "صور الشاهد قيصر" و"المسلخ البشري" وهذان التقريران هما جزء صغير جداً من سلسلة سجون وفروع أمن منتشرة على عموم البلاد، هنا فقط نتذكّر هذا الكائن الذي يعيش معنا، إنه في بعض السجون القاسية يقولون لوصفها "الدّاخل إليها مفقود والخارج منها مولود"، إلا في سجون المقاومة والممانعة، فالدّاخل إليها مفقود والخارج منها أيضاً مفقود، فمن يخرج يفقد عقله وأشياء أخرى تبقى لتحفر في ذاكرته حتى تقضي عليه.

فمثلاً: أحد الذين خرجوا من سجن صيدنايا وجد زوجته قد تزوّجت من أخيه وحملت منه، ذلك لأن نظام الأسد قام بتسليم الأهل هويته على أنّه مات في المعتقل ورفض تسليمهم الجثّة، ففسر الأهل ذلك بأن التعذيب نال من الجثة، ولا يريد النظام أن تظهر جثّته على الإعلام، إن قام بتسليمهم إيّاها، فأقاموا له العزاء، وحفاظاً على أطفاله من الضياع قامت العائلة بعد سنتين من "وفاته" بتزويج زوجته لأخيه، والهدف أن يقوم الأخ برعاية أبناء أخيه "الذي توفي في المعتقل" فيحميهم من الضّياع أو ظلم الغريب، وكانت الكارثة عندما خرج المعتقل ليجد زوجته حاملاً من أخيه، فلم يحتمل البقاء بين أهله لأيام بعد خروجه وهاجر لأوروبا بنفسية مدمّرة، وجسد هزيل، وقلب ميت.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد