الهجرة تتمثل في الانتقال من مكانٍ إلى آخر بحثاً عن حياةٍ أفضل، أو هروباً من أجل الاستقرار، وقد تم الاعتراف بها دولياً منذ أكثر من ربع قرنٍ ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ومن الناحية الاقتصادية، يُمكن أن يكون للهجرة المنظّمة ردود إيجابية كبيرة أو سلبية، سواء على المجتمعات المُهاجَر منها أو المُهاجَر إليها، بما في ذلك نقل المهارات وإثراء الثقافات.
وتُشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد المهاجرين في العالم وصل إلى أكثر من 159 مليون شخص، ولكن بقدر ما يُسهم المهاجرون في بناء المجتمعات المستضيفة، بقدر ما يمثّل ذلك خسارة موارد بشرية للدول المُهاجَر منها، أي ما يُعرف بهجرة العقول والكفاءات.
تدفق المهاجرين إلى الدول الغنية يحمل في طياته مشاكل كثيرة، بينها البطالة وصعوبة الاندماج، إضافة إلى حرمان بلدانهم الأم من كفاءات نادرة، وكثير من الدول تعمل على حل مشكلة الاندماج لدى المهاجرين.
مشكلة الاندماج:
يتوجه معظم المهاجرين في عالمنا إلى الدول الغنية، وفي مقدمتها دول شمال أميركا وأستراليا والاتحاد الأوروبي، ويعود اختيارهم لهذه البلدان إلى سعيهم لإيجاد فرصة عمل مثلاً كالسويد، وإذا كنت مهتماً بالاطلاع على طرق العمل في السويد اقترح عليك موضوع "العمل في السويد".
ويبرز من بين أهم الصعوبات التي يواجهها المهاجر ضعف مستوى التأهيل مقارنةً بالمستوى السائد في الدول الصناعية الغنية، ويزيد من تعقيد الأمور ظاهرة التمييز العلني والمبطن ضد المهاجرين وأبنائهم، بسبب ازدياد حدة البطالة في هذه الدول.
ولعل خير مثال على ذلك هي ألمانيا التي تعاني هذه الأيام من نسبة بطالة عالية وصل تعداد الذين يعانون منها إلى خمسة ملايين، ونظراً إلى صعوبة إيجاد عمل حتى بالنسبة للألمان، فإن الكثيرين منهم ينظرون إلى المهاجر أو أبنائه كمنافسين لهم في سوق العمل الآخذة بالتراجع، ومن شأن ذلك أن يولّد حساسيات ويُساعد على شيوع أحكام مُسبقة تقف عائقاً أمام اندماج القسم الأكبر منهم من المهاجرين في مجتمعهم الجديد وتنميته.
وحين يشعر المهاجر ولفترة طويلة بأن إقامته مؤقتة، فهو لا يسعى إلى تكييف محيطه وبيئته السكنية بدرجة مقبولة، حسب احتياجاته الاجتماعية والعائلية، وتبعاً لمقدرته الاقتصادية المحدودة، وفي الغالب يكون التحسين أو الارتقاء بالمأوى في حدودٍ ضيقة، وذلك لعدم قدرته على دفع نفقات التحسين، كما لا يشعر القاطن المُهاجِر بالاستقرار في المنطقة والأمان من حيث عدم امتلاكه لوحدة الإيواء.
والذي نُريد أن نقوله هنا هو أن نظرة المُهاجرين أنفسهم أثناء إقامتهم الفعلية في موطنهم الجديد، وتقويمهم لتلك التجربة التي يمرّون بها، وبخاصة فيما يتّصل بعلاقتهم بالمجتمع الأصلي الذي نزحوا منه، ومدى ارتباطهم به، ونوع هذه العلاقات والروابط، لا تزال كلها بحاجة إلى مزيد من الدراسة المتعمّقة عن طريق الاتصال المُباشر وتطبيق مناهج وأساليب البحث الأنثروبولوجي، ومثل هذه الدراسات خليقة بأن تكشف لنا عن جوانب إنسانية قلّما يُعطيها الباحثون ما تستحق من عناية واهتمام.
والدراسات التي أجريت في الخارج كلها تكشف عن قوة الرابطة التي تربط بين هؤلاء المهاجرين وأوطانهم الأصلية، وعن صدق الرغبة في العودة إلى الوطن، وإن كانت هذه الرغبة لا تتحقق بالفعل في كل الحالات بل وقلما يبذل المهاجرون جهوداً حقيقية لإخراجها إلى حيز التنفيذ.
وقد يُفلح عددٌ منهم في تحقيق ذلك بعد أن يكونوا قد حققوا أهدافهم من الهجرة، أو نتيجة لتغيُّر الظروف في المجتمع الأصلي وزوال الأسباب والعوامل التي دفعتهم في الأصل إلى الهجرة، أو لعدم رغبة المجتمع المُضيف في الاحتفاظ بهم، نتيجة لبعض الأزمات الاقتصادية التي يُعاني منها، أو بعدما يكون قد استنفد هو نفسه أغراضه منهم.
لذلك رسالتنا لكل مهاجر يريد أن يندمج في أي دولة ما، فعليه بالصبر والعزيمة، وتعلم طريقة عيش الآخر، وأيضاً لمَ لا يدرس من الأول مثلاً إذا ذهب إلى السويد، فيمكنه أن يبحث عن دراسة مع منحة، ولكي تعرف أكثر على الأمر أقترح عليكم موضوع حول "الدراسة في السويد"، ونفس الشيء ينظر في ألمانيا، ويبحث على الفرص الممكنة للدراسة لمدة بسيطة أو كبيرة، وبذلك يكون ارتقي تعليمه لما يريد وسوف يصبح أمر الاندماج مسألة وقت لا أكثر.
وعلى أي حال، فإن مثل هذه الدراسة تحتاج إلى مناهج وأساليب تختلف تماماً عن الأساليب السوسيولوجية والإحصائية التقليدية المتّبعة حالياً في مُعظم الدراسات التي بأيدينا، وتتطلب الاتصال المُباشر وتوطيد الثقة المتبادلة بين الباحث والأشخاص أو الجماعات الذين يُجري عليهم دراسته، وأيضاً يجب على المهاجرين الاجتهاد والإبداع؛ ليصلوا إلى أحلامهم وطموحاتهم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.