نحن المزاجيون وخيالنا

بدايةً لأعرفكم بنا، نحن المزاجيون المجانين (كما يصفنا الناس العاديون الواقعيون)، نحن من نملك الحاسة السابعة، حاسة الخيال، التي يفتقدها الكثيرون، فترانا نتوحد مع ذواتنا، ونفرض التوحد مع الواقع المفروض علينا.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/22 الساعة 04:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/22 الساعة 04:25 بتوقيت غرينتش

رداً على أولئك الواقعيين، الذين يصفوننا بالمزاجيين أو بالمجانين، أولئك الذين قالوا لي يوماً: "أنتِ تعيشين في الخيال"!

بدايةً لأعرفكم بنا، نحن المزاجيون المجانين (كما يصفنا الناس العاديون الواقعيون)، نحن من نملك الحاسة السابعة، حاسة الخيال، التي يفتقدها الكثيرون، فترانا نتوحد مع ذواتنا، ونفرض التوحد مع الواقع المفروض علينا.

نحن الذين لا ننخرط في المناسبات الاجتماعية المنافقة، ولا نجامل؛ لأن المجاملة ليست فرضاً اجتماعياً بل هي كذب منمق.

نحن غريبو الأطوار، الذين ثاروا على العادات والتقاليد، لدينا عادات غريبة وطقوس خاصة بنا.

نحن من نقرأ كثيراً، ونكتب أكثر، نتوحد مع كتابٍ أو أغنية، ونؤمن أننا سنعيش قصة حب مجنونة تشبه المسلسلات التركية والروايات الرومانسية.

نحن نؤمن أن الارتباط: رابط يجمع بين حبيبين، وليس عقداً بين ربّة منزلٍ جيدة ورجل ينفق عليها هي وأولادها؛ لذلك نرفض الزواج التقليدي بكل ظروفه، ونرفض الزواج المشروط فالحب بلا شروط.

نحن المهووسون بالتفاصيل، نستغرق الساعات في تنسيق الملابس والألوان، في اختيار الهدايا، وفي التفكير بأبسط الأمور.

ولدينا شغف بالموسيقى والأزياء، بالفن والديكور، ولا نهتم لأن نجيد الطبخ، فنحن ندرك أن هناك الكثير من ربات البيوت، لكن ليس هناك الكثير من النساء المختلفات.

نحن إن أحببنا نحب كالمجانين، يصبح الحب نقطة ضعفنا، في المقابل إن تألمنا أو خدعنا ننسى أيضاً كالمجانين، كأننا لم نعرف الحب يوماً، كأن ما كان كل حياتنا لم يكن يوماً.

نحن الذين نستشرس في الدفاع عما يخصنا، فترانا نقاتل حتى الموت لأجل انتصار أفكارنا أو قلوبنا، نحن لا نمل من الحرب فبطبيعتنا لسنا مسالمين.

نحن نعيش طقوس الكآبة كاملة حتى لو كانت كآبة مفاجئة بدون سبب، وبعد حين ننتقل لمرحلة أخرى من الأمل، فترانا مفعمين بالحياة؛ لهذا نسمى بالمزاجيين!

نحن مفرطون في الإحساس، واثقون حد الغرور، مهووسون بعواطفنا، نرغب بامتلاك العالم، ثم نرضى بامتلاك قلب مخلص.

نحن لا نستسلم، لا لتجربة فاشلة، ولا لصديق يسعى لإحباطنا، ولا لشخص ظنناه بحراً فإذا به مستنقع، ولا لمجتمع بائس، نحن نحارب حتى نصل لمرادنا، وإننا نعيش المشاعر كلها، ترانا نبكي ليلاً نضحك نهاراً، نحب كثيراً ونكره أيضاً.. نسافر فجأة بخيالنا ونعود إليكم مرةً أخرى، هذا ليس انفصاماً، بل نعطي المشاعر حقها.

ومن جهة أخرى، إن أردنا أن نسيطر على مشاعرنا.. فكم من المرات نصافح بيدٍ باردة بينما تغلي قلوبنا!

نحن أقوياء لدرجة تستحيل علينا أن نلعب بالنار؛ لأننا النار نفسها.

ونحن نارٌ تبحث عمن يكمل إشعالها، ولكننا نضعف أحياناً فنصير ناراً تحرق نفسها، لكن سرعان ما نعاود للاشتعال بأمل وندرك أنّ روحنا إن احترقت مرة، فلا تحترق إلا لتضيء طريقنا في المرات المقبلة.

ونحن جبلٌ، والجبل لا يَنهز للريح، وأحياناً نَلينُ فَتهز النسمة قلوبنا.

إن الخيال الذي نعيشه مرآةٌ من ذهب لواقع من حديد.. والأحلام أول درجة في سلم واقعنا.

أما أنتم أيها الواقعيون الذين استسلمتم لواقع تقليدي وحياة مملة.. إن كنا ما زلنا في نظركم نعيش في الخيال فأنتم في الواقع لا تعيشون الحياة أصلاً بتفاصيلها.

الخيال: هو كل شيء، إنه الرؤية المسبقة لما سوف تجذبه الحياة وتأتي به أينشتاين.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد