يشهد تجار التوابل في مصر إقبالاً متزايداً على بضاعتهم في الوقت الذي يلجأ فيه الناس إلى العلاج بالأعشاب وسط أزمة دواء حادة.
وكانت سلسلة من التدابير الاقتصادية ألحقت الضرر بالقدرة على توفير الأدوية في الصيدليات وأدت إلى زيادة سعر بعض الأدوية عموماً، وحتى الأدوية التي يتم الاعتماد عليها للبقاء على قيد الحياة.
وفي أوائل العام الماضي، جعل نقص العملات الأجنبية من الصعب على شركات الأدوية استيراد المكونات اللازمة لصنع الأدوية التي يعتمد عليها الملايين من المصريين الفقراء.
وفي مايو/أيار، وضعت وزارة الصحة زيادة على الأدوية التي يصل سعرها إلى 30 جنيهاً مصرياً (1.59 دولار) بنسبة 20%، في محاولة لمعالجة مشكلة نقص الدواء.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، قامت مصر بتعويم عملتها والتخلي عن ربط العملة بسعر 8.8 جنيه للدولار الأميركي، فيما أضعف قيمة العملة المحلية إلى النصف تقريباً.
ولم يعد كثير من الناس العاديين، مثل عامل في مصنع يدعى محمد، قادرين على تحمل سعر الأدوية.
وقال: "الأدوية غالية جداً جداً ومقدرش عليها، وأنا عندي فقرتين في الظهر تاعبني جداً وعلى طول بتعامل مع العلاف (العطار هنا). باخد منه زيوت وأعشاب طبية بتريحني؛ لأن الأدوية غالية جداً جداً وتأثيرها كمان له ضرر جانبي والحكومة مش عارفة تعالجه".
وأصبح من الصعب العثور على أدوية من الأنسولين إلى علاج السكتة الدماغية؛ بل وحتى المسكنات الشائعة.
عقاقير بديلة
وبإمكان صاحب متجر أعشاب، يدعى سامي العطار، وهو تاجر توابل معروف، أن يجد بدائل للعقاقير لعلاج الكثير من الأمراض.
ويتشابه دور العطار مع الصيدلي؛ فيقوم الزبائن بشرح حالتهم ثم يقوم بإعداد مزيج من العلاجات العشبية بمكونات تتراوح بين العسل والزنجبيل إلى اليانسون.
وقال: "لأ بنسبة مثلاً سبعين.. ثمانين في المية.. سبعين.. ثمانين في المية نسبة الإقبال على الحاجات الطبيعية اللي هي المحفزة لجهاز المناعة اللي هي يعني بتحارب الفيروسات اللى هي واحد عنده مشكلة مثلاً في الكلى ممكن بيجي ياخد الحلف البر.. الحلف البر.. بيصدروه برا. بس اللي إحنا ممكن نقولوا للناس إيه إن إنت لما تتعامل.. اتعامل مع واحد يكون فاهم".
وتتزايد تكاليف المعيشة أيضاً في مصر.
وفي المدن والبلدان، بلغ التضخم في أسعار الغذاء والمشروبات 28.3 في المائة في ديسمبر/كانون الأول. وبلغ التضخم في الرعاية الصحية 32.9%، في حين بلغ في مجال النقل 23.2%.
وسوق الدواء في مصر متعددة الجنسيات، حيث يمثل كبار الموردين نحو 40 في المائة من السوق، بمن فيهم فايزر ونوفارتس وجلاكسو سميث كلاين وسانوفي، فيما يمثل الإنتاج المحلي 60 في المائة من السوق.
وفي المقابل، يتراوح سعر التوابل والأعشاب المحلية بين 5 و10 جنيهات مصرية لكل كيلوغرام (0.27 و0.53 دولار) وهو ما يعده البعض معقولاً بالمقارنة بأسعار الأدوية في الصيدليات.
وقال زبون يدعى أحمد عبد الله: "الأعشاب دلوقتي رخيصة، وبعدين بتساعد، ودلوقتي الجو غالي أوي، الناس مبتقدرش تجيب العلاج فبتجيب الأعشاب دلوقتي، موفرة وبتجيب مع الواحد على طول، عم سامي دلوقتي بيعرض عليك الحاجة أو بيديك الحاجة الصح اللي هيا بيعد بتصحي"
.
ويوم الأربعاء 11 يناير/ كانون الثاني 2017، أوردت وسائل إعلام محلية تقارير نقلاً عن وزير الصحة المصري عن زيادة بنسبة 15% في أسعار الأدوية المحلية و20% في أسعار الأدوية المستوردة.
ومتاجر الأعشاب التي تبيع كل شيء من التوابل إلى الأعشاب والنباتات النادرة متوافرة منذ عقود، لكن شعبيتها كانت قد تراجعت في السنوات الأخيرة.
لكن أزمة الدواء دفعت المصريين للعودة إلى وسائل التداوي القديمة.