أطلق نشطاء في مصر حملة "خليها تصدي" على الشبكات الاجتماعية، احتجاجاً على ارتفاع أسعار السيارات بشكل جنوني مؤخراً. فالسيارة هي المطلب الثاني للأسرة المصرية بعد "المسكن" وأصبحت بعض الأسر تشترط عند قبول عريس لابنتهم أن يمتلك (شقة) و(سيارة).
وقد ارتفعت أسعار السيارات في مصر بشكل مبالغ فيه خلال الشهر الحالي خاصة مع ظهور موديلات السيارات للعام الجديد (2017) التي بدأت المعارض والوكلاء والتجار في عرضها، وحتى بعض السيارات التي لم يطرأ تغيير على شكلها أو مواصفاتها، ارتفعت أسعار غالبيتها قرابة 30% عما كانت عليه العام الماضي، ويمثل هذا الارتفاع تقريباً القيمة ذاتها التي تراجع بها الجنيه المصري مقابل الدولار.
سببا الارتفاع
خالد سعد مدير عام شركة (بريليانس مصر) قال لـ"عربي بوست" إن هذه الارتفاعات وراءها عاملان رئيسيان، الأول هو تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، خاصة وأن مصر تستورد كل السيارات وقطع الغيار ومعدات الصيانة من الخارج.
أما العامل الثاني فهو قيمة الضرائب والجمارك التي تفرضها الدولة على السيارات وأجزائها المستوردة والتي تبلغ نحو 65% من قيمتها، أي أن المستهلك يتحمل قيمة السيارة بالإضافة إلى الجمارك والضريبة وتكاليف نقلها وهامش ربحية الموزع أو التاجر.
وأكد سعد أن مصر من أكثر دول العالم ارتفاعاً في أسعار السيارات، ليس بسبب زيادة الطلب، ولكن لقلة المعروض من السيارات بعد تنامي مشكلة ندرة الدولار في المصارف الرسمية، وهو ما جعل التجار يتوقفون عن الاستيراد لعدم وجود الدولار بالسوق الرسمية، وارتفاع سعره بالسوق السوداء إلى 11 جنيهاً.
واستدرك خالد سعد أن سعر إحدى السيارات التي تبيعها شركته ارتفع من 130 ألف جنيه إلى 190 ألفاً في أقل من عام، مشيراً إلى أن هناك أزمة أكثر وقعاً وهي عدم القدرة على استيراد قطع الغيار ومعدات الصيانة وخدمات ما بعد البيع.
خليها تصدي وكفاية جشع.. حملتان للمعترضين
اعتراضاً على ارتفاع أسعار السيارات في مصر بهذا الشكل المبالغ فيه أطلق بعض النشطاء على فيسبوك حملة بعنوان (خليها تصدي) – ويقصدون بها مقاطعة شراء السيارات حتى يصيبها الصدأ لدى البائعين.
وبلغ عدد مشاركات الصفحة نحو 750 ألف مشاركة، فيما بلغ عدد المعجببن بصفحة الحملة نحو 13 ألف معجب تقريباً.
وإلى جانب حملة خليها تصدي أطلق بعض الشباب حملة أخرى لمقاطعة شراء السيارات حملت عنوان "كفاية جشع"، قاصدين بها تجار وبائعي السيارات، ويدعون فيها لمقاطعة شراء السيارات لمدة شهرين، رداً على الارتفاعات القياسية لأسعارها.
وسخر العديد من رواد الشبكات الاجتماعية في مصر من ارتفاع سعر إحدى السيارات الصغيرة من 60 ألف جنيه مصري (6 آلاف دولار) قبل أقل من 5 أعوام إلى 145 ألف جنيه مصري (16 ألف دولار) الآن.
أزمة دولة وتضخّم
وقال المهندس علاء السبع نائب رئيس شعبة السيارات بغرفة القاهرة التجارية لـ "هافينغيتون بوست عربي" إن هذه الحملة التي يقودها بعض المنتقدين والمعترضين على زيادة أسعار السيارات بمصر في حد ذاتها لا تخلو من حسن النية ومحاولة توعية المواطنين، لكن الواقع للأسف يفرض شروطه.
الحملة تزعم وجود جشع من التجار وبائعي السيارات، وهذه معلومات ليست دقيقة لأن الأمر يتعلق بأزمة دولة تتلخص في ندرة العملة الصعبة من الدولار وارتفاع قيمته أمام الجنيه المصري.
ويرى السبع أن بائعي وموزعي السيارات هم الأكثر تضرراً من أزمة ارتفاع الأسعار كونهم سيعانون ركوداً، وهم يتحمّلون نفقات عمال وأنشطة وضرائب متراكمة، موضحاً أن هذه الأزمة ستظل قائمة ومتفاقمة ما لم يتوفر الدولار ويتراجع أمام الجنيه المصري.
ويؤكد نائب رئيس شعبة السيارات بغرفة القاهرة التجارية أن ارتفاع الأسعار والتضخم طال كل شيء في مصر , وليس فقط السيارات، فأسعار العقارات والأغذية والأثاث كلها ارتفعت بنسب تجاوزت في بعضها 50% في أقل من عام بسبب الظروف ذاتها المتعلقة بالدولار، خاصةً وأن مصر دولة تستورد غالبية احتياجاتها.
وتعاني مصر من نقصٍ حاد في العملة الصعبة (الدولار) منذ نحو ثلاث سنوات تراجع على إثرها الجنيه المصري أمام الدولار لنحو ملحوظ، ويبلغ سعر الدولار في السوق الرسمية (المصارف) نحو 8.82 جنيهات مصري فيما يقترب من نحو 11 جنيهاً بالسوق السوداء.