بعد 12 عاماً من هروبه من كوريا الشمالية على زوجٍ من العكازات الخشبية، وقف جي سيونغ هو، مبتور القدم اليسرى واليد اليسرى في الكونغرس الأميركي ولوَّح بنفس العكازين، ليشتعل التصفيق الحار له من الحضور.
وبصرف النظر عن خططهم السياسية أو اختلافاتهم حول كيفية التعامل مع نظام الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، اتفق أعضاء الكونغرس وأعضاء الحكومة الأميركية المجتمعون في خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بمناسبة حالة الاتحاد جميعاً، على أنَّ جي بطل، بحسب ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية.
كيف بدأت قصة جي سيونغ هو ؟
في عام 1996، عندما كان في سن المراهقة وكانت كوريا الشمالية في خضم مجاعة مُدمرة أجبرت جي وأشقاءه على تناول الحشائش والفئران، كان جي يحاول سرقة بعض قطع الفحم من قطارٍ كي يتمكَّن من مقايضته بطعام.
لكنَّه فقد الوعي من الجوع وصدمه أحد القطارات. بقي جي على قيد الحياة، لكنَّه اضطر إلى بتر ذراعه وساقه اليسريين -دون تخدير- نتيجةً لهذا الحادث. وأصبحت الحياة أكثر قسوةً بالنسبة له.
لكن بعد 10 أعوام، تمكَّن من الفرار، وخاض رحلته عبر نهر تومين إلى الصين، وفي نهاية المطاف شقَّ طريقه إلى جنوب البلاد، وعَبَرَ إلى لاوس، ثُمَّ تايلاند. ومن هناك، سافر إلى كوريا الجنوبية، وزُوِّد بذراعٍ وساق صناعيتين.
لكنَّه احتفظ بالعكازين ليُذكراه بما حققه، وقد لوَّح بهما مساء أمس الثلاثاء، 30 يناير/كانون الثاني 2018، في حين تحدَّث ترامب عن مناقبه، وضرب به مثلاً على ضرورة العمل ضد كوريا الشمالية.
وغرَّدت آنا فيفيلد، مديرة مكتب صحيفة واشنطن بوست الأميركية في طوكيو، وكاتبة هذا الموضوع، على حسابها بموقع تويتر: "سيونغ هو المدهش بين الحضور في خطاب حالة الاتحاد الليلة. لقد فَقَدَ ذراعاً وساقاً حين انزلق من قطارٍ في كوريا الشمالية أثناء المجاعة. لكنَّه فرَّ، والآن يُساعد في هروب كوريين شماليين آخرين، لقد كتبتُ عنه هنا".
وقالت في تغريدةٍ أخرى: "يا لها من لحظة مدهشة في الكابيتول هيل (الكونغرس)، سيونغ هو يلوِّح بالعكازين اللذين كان يعرج عليهما في كوريا الشمالية. إنَّ رؤية هذا الرجل المُلهم يحظى بهذا النوع من الاعتراف لهي فرصةٌ عظيمة".
The amazing Ji Seong-ho is in the SOTU audience tonight. he lost an arm and a leg when he slipped from a train in North Korea during the famine. but he escaped and now helps other North Koreans escape. I wrote about him here: https://t.co/q5qEULrTlc pic.twitter.com/kRpjvQxAbe
— Anna Fifield (@annafifield) January 31, 2018
وقال ترامب: "اليوم لديه ساقٌ جديدةٌ، لكن سيونغ هو، أنا أفهم أنَّك ما زالت تحتفظ بالعكازين كذكرى لما وصلت إليه. إنَّ تضحيتك العظيمة هي إلهامٌ لنا جميعاً. إنَّ قصة سيونغ شهادةٌ على توق جميع الأرواح البشرية للعيش في حرية".
وعلى موقع تويتر، أشار المنتقدون إلى أنَّ حظر ترامب السفر على كوريا الشمالية يمنع أشخاصاً مثل جي من الدخول المباشر إلى الولايات المتحدة بعد الفرار من كوريا الشمالية.
وقد ذكر جي قصته المدهشة في منتدى أوسلو للحرية عام 2015، في خطابٍ بعنوان "هروبي المستحيل من كوريا الشمالية".
العمل والوحدة من أجل حقوق الإنسان
واليوم، يُدير جي مجموعةً تسمى "العمل والوحدة الآن من أجل حقوق الإنسان" لمساعدة الكوريين الشماليين الآخرين على الفرار من النظام.
وقال جي عندما رافقه صحفيون من صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في مهمة إنقاذ إلى تايلاند: "كل خطوة هروب هي خطوةٌ صعبة وخطرة، بداية من التنقُّل بين الجبال وتغيير وسائل التنقُّل وعبور الحدود. ويمرض بعض الفارِّين خلال الرحلة أو بعد الفرار لأنَّهم يكونون في حالة توترٍ شديد".
وقد تحدَّث أيضاً عن الأساليب التي يستخدمها النظام الكوري الشمالي في غسل الأدمغة والقمع للسيطرة على السكان، حتى حين تُشير كل الحقائق إلى الاتجاه المعاكس. وقال في 2015، متحدثاً عن حالة الرقابة في كوريا الشمالية: "والداي كانا مواليين للنظام كثيراً. أعتقد أنَّهما كانا يُصدَّقانه، حتى عندما كان الناس يموتون من الجوع".
ويتعلَّم جي، الذي يبلغ حالياً 34 عاماً، اللغة الإنكليزية، وسافر إلى الولايات المتحدة عدة مرات للحديث عن وضع حقوق الإنسان في كوريا الشمالية. وأصبح جي مدافعاً قوياً عن الكوريين الشماليين الذين لا يزالون داخل بلادهم. وعادةً ما يظهر جي بابتسامةٍ كبيرة تعلو مُحيَّاه، الأمر الذي يبعث على الدهشة.