"الإرادة" أو "العزيمة"، كلمتان منبثقتان من معنى واحد، كلمتان وراءهما "كوكتيل" مكون من القوة، والحزم، والإصرار، ووجود الهدف، ومعرفة كيفية الوصول لهذا الهدف، بالعامية المصرية نسمي هاتين الكلمتين بـ"الحيل" أو "النفس"، فتجد الشاب المصري يقول "ما بقاش فيا حيل أعمل كذا"، وهذه الجملة تطابق في اللغة العربية الفصحى "لم أعد أملك إرادة كافية لأفعل كذا".
"الإرادة" و"العزيمة" صفتان خلقهما الله بداخل نفس كل إنسان، بل كل مخلوق على وجه الأرض، فوراء كل فعل نفعله "إرادة" و"عزيمة"، حتى لو كان هذا الفعل "بسيطاً جداً جداً جداً"، وليكن المثال هو "أنا أكلت شوكولاتة"، فالأمر تطلب إرادة مني وعزيمة؛ لكي أتحرك إلى المحل الذي يبيع الشوكولاتة، ثم أشتريها منه، ثم أكلها، فوراء كل فعل من هذه الأفعال "عزيمة" و"إرادة".
"الإرادة" و"العزيمة" كالإيمان، ينقصان ويزيدان في القلب، بحسب حالة قلبك، ونفسيتك، والأحوال التي تحيطك، لكن في الغالب "الإرادة" و"العزيمة" يكونان في حالة "الهيجان" و"الغليان"، في مرحلة الشباب (اللي أنا فيها حالياً)، فهذه المرحلة من العمر تتطلب قدراً كافياً من هاتين الصفتين؛ لأن الإنسان في الغالب الأغلب، يبدأ في هذه المرحلة من الصفر، في كل ناحية من نواحي حياته، من حيث العمل، وتكوين الأسرة والبحث عن الزوجة الصالحة.. إلخ؛ لذلك يحتاج أكبر شحنة من "الإرادة" و"العزيمة"، لكي يكمل مشوار "إيجاد العمل المناسب"، ومشوار "البحث عن الزوجة"، ومشوار "البحث عن شقة 3 مطارح وصالة وما تعديش 100 ألف جنيه"، إلى آخر المشاوير.
المهم في الأمر، أنا كتبت هذه المقدمة؛ لكي أمهد لكم المشكلة التي تواجهني، فأنا كما قلت لكم في مرحلة الشباب، التي من المفروض أن تكون "الإرادة" و"العزيمة" عندي في حالة "هيجان" و"غليان"، لكن المشكلة عندي تكمن في أن حالة "الإرادة" و"العزيمة" ليست في أي من الحالتين، ولا "الهيجان" ولا "الغليان"، عجيبة!!
فمثلاً، عند استيقاظي للعمل صباحاً، تراودني فكرة "تقديم الاستقالة"؛ لأنني لا أملك "الإرادة" والعزيمة" لكي أستيقظ من السرير لكي أواجه يوماً روتينياً تقليدياً آخر، ولا أملك "الإرادة" و"العزيمة" لكي أذهب لصالة الحديد لأمارس رياضتي المفضلة (على الرغم من أني أدفع الاشتراك)، ولا أملك "الإرادة" و"العزيمة" لكي أقول للبنت التي أحبها بأني أحبها (ما ليش مزاج) أو (مش عارف أقول أصلاً)، المهم أنني لا أملك "الإرادة" و"العزيمة"، أو بالعامية المصرية "ولا بقى فيا حيل ولا نفس".
من أجل ذلك أردت أن أفضفض معكم بصوت عالٍ؛ لأجد حلاً لمشكلتي، أو حتى لأعرف لماذا أنا واحد من الشباب ولا أملك مخزوناً كافياً من "الإرادة" و"العزيمة"، فهل يا ترى يا هل ترى لأن البلد أحواله (مش ولا بد)؟ أم هل يا ترى يا هل ترى المرتبات آخرها شراء (ثمن جبنة إسطنبولي وبـ5 جنيه لب سوبر)؟ أم هل يا ترى يا هل ترى لأن كنبة الأوتوبيس الأخيرة بتحمل أربعة (وإحنا بنكون 11 في قلب بعض أساساً)، الله أعلى وأعلم!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.