ينتظر السعوديون شهر أكتوبر/تشرين الأول بفارغ الصبر؛ إذ يعتبر بالنسبة لهم شهراً مغايراً عن بقية أشهر السنة، حيث يبدأ فيه موسم الوسم الذي تتحول فيه درجات الحرارة من اللهيب الحار الجاف إلى البرودة التي ينتظرها عشاق الرحلات البرية أو ما يعرف لدى السعوديين بـ"المكشات أو الكشتة".
ويفضل وقت "الكشتة" بعد هطول المطر الذي يبدأ بغزارة في شهر أكتوبر من كل عام.
والكشتة كما تُعرف لدى سكان السعودية هي الخروج من رتابة المدن وضجيجها للصحراء للإقامة فيها لعدة أيام، وعادة ما تكون "الكشتة" في فصل الشتاء، مع دخول موسم "الوسم"، حيث تسم (تكسو) الأمطار الأرض بالخضرة والكلأ.
الكشتة فارسية عثمانية
الخبير الفلكي عضو الاتحاد العربي لدراسة علوم الفضاء والفلك الدكتور خالد الزعاق قال لـ"عربي بوست": "الكشتة كلمة دخيلة وليست عربية، حيث استخدمها العرب قبل 150 عاماً خلال حكم الدولة العثمانية، وهي كلمة فارسية وتعني المزرعة، وتعني بالعثمانية التنزه، وهو لفظ يستخدم بالخليج فقط دون سائر الدول العربية الأخرى".
وحول أفضل أوقات الكشتة في السعودية قال الزعاق: "في العام الهجري الجديد 1438 تحديداً تكون مع دخول يوم الحادي عشر من شهر محرم، ويكون أفضل وقت للتنزه والخروج للصحراء؛ لأن الأرض تبتل بالمطر بعد أشهر من الجفاف".
وأضاف: "مع دخول موسم الوسم تهطل الأمطار بغزارة وتكون نافعة للأرض والنبات والطبيعة".
الهروب من جحيم المدن
وقال أحد عشاق الرحلات البرية "الكشتة" طلال الحربي لـ"عربي بوست" إن الشباب السعودي ليس له وجهة في شهر أكتوبر سوى للصحراء.
وأضاف: "نحمل متاعنا ونقصد الأرض التي تشهد أمطاراً غزيرة، حيث نمكث فيها أياماً عديدة". وتابع: "دخول الوسم يعتبر طوق نجاة لنا من جحيم المدن وعوادم مصانعها وسياراتها".
وأشار إلى أن ما هو متعارف عليه ويعتبر من أدوات الكشتة هو الاحتطاب من أجل إشعال النار بغرض الإضاءة، وحقيبة تحتوي على أدوات للطبخ وخيمة للمبيت بها، مؤكداً أن جميع هذه الأدوات من الناحية المادية غير مكلفة وهي أقل من سعر جناح في فندق فخم بالعاصمة الرياض.
المطر وتهور الشباب
ثامر الضويحي وأحمد الحصين أطلعا "عربي بوست" على صور لرحلات برية سابقة لهما "كشتة"، حيث أكدا أنهما من عشاق الرحلات البرية.
وقال الضويحي: "من أشهر الأكلات البرية التي نفضلها عادة في البر وفي موسم الشتاء والمطر الخبز على الجمر، إضافة إلى كبسة اللحم على الحطب".
وعبر الحصين عن استيائه حيال تصرفات بعض المراهقين قائلاً لـ"عربي بوست": "رغم أن موسم المطر يعتبر جميلاً ومنتظراً من قبل الكثيرين من أجل التنزه والاستمتاع به فإن ثمة مراهقين يعرضون حياتهم للخطر بسبب تهورهم والمجازفة بأرواحهم في قطع الأودية بسياراتهم".
وأضاف: "حين يهطل المطر تحذر الجهات الأمنية في المملكة من خطورة المجازفة وقطع الأودية إلا أن هؤلاء لا يأبهون"، معللاً ذلك بأن التقنية الحديثة ووسائل السوشيال ميديا ساهمت في تفشي ظاهرة تهور الشباب.