سوريا تُبكي رئيس وزراء كندا

للأسف الشديد أن بطل هذا اللقاء هذه المرة من بلاد الغرب وليس من بلاد العرب، التي يجري فيها موضوع هذا اللقاء المحزن المؤثر، ويفترض أنهم أولى به من غيرهم، وأن يكونوا هم الأكثر احتضاناً لمأساة تحدث فصولها المروعة على جزء من أراضيهم.

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/15 الساعة 05:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/15 الساعة 05:45 بتوقيت غرينتش

للأسف الشديد أن بطل هذا اللقاء هذه المرة من بلاد الغرب وليس من بلاد العرب، التي يجري فيها موضوع هذا اللقاء المحزن المؤثر، ويفترض أنهم أولى به من غيرهم، وأن يكونوا هم الأكثر احتضاناً لمأساة تحدث فصولها المروعة على جزء من أراضيهم، وتقع ويلاتها المدمرة على شعب تجمعهم به روابط الدين والأخوة والدم واللغة، لولا أن منطق الأشياء في زماننا الأغبر قد تبدلت حروفه، وما عادت قيم التكافل، ودوافع النصرة، وصفات النخوة والمروءة تتصدر ردود فعلنا وتتحكم في قراراتنا تجاه مظالم كان حصولها في سابق الأزمان مدعاة لتسيير الجيوش وحشد الجموع من أجل رد الحق لأصحابه، والدفاع عنهم، والذبّ عن أعراضهم وأموالهم، واعتبار أن هذه (الفزعة) واجب مقدس لا تهاون فيه، واستحقاق ديني وإنساني لا يحتمل المهادنة والتردد.

البطل المقصود هنا هو جاستن ترودو، رئيس وزراء كندا منذ الخامس من شهر نوفمبر 2015 بعد فوز حزبه بأغلبية ساحقة في الانتخابات الفيدرالية، وقرّر حينذاك التعاطف مع القضية السورية وفتح بلاده للاجئيهم، فبعد شهر من تعيينه، بالضبط في العاشر من ديسمبر/كانون الأول 2015 كان جاستن ترودو على رأس مستقبلي فوج من اللاجئين السوريين في مطار تورنتو لدى قدومهم في مستهل برنامجه الحكومي لاستضافة هؤلاء اللاجئين.

وفي ديسمبر هذا العام 2016، خلال الذكرى السنوية الأولى لهذا البرنامج الإنساني، حرص رئيس الوزراء الكندي على أن يلتقي بمجموعة من اللاجئين الذين استقبلهم في المطار العام الماضي، وأن يقف بنفسه على مجريات أمور استضافتهم في كندا، والتعرّف عن قرْب على معوّقات برنامجه والمشكلات التي تواجههم.

انعقد هذا اللقاء في أحد مطاعم مدينة تورنتو، وحضرته أيضاً الجهات الراعية لهؤلاء اللاجئين في كندا لمناقشة أمور تخص السنة الأولى من برنامج اللاجئين السوريين في كندا، وأهم العقبات التي تواجههم، وكيفية تجاوزها، وفي هذه الأثناء تكلّم أحد اللاجئين واسمه غرابديان، وهو طبيب أمراض نساء سوري، فقال: إنه شعر بالفخر لدى وصوله إلى كندا، وشعر بالاطمئنان والمسؤولية؛ لأن رئيس الوزراء كان في استقبالهم شخصياً قبل عام، وقال غرابديان: "هما كلمتان فقط قالهما لي رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو: أهلاً بك في وطنك. لقد كان لهما شديد الأثر، تخيل أنك جئت من منطقة حرب وتركت وطنك، لتجد من يقول لك هذه الكلمات!".

وأثار كلام اللاجئ السوري غرابديان – مع بقية اللاجئين الذين تركوا أوطانهم وفقدوا أولادهم وتشتت عائلاتهم وهدّمت بيوتهم وضاعت أموالهم وأملاكهم – مشاعر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو؛ لتنهمر دموعه حزناً وتؤثراً حيث رصدته كاميرا "سي بي سي"، وهو يسحب منديلا ويمسح عينيه في لحظات مؤثرة نشرتها الكثير من وسائل الإعلام تعبيراً عن أن مأساة الشعب السوري صارت أقلّ جزئياتها تشكل مأساة تهطل الدموع بسببها، فكيف بالقتل والتدمير الذي يجري على أرضها في مجزرة فاقت كل حدود الوصف والتصوّر.

جاستن ترودو، رئيس الوزراء الكندي، ليس عربياً، ولا تربطه بالثورة أو المعارضة أي علاقة، هو زعيم الحزب الليبرالي الكندي؛ لكن إنسانيته لم تحتمل هذه الجريمة في حق الشعب السوري ففتح بلاده للاجئيهم، وصفّى قلبه وأنصت سمعه لهم، فلم يتمالك نفسه من البكاء على حالهم الذي بات يُبكي الصخر، ومع ذلك ما لانت قلوب المجرمين الروس والميليشيات التي تفتك بأرواحهم وتغتصب أرضهم وتشرّدهم في فيافي الأرض، مشارقها ومغاربها.

سانحة:
سِهامُ الليلِ لاتَهدأ ولكنّ ** لها أمَدٌ وللأمَدِ انتهاء

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد