مرجباً، اسمي كلير، وأنا أتعافى من التفكير الزائد عن اللازم.
ماذا يعني ذلك؟ يعني أني أمضيت العديد من السنوات أفكر أكثر من اللازم فيما يظنه الآخرون بي. واليوم الذي أدركت فيه أن كل تلك الطاقة المبذولة بلا طائل، هو اليوم الذي تغيرت فيه حياتي للأفضل.
يتميز الأشخاص كثيرو التفكير بأنهم عاطفيون أكثر من اللازم. لكن اهتمامهم وقلقهم بشأن الآخرين، وتلك الرغبة النهمة في فعل الأشياء بشكل جيد، في بعض الأحيان، تؤثر بالسلب على قدراتهم في فعل الأشياء بالشكل الطبيعي.
من الممكن أن يتسبب ذلك في عجزهم عن القيام بأى فعل، ويساهم في إهدارهم الكثير من الوقت في تحليل الأحاديث، ماذا قالوا؟ ماذا لم يقولوه؟ ويؤثر ذلك بالسلب على ما يُفترض أن يكون إسهاماتهم الإيجابية في الأحاديث.
يمكن أن يتسبب التفكير الزائد عن الحد في شعورك المستمر بالقلق، ويعيق قدرتك على التعلم والنمو؛ لأنك لا ترى نمواً، بل ترى الفشل فقط.
هناك عدد لا نهائي من الكتب يخبرك بكيفية منع التفكير الزائد عن اللازم، أو تقدم لك دليلاً من 5 خطوات حتى تتمكن من إيقاف التفكير فيما يفكر الآخرون بك للآبد. لكني أسمي هذا هراء؛ لأنني كثيرة التفكير، ولا أؤمن أن التفكير الزائد شيء يمكن علاجه ببساطة، إنه جزء منك، لكن عندما تفهمه وتستخدمه بالشكل الصحيح، فإنه يتحول لمصدر للقوة لا الضعف.
الأسبوع الماضي، كنت أقوم بدورة تدريبية مع شخص يسعى للتغلب على التفكير الزائد عن الحد.
الحقيقة أنه لا يمكنك ذلك، لكن يمكنك تعلم كيف تستخدم التفكير الزائد عن الحد بالطريقة الصحيحة، حتى لا يتحول لمصدر ضغط.
ليس التفكير الزائد عن الحد الذي يسبب لك الضغط أو القلق، بل ما تفكر فيه أثناء مرحلة التفكير الزائد عن الحد. بين وقت وآخر، أجد نفسي أبالي بأشياء لا يجب عليّ الاهتمام بها، آراء الناس بشأني، وماذا قلت، أو لم أقل.
لكن الآن، عندما أجد نفسي في تلك الحالة، أسأل نفسي 3 أشياء:
أولاً: لماذا أفكر في ذلك؟ وهل يستحق أن أضيع طاقتي في التفكير به؟
ثانياً: هل سيصير ذلك الشيء أو الحدث مجرد أمر تافه خلال الـ6 شهور القادمة؟
وثالثاً: ما الدليل الذي أملكه؟
أ) أن ذلك الشخص لديه هذا الرأي الذي أظن أن يعتقده بشأني، ب) أو أن إسهامي في ذلك الشيء (الحدث) سيكون أقل من المستوى المطلوب.
ربما، لا يمكنك التغلب بشكل كامل على التفكير الزائد عن اللازم، لكن يمكن التحكم فيه، وامتلاكه، بدلاً من أن يتملكك التفكير الزائد عن الحد.
وها هي بعض الأشياء التي تعلمتها عن كثيري التفكير، وذلك من خبرتي كشخص لا يزال يتعافى (ولست متعافية تماماً):
نحن لسنا غير آمنين (مستقرين).. نحن فقط نفكر؛ نحن نفكر كثيراً، نفكر في أنفسنا، نفكر فيك، في ماذا تحدثنا به إليك، في ماذا قلنا خلال المقابلة (وما لم نقله)، أهذا هو سبب أنك لم تجب على بريدك الإلكتروني؟ أو لم ترد على مكالماتنا التليفونية؟ ألهذا السبب أشعر أن رأسي يحترق من كثرة التفكير فيما يظنه الناس بي؟ مثلما قلت، نحن نفكر كثيراً.
في بعض الأحيان، نحن نهتم أكثر من اللازم، عندما نعتقد أننا من الممكن أن نكون تسببنا في إزعاجك، فإننا نشعر بالضيق، وتتولد رغبة لدينا في إصلاح الأمور. ومفتاح تنفيذ ذلك هو إدراك أننا -في بعض الأوقات- نساعد الناس، بإخبارهم الحقيقة التي يحتاجون لسماعها.
قد يكون النوم أصعب جزء في يومنا، يصبح وقت النوم هو الوقت الذي يعيد كل أحداث اليوم نفسها في عقولنا.
مع كل التفكير الذي نقوم به، دائماً ما نخرج بأفكار جديدة، ونجد حلولاً. وجدت الأبحاث أن للتفكير الزائد عن اللازم آثاراً إيجابية.
يكمن التحدي في القدرة على تسخير ذلك التفكير ليخدم الأغراض الإيجابية، لا السلبية.
من الممكن ألا تكون كثير التفكير في جميع جوانب الحياة. في بعض الأحيان، يكون الناس كثيرو التفكير في جانب واحد فقط من حياتهم مثل: العمل، أو الأصدقاء، أو العائلة، وذلك بناء على أين يكمن شعورهم بعدم الأمان. ربما تجد أنك مطمئن وواثق في عائلتك، أو أصدقائك، وبالتالي لا تفكر فيهم أكثر من اللازم. لكن عندما تتذكر بداية أسبوع العمل في المكتب، فهنا يبدأ عقلك بالتفكير مستخدماً أقصى طاقته.
صار التفكير الزائد عن الحد كالوباء، ومع الضغط الذي تخلقه شبكات التواصل الاجتماعي، والتواصل المستمر بين الأشخاص، فيجب علينا أن نصبح أكثر مرونة فيما يخص تعاملنا مع التدفق الضخم من المعلومات الذي يصل إلينا.
لذلك، إذا كنت شخصاً كثير التفكير، فها هي 4 أشياء بإمكانك فعلها لمساعدتك على الخروج من ذلك الطريق (أو رأسك في حالتنا هذه)، واستثمار طاقتك في أشياء تستحق.
عندما تجد نفسك تفكر أكثر من اللازم، افعل الآتي:
دون ذلك، دون كل ما يدور في رأسك، وتخلص منه بالكتابة.
تكلم مع شخص ما، لكن تأكد أن ذلك الشخص سيكون على تواصل معك عندما تجد نفسك في تلك الدوامات من التفكير الزائد عن الحد.
استخدم وسائل لهو إيجابية، ذلك سيوقفك عن التفكير في الأشياء التي لا تريد التفكير فيها، إذا كنت تظل مستيقظاً في سريرك، آملاً في أن يغلبك النعاس، فلتقم، وافعل شيئاً ما لفترة من الوقت، وضع فيه كل تركيزك، وحاول مرة أخرى النوم بعدها.
أهم شيء، اسأل نفسك الـ3 أسئلة المذكورة بالأعلى، وحاول تغيير نمط تفكيرك.
هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأسترالية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الاصلية، اضغط هنا.