من أول مساعدة وإعانة حكومية للإخوان المسلمين بمبلغ وقدره 150 جنيهاً شهرياً مُقدمة من قِبل الحكومة المصرية فى المنصورة عام 1937 إلى حظر وإعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية فى عام 2013، بعد انقلاب دموي على أيدي العسكر فى مصر!
أمن الشعب المصري جميعاً بالملك فاروق كحامٍ لمصر من العدو الإنكليزي ومن الفسق الذي عاشته المجتمعات المصرية نتيجة تفشي البغاء والفسق في شوارع المحروسة.
الحزبية والإخوان والملك
كثير من المؤرخين، وخصوصاً محمد الباز في كتاب مدافع الإخوان، يتحدث عن أن الإخوان المسلمين دائماً ما كانوا يطلبون من الملك فاروق إلغاء الأحزاب؛ لينفردوا بعدها بالسلطة في مصر، ولكن في الحقيقة كان صحيحاً ما ذُكر، ولكن ليس لكي ينفرد الإخوان المسلمون بالحكم، فقد تولى الملك فاروق العرش في العام 1937 وبايعه الإخوان المسلمون، وخرجت جموع الشعب المصري أيضاً تبايع الملك فاروق في ريعان شبابه، ولكن في ذلك التوقيت كانت الحزبية في مصر تتغلب على القومية المصرية، فكان أعضاء الأحزاب يواجهون بعضهم البعض بالسلاح وحرب العصابات، يُذكر أيضاً أن حزب الوفد كان يُلقب في ذاك التوقيت بحزب الشعب، حتى انفصل الحزب وخرج وانشق منه بؤرة تُلقب بِحزب السعديين، الذي كان سبباً فى اغتيال حسن البنا رحمه الله.
كان الإخوان المسلمون على حق فى شأن الحزبية، فعندما جاءت الدبابات وحكمت مصر في انقلاب يوليو/تموز قام مجلس قيادة الثورة بحل الأحزاب ويترك جماعة الإخوان المسلمين؛ ليثبت للشعب المصري أن الأحزاب المصرية انشقت عن طريق الثورة والوطنية، باستثناء جماعة الإخوان المسلمين.
نقاط مشتركة بين الإخوان والملك
ما تعلمناه فى مدرسة الإخوان هو أن الحق ُيقال حتى ولو على حساب الدعوة نفسها، فلم يُنكر الإخوان المسلمون أن الملك فاروق كان عدواً للإنكليز، بل إن الملك فاروق كان على اتصال بالدولة النازية؛ حتى إن الإخوان المسلمين والسادات بذاته ذكر أنهم كانوا على اتصال بقوات المحور فى العلمين، وهو الأمر الذى أدى بالسفير البريطاني مايلز لامبسون إلى حصار قصر عابدين في عام 1942 في التوقيت نفسه الذي كانت قوات المحور تحتل العلمين وعلى بُعد قريب من الإسكندرية.
في ذاك التوقيت كانت مطالب السفير الإنكليزي من الملك فاروق أن يتنازل عن العرش لولي العهد الأمير محمد علي توفيق، وأن يترك حزب الوفد بقيادة مصطفى النحاس باشا يقوم بتشكيل الحكومة بمفرده.
هذه الخطوة التي أثرت على الشعب المصري قبل الملك فاروق نفسه، في إهانة من عدو إنكليزي للذات الملكية، والتي رفضها أيضاً الإمام البنا والإخوان المسلمون كفصيل من الشعب المصري؛ ليأتي بعدها الملك فاروق بـ9 سنوات ويأمر بقتل الإمام البنا.
لماذا الملك فاروق؟
بعد سقوط الخلافة وتدهور حال المسلمين والتوسع الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، كان يبحث المسلمون عن رجل يلتفون حوله، حتى يقول الإمام البنا ويستشهد بالحال الذي وصل إليه أغلب الشعب المصري من البُعد عن الدين، إنه عندما وصل مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني لكى يبحث عن مساعدة من مصر بلد الأزهر، وقابل حسن البنا وأخبره عن القضية الفلسطينية والتوسع الصهيوني؛ ليأمر البنا أولاده في الدعوة للخروج للشارع المصري لجمع التبرعات والمساعدات لفلسطين؛ ليفاجأ أن أغلب الناس لم تكن تعلم أين توجد فلسطين!
وكانت هذه هي العقبة التي واجهت الإخوان في الترويج للقضية الفلسطينية، ولهذا كان يأمل البنا في الملك فاروق الخير؛ لكى يكون الحصن والدرع والسيف للمسلمين.
الملك ولجوؤه للإخوان
اكتسح الوفد الانتخابات البرلمانية عام 1950 بنسبة 87% متفوقاً على حساب السعديين وغيره من الأحزاب، في وقت كان الإخوان المسلمون في صدمة وصراع داخلي نتيجة لاغتيال الإمام البنا رحمه الله؛ ليرجع الملك فاروق بعد استشارة البلاط الملكي؛ ليجد أمامه الإخوان المسلمين هم من يمكنهم التصدي للوفد، وفي الحقيقة لم يكن الإخوان على علم بنوايا الوفد والملك، ولكن قابل الإخوان الملك بحسن نية، فكما هو معروف دائماً ما يفضل الإخوان مصالح الوطن على مصالح الجماعة.
كان يطمح الملك فاروق في تولية الشيخ الباقوري خلفاً للإمام البنا، ولكن لم يحدث هذا بالرغم من أن الباقوري كان من المقربين للإمام البنا، وكان أيضاً وكيله، ولكن لأن الشيخ الباقوري اكتشف أمور التنظيم الخاص والقوة التي تتمكن في داخل التنظيم، ولكن مما زورهُ المُؤرخون أن الشيخ الباقوري كان غاضباً من الإمام البنا؛ لأنه لم يخبره بأمور التنظيم الخاص، هذا لم يحدث نهائياً فقد لعب الشيخ الباقوري دوراً كبيراً فى حمل هَم الدعوة بعد استشهاد الإمام البنا في اختيار مرشد للإخوان المسلمين حتى وبعد انقلاب يوليو/تموز، وترك الشيخ الباقوري للجماعة لم يتفوه بكلمة واحدة تُسيء للإخوان المسلمين في دليل صريح عن تربية الإمام البنا الحسنة.. يُتبع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
– مدافع الإخوان محمد الباز.
– أحداث صنعت التاريخ، محمود عبدالحليم، الجزء الثاني.
– البحث عن الذات، السادات.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.